الصمدي: وزير التربية الوطنية أغرق القطاع في إجراءات جزئية وغيَّب النظرة الإستراتيجية للإصلاح

قال خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، إن وزير التربية الوطنية أغرق القطاع في تفاصيل إجراءات ومشاريع جزئية في غياب النظرة الإستراتيجية للإصلاح تنفيذا لمقتضيات القانون الإطار.
وأكد الصمدي في تدوينة عبر فيسبوك، أن ما يجري يؤكد بما يدع مجالا للشك أن القطاع دخل مجددا إلى منطقة الإصلاح وإصلاح الإصلاح الذي حذر منه جلالة الملك، وسيؤدي هذا التدبير وفق هذه الرؤية التجزيئة بلا شك إلى الوقوع في المحذورات الثلاثة: هدر الوقت وهدر الجهد وهدر الإمكانات.
وقال المسؤول الحكومي السابق، إن الفاعلين انتظروا خروج وزير قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي الذي كان في قلب مطالب الشباب، وتفاعل معه ملك البلاد في خطابه أمام البرلمان حين دعا بوضوح إلى القطع مع تضييع الوقت والجهد والإمكانات وقد برهنت خرجة الوزير سعد برادة باعتبارها حاشية تنفيذية على الخطاب الملكي على أن هذا القطاع بالأرقام هو أكبر قطاع معني بهذا النقد وبهذه الآفات الثلاث.
واسترسل، وتدل الأرقام التي عرضها الوزير سعد برادة على هذه الحقيقة الساطعة من خلال المعطيات التالية، ومنها أن المغرب في المرتبة 16 عالميا من حيث الإنفاق على التعليم قبل فرنسا وإسبانيا بمبلغ سيصل هذه السنة إلى 97 مليار درهم بما يعادل 6.6 من الناتج الداخلي الخام في حين يحتل مراتب متأخرة عالميا في جودة التعليم، وهذا يدل على أن الإشكال لا يوجد في التمويل يقدر ما يكمن في الحكامة والأمانة والنزاهة في التدبير والتسيير.
وأشار الصمدي إلى مدارس الريادة التي خصها الوزير بكلام مسهب، هي مشروع بيداغوجي ينبغي أن يعرض للاستشارة طبقا للقانون على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ثم البناء في اللجنة الدائمة البرامج والمناهج التي أوكل إليها القانون الإطار هذه الصلاحية، قبل الشروع في أي تنفيذ، مشيرا إلى أنه كان من اللافت أن الوزير لم يذكر القانون والتشريع على لسانه ولو مرة واحدة، ما يعني أن هذا الجانب هو خارج الحسابات والاهتمامات، علما بأن تحصين المشاريع بالقانون هو الذي يضمن استدامتها واستمرارها.
وأردف، إذا كانت تجربة مدارس الريادة لم تخضع لهذا الإجراء فإن الملف الثاني الذي يدبر خارج هذا القانون الإطار أيضا هو ملف التعليم الأولي الذي نص القانون على ضرورة إدماجه في التعليم الابتدائي بالتدريج ليشكلا سلكا واحدا، وأكد جلالة الملك على ذلك في الرسالة الموجهة إلى لقاء الصخيرات حول التعليم الأولي سنة 2018 أن جودة التعليم الأولي وتعميمه يُعتبر المدخل الرئيس لجودة التعلمات، ومن المؤكد أن الاهتمام بهذا التعليم سيعفي المنظومة التربوية المغربية من التعلم الاستدراكي الذي تمثله تجربة مؤسسة الريادة.
واستدرك، لكن الوزير لا يربط بين الأمرين وما يزال على ما يبدو مصرا على التعامل مع الجمعيات التي تشرف عمليا عليه مع ما يرافق ذلك من إشكالات تدبيرية ومالية وبيداغوجية وتكوينية مع سعي حثيث إلى الوصول إلى التعميم الكمي على حساب الكيف، وهو ما من شأنه أن يؤثر على هذا الورش الهام، ويحول دون تحقيق أهدافه المحددة في الرسالة الملكية.
“النقطة الثالثة التي جاءت في استجواب الوزير برادة تتعلق بتكوين الأطر التربوية والتي لم يتناول منها إلا نقطة واحدة تتعلق بالمباريات وتسقيف السن”، وتابع، دون أن يضع ذلك ضمن سياق مراجعة وتقييم الإستراتيجية الوطنية لتكوين الأطر التربوية “مشروع مدرس المستقبل” مسار خمس سنوات إجازة + تكوين تطبيقي بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
وأضاف، وهو المشروع الذي دخل سنته الثامنة ويحتاج إلى تقويم عملي وبناء منظور جديد بتشاور بين وزارة التربية الوطنية ووزارة التعليم العالي يتم بموجبه إدماج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين والمدارس العليا للتربية والتكوين في مؤسسة واحدة، تطبيقا لمقتضيات القانون الإطار الذي يضع المؤسسات المختصة في التعليم ما بعد الباكالوريا تحت وصاية التعليم العالي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.