بحكاك يكتب: انتخابات 2026: المسؤولية الدستورية والقانونية للأحزاب في اختيار مرشحيها (الجزء 1)

حميد بحكاك


أطلق الخطاب الملكي في عيد العرش 30 يوليوز 2025 عملية الإعداد لانتخابات 2026، وأكد الخطاب على إجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد،كما جرى العمل في عهد الملك محمد السادس حيث جرت كل الانتخابات تشريعية وجماعية وجهوية في موعدها المحدد حتى في فترة كورونا. وبعد الخطاب الملكي اجتمع وزير الداخلية مع الأحزاب السياسية للتشاور وإعداد مذكرات واقتراحات تخص هذه الانتخابات وتقديمها قبل نهاية شهر غشت.
تلعب الأحزاب السياسية دورا أساسيا في الأنظمة الديمقراطية، فبها ومن خلالها يعبر المواطن عن إرادته الحرة ليختار ممثلا عنه، أو مرشحا نفسه وفق قوانين وقواعد ومبادي يحددها الدستور والقوانين والمراسيم، وقد اختار المغرب النظام الديمقراطي التعددي منذ بداية الاستقلال، وتوالت الانتخابات جماعية وتشريعية وتأسست أحزاب وتشكلت حكومات منذ بداية الاستقلال إلى اليوم.
وعرفت كل المحطات الانتخابية نقاشات وسجالات حول مسألة الإشراف على العملية الانتخابية، واختيار النظام الانتخابي المناسب، والتسجيل في اللوائح الانتخابية وتحيينها، وتقطيع الدوائر، واعتماد البطاقة الوطنية، ومسألة العتبة والقاسم الانتخابي ..الخ.
وكانت مسألة نزاهة الانتخابات والقطع مع التزوير (لصالح أو ضد) والحياد السلبي للإدارة، الموضوع الثابت في كل هذه المحطات، وكان آخرها انتخابات 8 شتنبر 2021، التي أكدت نتائجها وما أسفرت عنه أن التزوير كان حاضرا فيها، وأكدته نسبة النواب البرلمانيين الذين تم اعتقالهم في هذه الولاية (أكثر من ثلاثين نائب برلماني ومسؤولي الجماعات) في ملفات تتعلق بالفساد المالي وتبديد أموال عمومية والاتجار في المخدرات وغيرها، كما تم تجريد كثير من البرلمانيين من عضويتهم في البرلمان من قبل المحكمة الدستورية، وكذلك ظهور تصريحات وتسريبات مؤخرا هنا وهناك حول استعمال المال، وانتقل التزوير هذه المرة إلى الأحزاب أو بعضها كمتهم رئيسي.
وفي هذه الورقة ومع اقتراب موعد انتخابات 2026 نسعى إلى تحديد مسؤولية الأحزاب في اختيار مرشحيها وتزكيتهم في إطار المسؤولية المشتركة مع المواطن والإدارة في العملية الانتخابية وفق ما ينص عليه الدستور والقانون التنظيمي للأحزاب السياسية والخطابات والتوجيهات الملكية.
دور الأحزاب في الدستور
حسب الدستور المغربي تقوم الأحزاب بعدة وظائف، فبعد تنصيص الدستور على التعددية الحزبية ومنع نظام الحزب الوحيد وإضافة الخيار الديمقراطي إلى الثوابت المغربية.
جاء في الفصل 7
تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي،وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية ……”
كما نص نفس الفصل على التزام الأحزاب بالديمقراطية “…يجب أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية….،”
وجاء في الفصل 10 عند الحديث عن حقوق المعارضة
…المساهمة في تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين، من خلال الأحزاب المكونة لها، طبقا لأحكام الفصل 7 من هذا الدستور…”
إذاً ينص الدستور على أدوار التأطير والتكوين والتمثيل وتعزيز انخراط المواطنين في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام، ويعني التشجيع على المشاركة السياسية والحزبية في الانتخابات، مما يحول دون ظاهرة العزوف السياسي والانتخابي وعدم الاهتمام بالشأن العام، وانتشار اللاتسيس الذي يوفر البيئة الحاضنة للإحباط والعدمية، وعدم الثقة في المؤسسات.
كما أن مصداقية الأحزاب السياسية تنبع من التزامها بالقواعد الديمقراطية على مستوى تنظيمها الداخلي، كعقد مؤتمراتها في تاريخها المحدد، وانتخاب أمنائها العامين، واختيار المسؤولين الحزبيين بشكل ديمقراطي يقوم على الكفاءة لا الولاء والقرابة، وتمثيل الشباب والنساء في هياكلها الداخلية محليا ووطنيا، فتأطير المواطنين وتكوينهم على قيم المواطنة والديمقراطية يقتضي الالتزام بها أولا من طرف الحزب وأعضائه، لإعطائهم القدوة الحسنة العملية في الديمقراطية والوطنية وليس خطابات وشعارات حول الديمقراطية سرعان ما تتبخر عند الممارسة.
دور الأحزاب في القانون التنظيمي للأحزاب السياسية
حظيت الأحزاب السياسية بقانون ينظمها وارتقى إلى قانون تنظيمي لأهمية الأحزاب في العملية الديمقراطية والانتخابية.
جاء في الباب الثالث: مبادئ تنظيم الأحزاب السياسية وتسيريها
المادة 25
يجب أن ينظم كل حزب سياسي ويسري وفق مبادئ ديمقراطية، تسمح لأي عضو من أعضائه بالمشاركة الفعلية في إدارة وتسيير مختلف أجهزته، كما يتعين مراعاة مبادئ الحكامةالجيدةفي تدبير شؤونه، ولاسيما مبادئ الشفافية والمسؤوليةوالمحاسبة.
المادة 26
يعمل كل حزب سياسي على توسيع وتعميم مشاركة النساء والشباب في التنمية السياسية للبلاد.
ولهذه الغاية، يسعى كل حزب سياسي لبلوغ نسبة الثلث لفائدة النساء داخل أجهزته المسيرة وطنيا وجهويا، في أفق التحقيق التدريجي لمبدأ المناصفة بين النساء والرجال.كما يتعين على كل حزب سياسي أن يحدد في نظامه الأساسي نسبة الشباب الواجب إشراكهم في الأجهزة المسيرة للحزب.”
لقد جاء هذا القانون التنظيمي ليكرس المبادئ الديمقراطية التي نص عليها الدستور، والتنصيص أيضا على أدوار الأحزاب كالتأطير والتكوين والتمثيل والديمقراطية الداخلية وإلزامهم بتمثيلية الشباب والنساء وتحديد نسبة لذاك، والشفافية المالية والحكامة الجيدة والمسؤولية.
(يتبع)

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.