قال رضا محمود إدريس، مستشار رئيس حركة النهضة للشؤون السياسية والخارجية، إن التجربة المغربية هي خلاصة حكمتين؛ حكمة الدولة المغربية في التعاطي مع الفرقاء والقوى الفاعلة في المجتمع، وحكمة الفاعلين السياسيين من اليسار إلى الحركة الإسلامية.
وشدد رضا إدريس في لقاء خاص مع pjd tv، على هامش المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، أن الديمقراطية في معناها الأعلى هو إمكانية التداول على السلطة، وأن التجربة المغربية أثبتت إمكانية هذا التداول.
واعتبر أن من أسباب هذا، وجود نظام ملكي ضارب في عمق التاريخ، وله تقاليد راسخة في إدارة الشأن العام، حيث توجد المؤسسة الملكية كعنوان لوحدة البلد والولاء الوطني، وهي نفسها كانت وماتزال تسمح بحياة سياسية نامية ومتطورة شيئا فشيئا.
وأبرز رضا إدريس أن هذا السياق، سمح لنا بأن نصل اليوم إلى أن تكون تجربة العدالة والتنمية تجربة فريدة، إذ أتيحت للحزب الفرصة بأن يكون في المعارضة، وأبان عن معارضة شديدة، وعن مسؤولية أيضا في معارضته، مما أهله لأن يكون جزءا من الحكم، وتداول لعهدتين متتاليتين رئاسة الحكومة.
وذكر الفاعل السياسي التونسي أن أداء حزب العدالة والتنمية مع شركائه في الحكومة، سواء الأولى بقيادة الأستاذ عبد الإله ابن كيران أو الثانية بقيادة الدكتور سعد الدين العثماني، قائمة على الشراكة، وهو ما مكن الحكومتين من تحقيق مجموعة من المنجزات الكبيرة للمغرب، على المستوى الاقتصادي التنموي والخدمات الاجتماعية الإصلاحات، وهو ما لم يتح لتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس.
وشدد رضا إدريس، أن العمق الفكري هو خزان الأداء السياسي الحقيقي، وفي هذا تشترك حركة النهضة التونسية مع حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن هذا العمق سمح لهما بتأصيل معنى الديمقراطية، وتأكيد أن لهم ما يضيفون لها، لكن لا يدعون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، كما أن الحركة والحزب يرفضون الاستبداد والقهر، ويؤكدون أن مشاركتهم في الحكم هي من أجل الناس، وليس لمصالح شخصية أو منافع ذاتية، إضافة إلى السهر على وحدة الأوطان وعدم الذهاب بالخلافات أو الصراعات إلى ما يهدد وحدة الوطن والمجتمع.
وبشأن الوضع التونسي الحالي، قال رضا إدريس، إن بلاده مع قيس سعيد، لم تتمكن من الحفاظ على المكاسب الديمقراطية، ولا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي الذي كانت تعرفه البلاد ما قبل وصوله إلى السلطة والانقلاب على الدستور.
وأشار إلى أن حركة النهضة تبحث عن حل لإنقاذ البلاد، لأن ما يحدث يهدد الوحدة والتماسك المجتمعي، فضلا أن سعيد أدخل الدولة في مغامرة خطيرة للتنكر لكل العلاقات الشراكة القوية التي رسختها تونس تجاه الجوار المغاربي والإفريقي والاتحاد الأوربي.
واعتبر أن الحركة أمام جدلية ضرورية لإعادة بناء الحزب والنضال من أجل عودة الديمقراطية في تونس، ومكتسبات ثورة الياسمين، مشددا أنه لا توازن ولا استقلال دون حرية وديمقراطية.
وبخصوص علاقات تونس والمغرب، قال رضا إدريس إنه لا أحد من القوى التونسية كانت تتوقع أن تصل علاقات تونس والمغرب إلى هذا المستوى من الجفاء، خاصة وأنها علاقاتهما ضاربة في عمق التاريخ، اجتماعيا وتاريخيا وفقهيا ودينيا وسياسيا.
ونوه في هذا الصدد بزيارة الملك محمد السادس لتونس عام 2014، حيث كانت زيارته وتجواله في تونس رسالة للعالم بأن هذا البلد آمن ومستقر.
وأشار إلى أن كل النخب التونسية تدرك أن الذي يناسب تونس هو موقف محايد في قضية الصحراء، لأن الأصل في الموقف أننا مع وحدة المغرب العربي ككل، ونرفض التوجهات والنزعات الانفصالية، وفكرنا يأبى خلق أي كيان جديد.
وخلص إلى أن الأشقاء في المغرب كانوا يتفهمون هذا الموقف، غير أن قيس سعيد خرج عن هذا الموقف الثابت وانزاح عنه بشكل غير مقبول.
رابط المشاركة :
شاهد أيضا
