بولعيش تكتب: خطاب إصلاحي من أجل ميثاق وطني جديد

إن أعطاب مجتمعنا المتراكمة لم تعد تتحمل التأجيل أو المماطلة، خصوصًا بعد تجارب عديدة في محاولة التحكم في السياسة وصناعة سياسيين وأحزاب “على المقاس” لخدمة أهداف محددة، بدل أن تنشأ الأحزاب من قاعدة شعبية حقيقية تعبّر عن مطالب المواطنين.
هذه المنهجية للأسف أدت إلى نتائج سلبية تضرب بعمق العمل السياسي النبيل وهو مانعيشه اليوم من فضائح الارتشاء و السماح باستعمال أموال المخدرات بالعلن و تضارب المصالح بكل المؤسسات والترويج لسياسة ” الهموز والتدويرة نذكر منها كمثال لا الحصر :
1. ضعف المصداقية السياسية: لأن الجمهور يشعر بأن هذه الأحزاب ليست نابعة من حاجاته أو مصالحه وبالتالي يؤدي الى العزوف السياسي وتزايد الهوة بين المواطن والمؤسسات بل والكفر بها .
2. تآكل الثقة في المؤسسات: عندما يُنظر إلى الأحزاب كأدوات أكثر منها كهيئات تمثل المواطنين، يقل الحافز للمشاركة السياسية.
3. تكرار السياسات نفسها: لأن السياسيين “المصنوعين” يميلون إلى دعم برامج محددة مسبقًا بدل ابتكار حلول حقيقية للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
من هنا تتضح ضرورة إصلاح شامل للميثاق السياسي بين الدولة والأحزاب الوطنية والتي ليس لها هدف سوى التعاون مع الدولة بهدف التكامل لا التنافس، لتصبح الأخيرة فاعلة ومستقلة، وليس مجرد امتداد لقرارات مركزية. فالإصلاح الاجتماعي العميق لا يمكن أن يتحقق بالقرارات الترقيعية، بل يتطلب ميثاقًا وطنيًا جديدًا يضع المواطن في صلب الاهتمام، باعتباره الغاية والوسيلة في آن واحد

إن هذا الميثاق يقوم على المبادئ الأساسية التالية:
1. التعليم: إصلاح جذري للمدرسة العمومية يضمن تكافؤ الفرص ويرفع الجودة والمعرفة لكل أبناء الوطن، بعيدًا عن التمييزوالمحسوبية.
2. الصحة: بناء منظومة صحية عادلة وفعّالة تنهي معاناة المواطن مع الاكتظاظ والخصاص والرشوة، وتضمن حق كل فرد في حياة كريمة.
3. العدالة الاجتماعية: اعتماد سياسات تحمي الفئات الهشة، وتسد الفوارق المجالية، وتحقق الكرامة في القرى كما في المدن.
4. الشغل والكرامة: توفير فرص عمل حقيقية للشباب، والقطع مع منطق الزبونية والمحسوبية، وربط الاستحقاق بالكفاءة وحدها.
5. الحريات والحقوق: تعزيز الثقة بين المواطن والدولة عبر احترام الحقوق الأساسية وضمان حرية التعبير والتنظيم.
6. المحاسبة والشفافية: إرساء آليات رقابة صارمة وفعّالة تحاسب كل من يسيء استعمال السلطة أو المال العام دون استثناء.
إننا نؤمن بأن الوطن ملك للجميع، وأن النهضة الحقيقية لا تقوم إلا بتكامل الأدوار: الدولة تتحمل مسؤولية القيادة والتأطير، والأحزاب الوطنية تلتزم بممارسة سياسية نظيفة، تجعل من المواطن قلب المشروع الإصلاحي وروحه.
وبهذا الميثاق نضع الأساس لبناء مغرب جديد، عادل، قوي، يقوم على الكرامة والعدالة والمواطنة الكاملة لكل أبنائه تحت السيادة الملكية التي نؤمن بقناعة راسمة أنها ضامنة لاستمرارية الوطن وحمايته من اللوبيات المفترسة والخطيرة، بما فيها تلك التي لها أجندات خاصة قد تكون مرتبطة بأجندات خارجية ، وأن الملك يكرس السيادة الوطنية للمغرب في مواجهة الأخطار المحدقة بوطننا ، ليظل المغرب بلد الأمن والكرامة والعدالة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.