المال والابتزاز مقابل الماستر والدكتوراه : . ناقوس خطر يهدد مصداقية الجامعة وشواهدها ..والحاجة للصرامة في مواجهتها ….
انتشر على وسائط التواصل الاجتماعي تسجيل صوتي يساوم فيه أستاذ جامعي بمبلغ أربعة ملايين لضمان تسجيل في الماستر.. . وإذا كان مجرد التسجيل تلك هي سومته؟ فهل هو ذلك هو حد المساومة ومبلغها .. أم أنه يمكن أن تكون هناك أشكال أخرى للمساومة؟
إن فضيحة المتاجرة في الماستر، فضيحة مدوية وخطيرة، وتكشف أن الفساد أصبح ظاهرة مستشرية لم يسلم منه مجال من المجالات؛ بل إن ” لعنته ” أصابت الجامعة المغربية التي كان يُظن أنها محصنة ضده .. وأنه يرتبط أساسا بالإدارات العمومية التي لها صلة بتقديم خدمات لفئات عريضة من المواطنين من قبل تراخيص البناء أو فتح محلات تجارية والترخيص بفتح عيادات أو مطاعم أو محلات تجارية .. إلى غير ذلك مما يرتبط بقرارات لجهات إدارية وسلطات جماعية ومركزية وقطاعية.
لكن أن يصل الفساد ويخترق حصون الجامعة ويصبح الحصول على الشهادات الجامعية موضوع ابتزاز ورشوة ومحسوبية .. فإن ذلك مؤشر لمنحدر خطير واستشراء متزايد لظاهرة الفساد ..إلى درجة أنه اخترق مؤسسات الجامعة …. ويعلم الله إلى أين سيصل مع تزايد الهشاشة الدينية والأخلاقية تجاه زحف الفساد واختراقه لفئات كانت تعتبر نموذجا في الاستقامة والنزاهة وتعتبر” قدوات اجتماعية “.
ودون شك فإنه لا يجب الحديث بلغة التعميم. لكن هذه الحادثة وأمثالها تدق ناقوس الخطر. .. كما تعكس من جهة أخرى اتساع القابلية للاختراق من آفة الفساد في مختلف المستويات الاجتماعية …. ويعلم الله وحده ماذا يحدث في الخفاء مما لم ينكشف أمره وتزكم رائحته الأنوف!!!!
هناك حديث يتداول حول كون النازلة الأخيرة المسجلة ليست سوى “مظهر من مظاهر فساد عارم يعتري جامعاتنا بدون استثناء، حيث الرشوة والزبونية والمحسوبية وأحيانا الابتزاز الجنسي .
وأنه أضحى قاعدة أساسية في الولوج إلى سلك الماستر والدكتوراه، عوض مبدأ الاستحقاق.. ورغم ذلك يتعين الحذر من التعميم … كي لا تظلم الجامعة ورجالاتها ونساؤها أساتذة وأطرا…
قد يتحدث البعض وربما قد يبالغ في التأكيد أن الفساد قد أصبح مستشريا ويضرب قطاعات ومستويات من مجتمعنا بما في ذلك المؤسسة الجامعية.. وفي ضوء سوء التدبير الذي تعاني منه تلك المؤسسات وخاصة على مستوى الحق في الولوج إلى التعليم العالي بها، والمكفول بمقتضى الدستور والقوانين المصاحبة لتطبيقه؛
لكن فضيحة المتاجرة في ” الماستر ” تدق نافوس الخطر وهي تقتضي من جهة أولى فتح تحقيق شامل وصارم في النازلة من جهة، كما تقتضي من جهة ثانية سد الباب أمام منعدمي الضمير وإغلاق كل المنافذ في وجه ممارستهم للابتزاز والمساومة وربما لأشياء أخرى تتجاوز ذلك …وإغلاق كل الأبواب التي يمكن أن ينفذ منها منعدمو الضمير لضرب مبدأ الاستحقاق وتكافؤ الفرص والمساواة، وبما يؤدي لحفظ سمعة الجامعة المغربية ومكانتها وقيمتها العلمية والأخلاقية. خاصة وأن تصريحات بعض المسؤولين الطلابيين تشير إلى حالات ابتزاز بعض الطلبة والطالبات قد تأخذ أشكالا تبدأ من الرشوة إلى التزوير والبيع والشراء في الشهادات الجامعية.
فهل يمكن أن نستنج أنه في حالة فساد السياسية فإن المجال يصبح مترعا أمام كل أنواع الفساد ..
إن جرأة البعض على المتاجرة في الشواهد الجامعية العالية ليس أكثر خطورة من المتاجرة في العملية السياسية الانتخابية.. إن هذا النوع الأخير من المتاجرة يقدم نموذجا مصغرا لكيفية الحصول على مناصب سياسية في البرلمان أو في الجماعات أو في الحكومة من خلال الفساد الانتخابي والمال الانتخابي … والحصول على مقعد انتخابي برلماني أو جماعي أو حكومي غير مستحق أي من خلال ” الرشوة الانتخابية ” ليس أقل خطورة من الحصول على ماستر من خلال ” الرشوة العلمية “.. هي الفرعنة السياسية والفساد الانتخابي الذي يهيئ البيئة الفكرية والنفسية. هي أيضا القابلية للفساد التي تعزز القابلية للفساد .. هي القابلية للفساد التي تمكن لهذا الأخير أن يمد يديه ورجليه.
ومن ثم فإن المعالجة ينبغي أن تكون من جهة معالجة قانونية زجرية صارمة. ومن جهة أخرى معالجة تربوية تخلق الحصانة الذاتية ضد القابلية للفساد.