خيي يكتب: في معنى السباحة ضد التيار.. خالد تكوكين كفاءة ونظافة يد والتزام مع المواطنين

محمد خيي الخمليشي


المناصب والمسؤوليات العمومية و التدبيرية في بلدنا تبدو لأصحابها في الغالب كغنيمة حرب، إذ بمجرد الحصول عليها تدخل تلقائيا ضمن صك الملكية المحفظة، وتنتهي فوراً العلاقة المفترضة ب”التعاقد” مع المواطن صاحب الشأن، وتنقطع أسباب الوفاء بالالتزامات والقيام بالواجب، سواء كان هذا الواجب أخلاقيا أم قانونيا .
وفي الجهة المقابلة، يُنظر إلى هؤلاء “المدبَّرين” كمحظوظين تحصَّلوا على شيء من المنافع التي تلزمهم بالانخراط في “الاتفاق الصامت”، وأن يكونوا رهن الإشارة ، لا يتقدمونها ولا يتأخرون عنها.
وفي النتيجة النهائية، يَستهلكُ المجتمعُ منتجا فاسداً ومنتهي الصلاحية، “ديمقراطية منقوصة و معطوبة”، فيتكَيّف معها سلباً عوض أن يواجهها، ويُنتجُ من جهته ثقافةً فاسدة اسمها انتهاز الفرصة، واغتنام “الهَمزة “، بل ويطور آليات “التسلق” و”التسابق” في خدمة البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تمكنه من “خطف” جزء من “الغنيمة” مهما بدا حقيرا .
لذلك، عندما يقوم رئيس منتخب في جماعة قروية لم يسبق أن سمع بها أغلب المسؤولين، بَلْهَ أن يكونوا قد زاروها، أو أدرجوا اسمعها في برنامج لفكّ العزلة، تجد هؤلاء المسؤولين يستهجنون الأمر، بل يعتبرونه في قرارة أنفسهم منافيا لبنود “الاتفاق الصامت” وسيرا في الاتجاه المعاكس للتيار.
كانوا ينتظرون من خالد تيكوكين ما هو معهود في الرؤساء من “حسن التصرف”: رفع العتب وتدخلات فلكلورية وزيارات متقطعة ولغة الخشب في المناسبات، لا السير وسط الجموع في اتجاه مقر العمالة.
لكن خالد يحرجهم، يتساءل: هل يُشترَط لكي تستفيد جماعة قروية من ابسط برامج التهيئة وفك العزلة أن يكون رئيسها محتميا بصلة عائلية او قرابة حزبية أو شبكة مصلحية؟
هل كان ضروريا أن يسير أهل ايت بوكماز، وفي مقدمتهم رئيس الجماعة، عشرات الكيلومترات سيرا على الأقدام ليطلبوا من الإدارة التي تملك القرار ربط قُراهم بطريق معبدة وإيصالها بشبكة الانترنيت و توفير ملعب و مستوصف يقيم به طبيب دائم؟
ألم يكن كافيا دفاعُ رئيسٍ منتخبٍ منبّهاً غير ما مرة إلى فداحة الإقصاء الاجتماعي والتفاوتات المجالية وغياب التنمية في المناطق الجبلية والنائية؟
أم أن التنبيه لوحده غير كافيا لترشيح جماعتك للاستفادة من تلك البرامج المتعددة والسخية والتي توزع المال العام يمينا وشمالا على ما يستحق وما لا يستحق؟
وعندما تنجح الساكنة في الحصول على التأطير المناسب لمطالبها المشروعة، بفضل أبنائها البررة الذين اختاروا السباحة ضد التيار، لا يكتفي “السحرة” بالتململ والتذمر من الإزعاج الذي يسببه لهم مشهد الجموع المنتظمة في مسيرة الكرامة، بل يفضلون أن يسلكوا من جديد طريق الجبناء ولوم الضحية وخلط الأوراق.
من الطبيعي إذن أن يميل البرلماني المهاجري العائد من “التجميد” حيث مالت قبله “الصباح”، وأن تتفق “عصابة الشرعي” مع مواقع وصفحات التحريض والتشهير، وأن تتماهى كلها مع أبواق التشنيع على كل من يجرؤ على كسر الصمت…

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.