تفاعلا مع رئاسة روسيا المرتقبة لمجلس الأمن الدولي خلال شهر أكتوبر، والتي تتزامن مع استمرار عضوية الجزائر غير الدائمة بالمجلس، وأثر ذلك على مخرجات الدورة على قضية الصحراء، قال دداي بيبوط، الباحث في التاريخ المعاصر والحديث، إن الجزائر تراهن على هذا الظرف الدولي لإقناع موسكو بطرح مخرجات جديدة داخل مجلس الأمن حول ملف الصحراء، غير أن هذا المسعى يصطدم بتغيرات جوهرية طرأت على الموقف الروسي منذ نهاية الحرب الباردة.
وأكد بيبوط في تصريح لـ pjd.ma أن “موسكو باتت تتبنى دبلوماسية أكثر واقعية تتأسس على المصالح طويلة المدى لا على الاعتبارات الإيديولوجية القديمة”.
واستحضر بيبوط أن موسكو التي دعمت أطروحة الجزائر في الماضي انطلاقا من منطلقات سوفياتية بدأت تتخلى عن ذلك بعد سنة 1998، حين دخلت روسيا مرحلة إعادة بناء سياستها الخارجية على أسس براغماتية، من أجل تثبيت موقعها في نظام عالمي متغير تقوده أحادية قطبية أمريكية.
وبحسب المتحدث ذاته فإن موسكو لم تُفرط يوما في علاقاتها مع المغرب، رغم تقاربها السابق مع الجزائر، بل ظلت تحرص على التوازن وتفادي القطيعة، إدراكا منها أهمية المملكة كفاعل سياسي واقتصادي محوري في شمال إفريقيا، مضيفا أن “التحول الأكبر سجّل منذ سنة 2007، عقب تقديم المغرب مقترح الحكم الذاتي الذي لقي ترحيبا دوليا واسعا”.
وأبرز بيبوط أن تصويت روسيا لصالح القرارين الأمميين 1282 لسنة 1999 و1301 لسنة 2000، اللذين أقرا باستحالة تطبيق خطة التسوية واستمرار الخلافات بشأن الهيئة الناخبة، يعكس بداية التحول التدريجي في موقف موسكو، وتخليها العملي عن فرضية الاستفتاء كحل نهائي للنزاع المفتعل.
وتابع المتحدث ذاته بأن هذا المسار استمر خلال العقدين الأخيرين، حيث بدأت روسيا تصوت على قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالنزاع بشكل متزن، يؤكد دعمها جهود المبعوثين الأمميين ولخطة سياسية واقعية ومقبولة من الطرفين، مع رفضها أي تغيير في ولاية بعثة المينورسو، وهو ما يظهر اتساق موقفها مع مبادئ الاستقرار الإقليمي واحترام سيادة الدول.
وأوضح الباحث في ملف الصحراء أن موسكو رغم استقبالها المتكرر وفود البوليساريو لم تعترف مطلقا بهذا الكيان كدولة؛ وهو ما يبرز تريثها في ملف معقد تحكمه موازين قوى دقيقة وحسابات إستراتيجية تتجاوز علاقاتها التاريخية بالجزائر، مبرزا في الآن ذاته أن “رهان الجزائر على تغيير روسي مفاجئ بخصوص النزاع لا يجد له سندا في الواقع الجيو-إستراتيجي الحالي”.
وأكمل بيبوط حديثة بالتأكيد على أن أي محاولة جزائرية لاستغلال رئاسة موسكو مجلس الأمن في أكتوبر المقبل لن تنجح في زحزحة الموقف الروسي المتسم بالاتزان، الذي يراعي استحالة تطبيق الحلول القديمة، ويثمّن الجهود السياسية الواقعية؛ في سياق دولي يزداد دعم مقترح الحكم الذاتي وتتوالى الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
رابط المشاركة :
شاهد أيضا