استيراد “النفايات” من أوروبا.. صدقي يكشف ” الشياطين” المختبئة في التفاصيل!

عادت قضية استيراد النفايات إلى الواجهة من جديد، بعد تداول معطيات إعلامية تشير إلى أن وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، تواصل منح رخص استيراد النفايات من الخارج، وبحسب المعطيات ذاتها فقد منحت الوزيرة منذ تعيينها في الحكومة الحالية ما مجموعه 136 رخصة ما بين سنتين 2021 و 2025.
خفوت المتابعة الإعلامية
وفي تفاعل مع الموضوع، قال أحمد صدقي، البرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية، إن “الحديث عن الترخيص لاستيراد النفايات يفرض بداية التوقف عند عدة ملاحظات أساسية”، مضيفًا أن مثل هذه الأخبار في الولايات الحكومية السابقة كانت تحدث رجات كبيرة وتتم متابعتها إعلاميا بشكل قوي مع توجيه انتقادات شديدة للقطاعات وللوزراء المعنيين.
وأوضح صدقي في تصريح لـpjd.ma، أن الحديث عن تراخيص استيراد النفايات يصادف حاليا ما يثار علاقة بتراخيص أخرى للاستيراد منها ذات العلاقة بالأغنام مثلا وما ينتج عنه من توجس حقيقي لدى الرأي العام.
كما يصادف هذا الأمر بحسب المتحدث ذاته، اقتراب اعتماد الاتحاد الاوروبي للميكانيزم الجديد الخاص بضبط الكاربون على الحدود MACF ومعه فرض رسوم جديدة على صادرات المغرب وباقي الدول تخص قطاعات حيوية، في وقت يتم فيه فتح الحدود دون قيود ولا شروط أمام مثل هذه النفايات التي تأتينا من أوروبا.
موارد مرفوضة أوروبياً
واعتبر البرلماني السابق وعضو لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، أن هذه النفايات قد” تعتبر موارد نهاية حياة المنتجات التي لا تقبلها أوروبا إلا بمثل تلك الاشتراطات وتلك الرسوم يتم تصديرها إلى الدول الأخرى منها المغرب ومعها كميات كبيرة من الكربون الكامن من دون ضبط ولا قيد.
ولفت صدقي إلى أن سجل العديد من تلك الدول ” غير مطمئن” في مجال التعامل مع النفايات ومنها ما تم تسجيله بهذا الخصوص ضد دول أوروبية بصدور أحكام من المحكمة الأوروبية يدين هذه البلدان ويغرمها بسبب القصور الكبير في تدبير الفضلات والنفايات.
غياب التدقيق في طبيعة المواد المستوردة
أما بشأن سلوك المغرب كدولة مستوردة لهذه المواد ووفق المعطيات الرسمية عن قطاع التنمية المستدامة والمعلنة من خلال اجتماع للجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب، أبرز صدقي أنه على المستوى المؤسساتي والقانوني، فإن تلك العملية تتم شكلا وفق القواعد والتشريعات المعمول بها سواء منها ما تؤطره الاتفاقيات الدولية (اتفاقية بازل) أو القوانين الوطنية (قانون تدبير النفايات وغيرها).
وبالرغم من ذلك نبه صدقي إلى مجموعة من الملاحظات بهذا الخصوص، أبرزها أن بيانات وتوضيحات القطاع الرسمي لا تدقق في طبيعة المواد المستوردة، وتؤكد فقط على أنها ذات طبيعة مطاطية وبلاستيكية مثلا، وأنها غير خطيرة علما أن هذه الأصناف يمكن أن تضم في تركيبتها عناصر مصنفة ضمن النفايات الخطيرة والوارد ذكرها في اللوائح والملاحق المرفقة باتفاقية بال بشأن التحكم في نقل النفايات الخطيرة والتي انضم إليها المغرب في 28 دجنبر 1995.
وأوضح أنه يمكن لمواد البلاستيك أن تتضمن مركبات محتوية على “ثنائيات الفنيل” ذات الروابط الكلورية (PCB) والتي تعتبر نفايات خطيرة حسب الإتفاقية المذكورة، مشيرا إلى القانون المغربي رقم 00/28 والمتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، في ملحقه الأول بمثابة المصنف الوطني للنفايات وبالضبط في السطر 02 – 10 – 06 كون النفايات التي تحتوي على مواد خطيرة تعتبر خطرة، ويعتبر أيضا في السطر 04 – 02 – 17 المواد البلاستيكية المحتوية على مواد خطيرة “يعتبرها خطيرة”.
كما جاء في قائمة خاصيات الخطورة بالملحق -2- لهذا القانون ذكر المواد السامة وهي التي قد تسبب في وقوع سرطان أو تضاعف من وثيرة وقوعه، وهي خاصية تتسم بها مركبات (PCB) حسب الكثير من الأبحاث العلمية المعترف بها حسب صدقي.
وخلص إلى التأكيد أنه لا يكفي إعطاء تصنيفات كبرى لهذه النفايات حتى توضع في خانة المواد غير الخطيرة “ولكن ينبغي الكشف عن مكوناتها الدقيقة للتأكد من عدم احتوائها على مركبات تصنف ضمن المواد الخطيرة”.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن المواد البلاستيكية والمطاطية المشار إليها في بيان الوزارة قد تتضمن نظريا مركبات كثيرة ليس فقط (PCB) والتي تعتبر خطيرة فتصنف بدورها حسب منطوق القانون 28.00 خطيرة، مؤكدا أن الكمية المستوردة تعتبر نسبيا مهمة من حيث الكمية مما قد يجعلها تحمل كميات مهمة من تلك العناصر ولو كانت تراكيزها منخفضة.
تساؤلات مشروعة حول عدم تثمين النفايات المحلية
ومن أجل تدارك هذا الإشكال ونزع اللبس، شدد صدقي على أنه من الضروري الكشف عن الخاصيات التفصيلية لهذه المواد، موضحا أن هذا الأمر من دور المختبر الوطني للبيئة وفي إطار قانون التقييم البيئي الخاص وذلك للتأكد من صفة الخطورة أو من عدمها.
وأشار إلى أنه من بين الملاحظات التي يثيرها هذا الموضوع، التساؤل حول عدم قدرة بلادنا على إرساء آليات مماثلة لتدبير النفايات وفرزها وإعادة تدويرها، وهو ما يفوت عليها فرص التخلص من كميات هائلة منها وإعادة تثمينها كمصادر للطاقة، وفي نفس الوقت يغنيها من اللجوء إلى استيرادها من البلدان الأخرى والتي أرست نظما فعالة بهذا الخصوص.
وتابع أن هذا التساؤل يجد مشروعيته في كون بلادنا تتوفر على الإطار المؤسساتي والقانوني اللازم للقيام بهذا التثمين، وأيضا في كونها تنتج كميات كبيرة من النفايات التي يمكن تثمينها فيما يرتبط بإنتاج الطاقة بديلا عن الطاقة الأحفورية، مشيرا إلى أن المغرب ينتج عشرات الآلاف من الأطنان سنويا من الإطارات المطاطية جزء قليل منه فقط يتم إعادة تدويره، وأيضا نفس الشيء بالنسبة للمواد المطاطية الأخرى والمواد البلاستيكية يضيف صدقي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.