نور الدين: اعتراف كينيا بمغربية الصحراء تتويج لمسار يقوده الملك وأوان طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الافريقي قد حان

اعتبرت جمهورية كينيا المخطط المغربي للحكم الذاتي بمثابة المقاربة المستدامة الوحيدة لتسوية قضية الصحراء، مشيدة بالتوافق الدولي المتزايد والدينامية التي يقودها الملك محمد السادس الداعمة لهذا المخطط.
وعبرت جمهورية كينيا عن هذا الموقف، في بيان مشترك صدر عقب لقاء جرى، الاثنين بالرباط، بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والوزير الأول، وزير الشؤون الخارجية وشؤون المغتربين بجمهورية كينيا، موساليا مودافادي.
تتويج لمسار طويل
وفي قراءاته لهذا التحول، اعتبر الخبير في العلاقات الدولية، أحمد نور الدين، أن الاعتراف الكيني الأخير بمغربية الصحراء وإغلاق تمثيلية جمهورية تندوف الوهمية في نيروبي، هو “تتويج” لمسار طويل من العمل الدبلوماسي المغربي الذي قاده جلالة الملك منذ زيارته لذلك البلد المحوري في شرق إفريقيا سنة 2016.
وهو عمل بحسبه “طويل النفس سعى ليس إلى تحقيق مواقف متسرعة، بل إلى بناء قناعات راسخة، بشرعية مغربية الصحراء على أسس تاريخية لا يرقى اليها الشك، وعلى أسانيد قانونية لا يطالها النقض، اعتراف لا يتغير بتغير الرؤساء والحكومات”.
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير في العلاقات الدولية في تصريح لـpjd.ma، أن المغرب قام بفضح الخلفيات الاستعمارية الأوربية لتقسيم المغرب سابقًا، كما فضح التوظيف السياسي لاحقا من طرف الجزائر التي استلمت مشعل التقسيم الاستعماري لضرب مصالح المغرب والحيلولة دون استكماله لوحدة أراضيه المقتطعة، لأن الجزائر، كما تؤكده تصريحات رؤسائها منذ بن بلة وبومدين إلى تبون كانت دائما تخشى أن يطالب المغرب بالصحراء الشرقية إذا استقر له الأمر في الصحراء الغربية، خاصة وأن هناك اتفاقا بهذا الشأن وقعه فرحات عباس، رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1961.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن الرئيس الكيني الحالي وليام روتو كان قد عبّر سنة 2022، عن دعمه للوحدة الترابية للمملكة، غير أن التدخلات الجزائرية بواسطة دبلوماسية “شراء الذمم” أجّلت ترجمة ذلك إلى خطوات رسمية طيلة السنتين الماضيتين.
وأبرز أن الرئيس الكيني لم يتخلّ عن قناعاته، واستطاع أن يزيح الحرس القديم الذي كان يستفيد من ريع وحقائب البترودولار الجزائري، لتعود نيروبي إلى جادّة “الشرعية التاريخية” وتنتصر لمغربية الصحراء، وتدق المسمار الأخير في نعش النظام العسكري الجزائري ومشروعه الانفصالي، في واحدة من أقدم الدول التي اعترفت بالكيان الانفصالي.
انعكاسات الاعتراف الكيني

وعن انعكاسات هذا الموقف على الاتحاد الإفريقي، أكد نور الدين أنه “قد آن الأوان لطرد جمهورية تندوف الوهمية، وإلا فما جدوى هذه الاعترافات؟ وما جدوى فتح القنصليات؟ إذا لم يكن لها أثر قانوني وسياسي داخل المنظمة الافريقية”.
كما أن الظروف الجيوسياسية يشدد المتحدث ذاته، كلها تدعم هذا الطرد، فحاضنة المشروع الانفصالي، الجزائر، تعيش عزلة دولية وافريقية، و75 في المائة من الدول الإفريقية لا تعترف بجمهورية ابن بطوش، وهذا الكيان لا تتوفر فيه مقومات الدولة، وأوضح أن الاتحاد الأفريقي يعتبر تجمعاً للدول وليس نادياً للحركات الانفصالية، معتبرا أن إقحام هذا الكيان داخل الاتحاد تم في انتهاك صريح للفصل الرابع من ميثاق المنظمة الافريقية آنذاك، ومعلوم أن ما بُني على باطل يبقى دائما باطلاً.
وأوضح الخبير في العلاقات الدولية، أن المادة 32 من الميثاق الحالي للاتحاد الإفريقي تُجمد عضوية ثلاث دول إفريقية قائمة الذات وهي مالي والنيجر وبوركينافاسو بسبب تعطيل الدستور والانقلاب على المؤسسات المنتخبة، فكيف يسمح الاتحاد الإفريقي بوجود كيان تندوف الذي ليس له دستور أصلا؟، وليست له مؤسسات منتخبة؟، ويخضع لقبضة ميليشيات مسلحة، ويتواجد فوق آراضي دولة أخرى هي الجزائر، ولا يملك عملة ولا جوازات سفر غير الجوازات الجزائرية، ولا يملك أي مقوم من مقومات السيادة الأخرى؟!
أمام كل هذه البراهين والحيثيات والأدلة القانونية يؤكد نور الدين، وفي ظل الظروف الدولية الملائمة، “لا أدري ماذا تنتظر وزارة الخارجية المغربية لمباشرة مسطرة الطرد؟؟”.
وشدد على أنه من غير المقبول بعد تسع سنوات من عودة المملكة إلى المنظمة الإفريقية “أن نقبل بوجود كيان في الاتحاد الإفريقي يزعم أنه يمثل جزءا من أراضي المملكة، فهذا اعتداء شنيع على سيادة المملكة”.
الجزائر فقدت التوازن
وبيّن أن الجزائر تعيش حالة غير مسبوقة من فقدان التوازن بفعل الضربات القاتلة والمتتالية التي تتلقاها في مختلف المحافل الدولية، وآخرها وفي هذا الشهر لوحده تم إغلاق تمثيلية جبهة “البوليزاريو” الانفصالية في دمشق، كما أن فرنسا رسخت حضورها القنصلي في العيون بافتتاح مكتب للتأشيرات، وأشار إلى أن السالفادور تبحث مع المغرب إمكانية فتح قنصلية بالداخلة أو العيون، “دون أن ننسى الحصار المطبق على الجزائر من جهاتها الأربع مع مالي والنيجر وليبيا والمغرب”.
كما أشار إلى موريتانيا التي أغلقت أحد المعابر مع دولة الجنرالات، وأيضا يسترسل أحمد نور الدين “الأزمة الحادة مع فرنسا والإمارات العربية المتحدة بسبب موقف البلدين الداعم لمغربية الصحراء، وقبل ذلك الأزمة مع إسبانيا التي شهدت سحب السفراء وتجميد اتفاقية الشراكة..”.
وخلص إلى أن الجزائر تعيش “خريف” مشروعها التخريبي الانفصالي الذي أنفقت عليه مئات المليارات على حساب مصالح شعبها الذي يعاني أزمات معقدة ومركبة اقتصادية واجتماعية وسياسية، واعتبر أنها “تعيش صراع الأجنحة داخل مؤسستها العسكرية، من مظاهره سجن حوالي أربعين جنرالا وفرار خمسة جنرالات إلى الخارج، ومن مظاهره تعيين الجنرال آيت واعرابي هذا الأسبوع مديرا للمخابرات، وهو الذي كان يقبع في السجن منذ 2015 بتهم تتعلق بالإرهاب”.
وجدد تأكيده أن حبل المشنقة ملتف حول عنق النظام العسكري الجزائري، و”قد آن أوان سقوطه في الحفرة التي حفرها للمغرب بعمق نصف قرن”، مشددا على أنه لا عذر للخارجية المغربية ألا تقوم بمبادرة سياسية وقانونية محكمة ومدروسة ومشتركة مع حلفائنا الأفارقة لطرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.