نعيمة بويغرومني تكتب: نموت من الشبع… وهم يموتون من الجوع!

نعيمة بويغرومني


 

في زمانٍ نحسب فيه السعرات الحرارية، ونناقش فوائد “الكيتو” و”الديتوكس”، وصار ولعنا بـميزان قياس الكتلة الجسمية يضاهي ولعنا بالهاتف النقال… هناك على الطرف الآخر من الأمة، من لا يجد لقمة يسدّ بها جوعه، ولا ماءً يبلّ به ريقه.
ففي فلسطين، يصومون لا تعبّدًا ولا رغبة في الرشاقة، بل لأنهم لا يملكون شيئًا يأكلون… فقد أكلوا أوراق الشجر وجلد السلحفاة كرهًا…

لله ذرك أيها الفاروق حين قلت وقولك حق: “يشبع القوم وجارهم جائع، أمرٌ ما سمعت به في دين محمد!”
أجل، قالها الفاروق، بصوت يجلجل عدلاً، فهل سمعناها نحن؟

لقد كانت العرب تقول: “الجوع كافر”، واليوم الجوع أصبح قاتلاً، يحصد أرواح الأطفال ويغتال كرامة الكبار.

وقال السلف: “لئن أبيت طاوياً وأبيت مع إخواني، أحبّ إليّ من أن أشبع وحدي.”
وقال حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم: “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.”
قالوا وقالوا وقالوا… ولا عبرة لنا في ما قالوا… وكأن قلوبنا صارت غلفًا وآذاننا من الصمم تشكو…

في غزة، تُدفن الطفولة بلا أكفان،
وفي نابلس، الجوع يقرع الأبواب بلا رحمة،
وفي القدس، تنام أمٌ على حجرٍ بعدما باعت آخر ما تملك لتُطعم صغارها.

ونحن؟ نتذمّر من التخمة!
ننتقل بين المطاعم، ونملّ من كثرة الاختيارات، ونكسر الدايت بـحلوى لم يعُد طعمها يُرضينا… وبـ**”كلاص” بمختلف النكهات** لكنه لا يوافق ذوقنا “المتقلب”…

يا أمة الإسلام!
أما لهم بيننا قلبٌ يُعانق جرحهم؟
أما لنا دمعة؟ أما لنا نخوة؟

أفيقوا يا أمة محمد!
ما عاد يكفي الدعاء… ما عاد يكفي الحزن الصامت.
بل يحتاج الأمر إلى أيدٍ تعطي، وأصواتٍ تصرخ، ومواقف لا تهادن.

سيُسأل كلٌّ منا يومًا:
هل شبعت، وتركتهم جياعًا؟
هل لبست، وتركتهم عراة؟
فما جوابك؟
هل ستقول: “كنت مشغولاً بأنواع الأكل وأنظمة التخسيس”؟

يا أمة الإسلام، لا تسقطوا في امتحان الكرامة.
ففلسطين لا تحتمل خذلانًا آخر.
يا أمة محمد، لو أن لي بكم قوة… ما استجديتكم!

يا أمة الإسلام،
لم أجد بين الكلمات ما يواسي الجرح، ولا بين العبارات ما يوقف سيل الدم،
لكن صوت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يعلو من بين ركام النسيان ليقول:
> “إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة.”
فبأبي أنت وأمي يا رسول الله،
إن أمتك اليوم قد ضيّعت الأمانة… فهل ننتظر الساعة؟
أم نفيق ونردّ الأمانة ….

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. الحكام أختي هم السد وهم الحاجز وهم الكارثة التي حلت بالشعوب المغلوبة المقهورة.أنتهى الكلام