وصف مصطفى الخلفي، الوزير السابق وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الموقف البريطاني الجديد بشأن قضية الصحراء المغربية، بـ”الحدث الكبير” الذي سيعزز مسار الاعتراف الدولي بالموقف المغربي القائم على أن حل هذا النزاع الإقليمي المفتعل هو حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية.
بريطانيا… خبرة تاريخية في تسوية النزاعات
وأوضح الخلفي في تصريح لـpjd.ma، أن إرهاصات الموقف البريطاني كانت مبكرة قبل الاعتراف الأمريكي، وذلك في اتفاق الشراكة الذي وقع بين المغرب وبريطانيا في 2019، حيث تم اعتبار المنتجات القادمة من الصحراء المغربية ” أن لها نفس وضعية منتجات باقي مناطق المغرب”، وأشار إلى أن هذا الموقف يعزز مسار الاعترافات الدولية بعد الموقف الفرنسي وقبله الاسباني والأمريكي.
كما أن هذا الموقف يؤكد الخلفي، يحمل في طياته بذور أو إرهاصات تحول قادم بإذن الله على هذا النزاع، باعتبار أن بريطانيا هي عضو دائم في مجلس الأمن وأعلنت أن هذا الموقف سيكون موجها لموقفها وسياساتها داخل مجلس الأمن، وهذا بحسبه جد إيجابي “سيحُول دون كل المناوشات أو المناورات التي تستهدف استصدار مواقف من الأمم المتحدة ضد بلادنا”.
وأبرز الخلفي في التصريح ذاته، أن هذا الموقف سيكون له أثاره الدالة في مواجهة القرار الأخير لمحكمة العدل الأوربية الصادر في أكتوبر الماضي، والذي أراد استثناء منتجات الصحراء المغربية، لكن اليوم يضيف المتحدث “نلحظ موقفا استثنائيا وإن لم تعد بريطانيا جزء من الاتحاد الأوروبي، لكن اليوم هي بديل لمنتجات بلادنا وسيعزز ذلك من الموقف المغربي، علما أن الموقف الذي صدر عن محكمة العدل الأوروبية في منشئه كان نتاج إحالة من محكمة إكستر في بريطانيا”.
واعتبر من جهة أخرى، أن هذا الموقف يصدر من دولة لها “تاريخ وخبرة عريقة” في تسوية مثل هذا النوع من النزاعات عبر آلية الحكم الذاتي والحل السياسي المتوافق عليه بما يحفظ السيادة الوطنية، وفي نفس الوقت يتيح للساكنة المحلية تدبير شؤونها.
وأشار في هذا الصدد، إلى النزاع في إيرلندا الذي كان يطرح توجهات انفصالية مع جيش الجمهور الإيرلندي لكن تم تسوية النزاع عبر حكم ذاتي في إطار السيادة الوطنية البريطانية، مبينا أنه وإن كان النزاع “عميقا وحادا” استمر أربعة قرون، وكانت هناك فروق دينية ولغوية وجغرافية، “إلا أنهم تمكنوا من الوصول إلى حل سياسي”.
طي نهائي للنزاع
ومن جهة أخرى، أكد الخلفي، أن من شأن الاعتراف البريطاني أن يسرع المسار نحو طي نهائي لهذا النزاع، ويأتي ضمن سياق أزيد من 165 دولة لا تعترف بهذا الكيان الانفصالي.
وقال إن رد الفعل الجزائري اتسم “باليأس” و “الإحباط” إزاء هذا المسار من الانتصارات، واتسم “بالعجز” عن إصدار المواقف “العنترية” التي كان يقع إصدارها في السابق، مضيفا أنه “اليوم نحن إزاء موقف جزائري اقتصر أنه أخذ علما ولجأ إلى البحث عن مبررات يهون بها من هذا القرار”.
وشدد على أنه “نحن اليوم إزاء دليل إضافي على أن هذا النزاع هو نزاع مع الجزائر أساسا”، معتبرا أن موقفها الرافض للاعتراف البريطاني دليل جديد على ذلك، مسترسلا “للأسف الشديد يصر النظام الجزائري على معاكسة الإرادة الدولية التي تستقر على دعم الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية كحل للنزاع”.
وأضاف” مازالت الآلة الدعائية الجزائرية المستندة على مثل هذه البيانات تروج أمورا غير صحيحة ومغلوطة وأكاذيب حول تقرير المصير، بحيث أنها تربط تقرير المصير والاستفتاء، في حين أن الاستفتاء هو مجرد آلية من آليات تقرير المصير، ولم يسبق لا في القرار الأممي 1541 ولا في القرار 2625 أن جعل تقرير المصير يمارَس وجوبا عبر الاستفتاء، وأيضا أن تقرير المصير لا يعني بالضرورة الانفصال، بل هناك صيغ وتكرست في القرار الأممي 2625 لسنة 1970 الذي أعطى خيارات كالاندماج مثلا.
وتابع أنه من أصل 65 ملف نزاع مطروح على مستوى الأمم المتحدة، لم تستطع الأمم المتحدة منذ 1945 حسم سوى أربع ملفات، ثلاث انتهت بالانفصال وتتعلق بجنوب السودان وتيمور الشرقية ونامبيا وحالة واحدة انتهت بالاندماج، بمعنى أربع استفتاءات من أصل 65 نزاع، وهذا إن دل بحسبه فإنه يدل على أن الآلية المثلى لحل هذه النزاعات هي الآلية التفاوضية.
واستدل في هذا الصدد بتجربة بلادنا في سيدي إفني في القرار الأممي 2072 دجنبر 1965 الذي أقر أن حل مشكلة السيادة يتم عبر التفاوض بين إسبانيا والأطراف المعنية، وفي هذا الإطار يضيف الخلفي” كان اتفاق يناير 1969 لحل مشكلة سيدي إفني، بمعنى أن الربط بين تقرير المصير والاستفتاء أو تقرير المصير والانفصال “قراءة أحادية” لا تجد لها سندا في الأدبيات القانونية للأمم المتحدة”.
دعوة الجزائر لمراجعة موقفها
وأوضح المتحدث ذاته، أن سبب عجز الأمم المتحدة عن تنظيم الاستفتاء ليست هي بلادنا وإنما “هو عجزها عن حصر قائمة المصوتين بسبب الطعون الكبيرة، أزيد من 14 ألف طعن قدم بعد الإعلان عن اللائحة الأولية لتحديد الهوية في سنة 1999″، مبرزا أن هذا العدد الكبير من الطعون نتج عنه عجز الأمم المتحدة عن البث فيها، ما نتج عنه إعلانها عن التوجه للبحث عن حل سياسي متفاوض عليه مقبول من الأطراف، وهذا الأمر نُص عليه على مستوى الأمم المتحدة والجزائر معنية بالانخراط في “مراجعة عميقة” لموقفها من هذا النزاع والتوقف عن استغلاله في إعاقة علاقات طبيعية بين الشعبين المغربي والجزائري.
رابط المشاركة :
شاهد أيضا