يوسف غربي يكتب: فلسطين و كي الوعي

يوما بعد يوم تتسع دائرة الوعي بالحق الفلسطيني المهدور بإرادة دولية تستمد منطقها من القوة العمياء في قفز متعمد على حقائق التاريخ والإجتماع والسياسة. بل في تعارض مع ما ارتضته الفضيلة الإنسانية من قوانين دولية وانسانية(الأمم المتحدة).
منذ سنوات والسفن المناضلة تبحر في عناد لتكسر حصار غزة، وبعد طوفان الأقصى (الفعل المقاوم لحصار البر والبحر والجو الذي عمر 17 سنة )اشتعلت الشوارع والجامعات بصيحات متطابقة Free palestine في تضاد صارخ مع قرارات الحكومات الداعمة لإسرائيل جهرا أو سرا. وهو ما يدل على حياة الضمير الجماهيري في وجه الغش و المكر السياسيين لدهاقنة الهيمنة الإمبريالية.
بمقدار اتساع دائرة التأييد والتعاطف مع فلسطين تضيق دائرة الأساطير المؤسسة لدولة الاحتلال، ولأكذوبة المظلومية الأبدية المبررة لكل التجاوزات في حق الأغيار الاعتداء على سوريا، لبنان، ايران، اليمن….).و مؤشرات ما قدمناه كثيرة، فقد شاهدنا احتجاجات تطال الصهاينة عبر العالم، رافعة تهمة الإبادة في وجوههم. بل إن مطاعم طردت بعضهم، وتعرض دبلوماسيون لمضايقات ومحاصرة ومساءلة. و تعرض علم دولة الاحتلال للتمزيق والحرق بشكل يومي في ساحات عديدة. بل إن دولة الاحتلال طلبت من رعاياها في الخارج تجنب الظهور بأي رمز يدل على هويتهم الصهيونية تجنبا لغضب الشعوب. فما دلالة هذا كله؟
إن الوجدان العالمي يتحرر تدريجيا من الران السياسي للحركة الصهيونية المتكئ على الأذرع الإقتصادية والإعلامية عبر العالم. لقد خلقت الماكينة الإعلامية الصهيونية بكل ألوانها الفنية والإخبارية تخديرا للعقل الإنساني وبطرق انسيابية مخادعة. صورت ” الشعب” اليهودي ضحية تعرض لظلم لا تعويض له غير تمتعه اللامشروط بحصانة من أي لوم أو نقد مهما أتى من أفعال تبدو للآخرين مصادمة للقانون والفطرة الإنسانية، أي كائن فوق التاريخ.
إن منطق القوة المتواصل عبر آليات الإفتراس والطغيان يقدم خدمة للوعي الإنساني ليخرج من غيبوبة المكر الإعلامي ويعيد تشغيل آليات الحجاج والسؤال والنبش في الوقائع والحقائق، فقد رأينا ممثلين و لاعبي كرة قدم و مغنين و….يعلنون تضامنهم و إدانتهم للإجرام والإبادة . هنا مركز التحول الاستراتجي في قضية فلسطين بل في البنية الهيمنية الإمبريالية الموظفة لإسرائيل كأداة تطويع لدول الشرق الأوسط و كحل لفائض بشري اعتبره الغرب غير مرغوب فيه. لا يبعد أن تنتهي جولة الصراع بهيمنة صهيونية مؤقتة -لا قدر الله-لكن الأكيد أن الوعي الإنساني أفاق من غيبوبته. وهو المحدد لتشكلات المستقبل، وليس ما يتوهمه منطق الترسانة العسكرية الكاسح من تغيرات استراتجية مرتقبة في جغرافية المنطقة. التغير العميق الذي يتكون حاصل في جغرافية الوعي والوجدان الإنساني وهو الحاسم ولو بعد حين.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.