عبد الله بووانو
تابعت باستغراب شديد الخرجة الإعلامية التي أطل علينا من خلالها عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عبر برنامج “نقطة إلى السطر” الذي بثته القناة الأولى العمومية، يوم الثلاثاء 27 ماي 2025.
ولأن هذه الخرجة كانت مليئة بالإساءة وبالافتراء وبالهرطقة وبالكذب كذلك، ولأنها كانت عبر قناة عمومية، قدّرت أن أسجل عددا من الملاحظات، وأدلي ببعض المعطيات والحقائق، لعل رئيس الفريق الاشتراكي يقرأها، ويعود لرشده ويحرر نفسه من هذه التبعية العمياء لادريس لشكر، ويتذكّر أن ما نالته قيادات اتحادية تاريخية من لشكر، ينتظره هو الآخر، وهو الملتحق أخيرا بالاتحاد الاشتراكي.
أولا، من حيث الشكل، فإن القناة الأولى وضعت نفسها في موضع شبهة خرق القوانين المؤطرة للاتصال السمعي البصري، من خلال استضافتها لرئيس الفريق الاشتراكي، وتمكينه من الرد على ندوة صحافية عقدها حزب العدالة والتنمية، بمعنى أن هذه القناة قد تكون وضعت برنامج نقطة إلى السطر رهن إشارة حزب سياسي للرد على حزب آخر.
وهذا يشوش على أدوار الإعلام العمومي، وكان على القناة الأولى أن تترك حزب الاتحاد الاشتراكي يرد علينا إذا أراد ذلك بطرقه الخاصة، وليس عبر الإعلام العمومي، وإذا ما تأكدنا من هذا الأمر، فإن القناة الأولى مطالبة بتمكين حزبنا من حق الرد على كل الإساءات والافتراءات والأكاذيب التي قيلت حول حزبنا في بلاطو برنامج نقطة إلى السطر، وقد نلجأ إلى المساطر القانونية التي تكفل لنا هذا الحق.
ثانيا، من حيث المضمون، فإني كنت أعتقد بأن ولوج عبد الرحيم شهيد لمجلس النواب، عبر حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي لم يلتحق به إلا في السنوات الأخيرة، بعد أن ظل يمارس السياسة وأشياء أخرى باسم تنظيمات أخرى، بعضها لا يؤمن بالعمل المؤسساتي، سيغير ويرشد خطابه، من العدمية والحقد الأيديولوجي الذي ألفه في الجامعة، إلى لغة مؤسساتية تعبر عن الاختلاف السياسي العادي والطبيعي دون تجني أو سقوط أخلاقي.
لذلك لم أجد مبررا لاستعمال كلمات مثل “الذئاب” و”السعار”، من طرف رئيس الفريق الاشتراكي أثناء حديثه المتشنج، إلا كونه لم يتخلّ بعد عن لغة الصراع الثوري والدموي، ولغة “عرقلة ما يمكن عرقلته في أفق العرقلة الشاملة”، واعتقد بأن المتحدث نسي أن السياسة رغم حدة الخلاف فيها في بعض الأحيان، تبقى رسالة نبيلة، والفاعلون فيها عليهم أن يكونوا قدوة لباقي المواطنين في الخطاب والممارسة، وان يمارسوها كمسؤولين ومنتخبين لخدمة الوطن والمواطنين، وليس للبحث عن كنز ما أو غيره !
أما عن موضوع ملتمس الرقابة، فأحيل على الندوة الصحفية التي عقدها حزبنا، فإن فيها شرحا كافيا ووافيا، حول كرونولوجيا إثارة الملتمس، وكيفية طرحه من جديد بشكل جماعي من طرف رؤساء فرق ومجموعة المعارضة، وكيف أن حضور رئيس الفريق الاشتراكي يعتبر طيا لصفحة المقترح الأول، لكن بصدق، لم نفهم انقلاب فريقه، على الاتفاقات التي جرت فيما بيننا كرؤساء فرق ومجموعة المعارضة، والغريب أن كذبه تجاوز حزب العدالة والتنمية إلى باقي أطراف المعارضة.
وأذكره بأن لقاءنا يوم 04 ماي 2025، توجهت له أنا ورئيس التقدم والاشتراكية، بالتساؤل حول ضمانات عدم التراجع عن ملتمس الرقابة، وأكد لنا التزامه بالذهاب بعيدا في المبادرة ولن يتم التراجع عنها بأي مبرر، واطلعنا جميعا على مسودة المذكرة كما أعدها الفريق الاشتراكي، وأبدينا بشأنها ملاحظات، ثم اتفقنا على إعادة صياغتها، واتفقنا على عقد ندوة صحافية وشرعت إداراتنا في الإعداد المادي واللوجيستي لها، كما اتفقنا على أن يكون توقيع نوابنا عليها توقيعا حيا.
وتقدمنا في الاجتماع نفسه، أي يوم 04 ماي، بمقترحات لتذويب الخلاف حول تقديم مذكرة ملتمس الرقابة، وفي لقاء 12 ماي 2025، اتفقنا على ضرورة إنجاح المبادرة لأهميتها السياسية وعدم الوقوف عند الشكليات، وحددنا موعد 18 ماي لعقد اجتماع للحسم من خلال تجاوز الشكليات، وإصدار بلاغ مشترك في الموضوع.
ولن أدلي بأي كلمة مما قاله رئيس الفريق الاشتراكي في اللقاءات التي جمعتنا كمسؤولين عن مكونات المعارضة في مجلس النواب، لأن ما قاله كبير وثقيل، ولا أعرف كيف يؤمن به أصلا وهو رئيس فريق بمجلس النواب، وينتمي لحزب مرجعي في الحياة السياسية، رغم أن قيادته الحالية فاقدة للبوصلة، وحرّفت أطروحة هذا الحزب وأدخلته في متاهات البحث عن اعيان الانتخابات وأصحاب “الشكارة”، وهذه مناسبة لأوكد أن حزب العدالة والتنمية لا مشكلة لديه مع حزب الاتحاد الاشتراكي، وإنما لديه مشكل مع كاتبه الأول فقط لأسباب يعلمها هو جيدا !
وأقول لرئيس الفريق الاشتراكي، أن لغة الحقد الايدولوجي والتحريض ضد حزب العدالة والتنمية، لن تفيد، لأنه مطمئن لعلاقته بالدولة وبالشعب وبمختلف الفاعلين، بالنظر لصدقه ومصداقيته، واختياره خدمة الوطن أولا، إيمانا وقناعة، وليس ابتزازا وتسولا لمناصب هناك وهناك.
أختم هذه الفقرات، بتجديد الاستغراب للحقد الذي رافق رئيس الفريق الاشتراكي ببرنامج نقطة إلى السطر على القناة الأولى، تجاه العدالة والتنمية، حيث خصص له البرنامج 40 دقيقة من أصل 53 للحديث عن ملتمس الرقابة، ذكر فيها العدالة والتنمية وقيادته 37 مرة، أي بمعدل مرة كل دقيقة، وليس هناك ما يفسر كل هذا الحقد سوى فقدان الإرادة، بعد فقدان الاستقلالية أمام ادريس لشكر، وطبيعي فقدانهما، مادام حزب الاتحاد الاشتراكي اختلط دمه بدم العائلة.