الكبيري يكتب: العزوف… التحدي الأكبر أمام النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي

محمد كبيري


نظم حزب العدالة والتنمية مؤتمره الوطني التاسع، و قد عرف هذا الاستحقاق الذي كان من المفروض أن يكون مناسبة تنظيمية عادية، دأب الحزب على تنظيمها كل أربع سنوات، متابعة واسعة ليس فقط من طرف وسائل الإعلام، ولكن أيضا من طرف متتبعي الشأن السياسي، بل من طرف فئات واسعة من المواطنين.
المؤتمر التاسع للحزب، عرف نجاحا كبيرا فاق كل التوقعات، وحمل في شكله ومضمونه إجابات عن بعض أعطاب السياسة في بلدنا، خاصة على مستوى الديمقراطية الداخلية، حيث إن استمرار المداولات لخمس ساعات وبأزيد من 120 مداخلة لحسم التنافس لاختيار الأمين العام للحزب، يعد حدثا ناذرا في السلوك السياسي لجل الأحزاب المغربية التي تلجأ إلى سياسة التوافقات القبلية قبل عقد مؤتمراتها و اختيار قياداتها.
المؤتمر جسد في شقه الداخلي عند حزب العدالة والتنمية تطبيقا عمليا للشعار الذي رفعه المؤتمر وهو “النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن”، حيث أن الاختيار الديمقراطي كثابت من ثوابت الأمة المغربية ينبغي أن يتجسد فعليا في مختلف المؤسسات و من ضمنها المؤسسات الحزبية.
وبالمناسبة – والمناسبة شرط كما يقال- ما هي أولويات النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي ببلادنا، حتى نجعل بلدنا يتفادى مخرجات انتخابات 8 شتنبر 2021، و ما أفرزته من مؤسسات ليست فاقدة فقط للكفاءة والقدرة على تدبير الشأن العام، بل لقد جيء بنخب – إن صحت تسميتها تجاوزا بالنخب- غارقة في تضارب المصالح والاستفادة من الموقع لمراكمة الثروات، ولا أدل على هذا حجم المتابعات والأحكام الصادرة في حق العديد منهم، وغير ذلك من المطبات… بل وصل الحد إلى درجة التصريح العلني بذلك في مؤسسات رسمية ولقاءات حزبية، وكل ذلك على حساب مصالح المواطنين، ومقدرات معيشهم اليومي.
إزاء ما يعرفه المشهد السياسي اليوم من ميوعة في الالتزام السياسي وهشاشة في الكفاءة التدبيرية، أضحى النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي ببلدنا، واجبا عينيا على الجميع، ليس فقط لاستئناف التراكم الإيجابي للتجربة الديمقراطية المغربية الصاعدة خاصة بعد دستور 2011، وليس فقط باعتبار الحفاظ على الثوابت الوطنية يلزم الجميع، وفي ذلك احترام للدستور وتقيد بالقانون… وإنما لأن الضربات التي باتت تتلقاها الممارسة لسياسية ببلادنا مع شلة الجمع بين المال والسلطة، أضحت تشكل خطرا على هذا لاختيار وعلى مصداقيته، فتلك الفئة ما فتئت تسعى إلى تشكيل عزلة مقصودة بين الممارسة السياسية كفعل يوميمقصود وهادف يصبو إلى تحقيق مصالح الناس العليا وتدبير شؤونهم بشكل فاعل تطبعه المسؤولية الحقيقية والمحاسبة الحقة، وبين ما تفرزه صناديق الاقتراع عن طريق إغراق عملياتها بالمال وشراء الذمم، لا سيما في ظل العزوف الكبير الذي أصبح موقف العديد من المواطنين الذي وقعوا ضحية التضليل الإعلامي والتبخيس والتيئيس من السياسة و مخرجاتها.
إن النضال اليوم ينبغي أن يتوجه بشكل مستعجل للوعي الجماعي للمواطنين، لضمان مشاركتهم الواسعة، واختيارهم الحر لمن يتولى تدبير شؤونهم، وحتى لا يتكرر ما حدث أشهرا قليلة بعد انتخابات 8 شتنبر، حين رفعت فئات واسعة من المواطنين شعار”ارحل” في وجه رئيس الحكومة.
إننا اليوم في أمس الحاجة إلى دراسات، تقف على أسباب العزوف الانتخابي للمواطنين، ومن ثم تبني سياسة تواصلية مكثفة من أجل إعادة الثقة لدى المواطنين في العمليات الانتخابية، وحتى تستعيد الممارسة السياسية جاذبيتها وتصير ذات دلالة، إذ لا معنى للممارسة سياسية لا تنعكس نتائجها من خلال صناديق الاقتراع.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.