عفيف تنتقد “ارتجالية” الحكومة في إصلاح التعليم وتدعو لتفعيل القانون الإطار

وجهت ثورية عفيف، عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، انتقادات قوية لأداء الحكومة في قطاع التعليم، معتبرة أن واقع المنظومة التربوية “مترد”، رغم ما وصفته بـ”الإنفاق السخي” والمرتب 16 عالميا قبل فرنسا واسبانيا.
إنفاق بدون ثمار
وقالت عفيف في مداخلة لها باسم المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر الجاري، إن رغم هذا الانفاق لا زالت المنظومة التعليمية تشهد واقعا مترديا يكشف عنها تذيل التصنيفات الدولية (المرتبة 64 في تقرير التعليم العالمي 2025) بعيدا عن الالتزام الحكومي بجعل التعليم ضمن 60 دولة الأولى في العالم.
ونبهت إلى تقهقر مستوى التلاميذ في التقييمات الدولية، وتراجع التحصيل الدراسي لتلاميذ المرحلة الإعدادية في العلوم بما يعادل ربع قرن، وانخفاض نسبة المتعلمين المتقنين للكفايات الأساسية حيث في سنة 2024 بلغت 18 في المائة، مقارنة بما يقارب 50 في المائة في 2019.
وأبرزت أن تقارير وتقييمات المجلس الأعلى للتربية والتكوين كشفت عن أعطاب بنيوية طالبت بإصلاحها دون أن تجد آذانا صاغية، مستهجنة إهمال الحكومة لمثل هذه الاصلاحات منها ” القطع مع القانون الإطار والرؤية الاستراتيجية، وتجميد آليات الحكامة منه كاللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين التي عقدت لقاء يتيما خلال هذه الولاية، واتخاذ قرارات ضدا على القانون منها تسقيف السن في 30 سنة لولوج مباريات التعليم.
وشددت على أن المطلب اليوم هو مراجعة وحذف قرار التسقيف تطبيقا للقانون ومبدأ تكافؤ الفرص، وعدم الوفاء بعدد من الوعود منها إدماج أطر الاكاديميات في الميزانية العامة؛ وزيادة 2500 درهما لأطر التعليم.
قرارات ارتجالية
ولفتت المتحدثة ذاتها، إلى أن هذه القرارات أفقدت الثقة في المؤسسات وتسببت في تصاعد التوتر الاجتماعي من تجلياته احتجاجات “جيل Z” التي طالبت بإصلاح التعليم، معتبرة أن هذه فرصة للحكومة لإعادة النظر في السياسات العمومية الموجهة للشباب، ووضع قطار الإصلاح في سكته الصحيحة بعيدا عن إصلاحات ظرفية تجزيئية قد تنتهي بانتهاء ولاية الوزير في معاكسة للتوجيه الملكي الذي دعا إلى اعتماد قانون إطار ملزم وعابر للحكومات لتفادي الدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح.
وتأسفت من كون هذه الحكومة لم تلتزم بذلك وعوض اعتماد التراكم والاستمرارية تم القطع مع الإصلاحات السابقة فكانت النتيجة الارتباك والارباك.
وقالت إن الدخول المدرسي للموسم الحالي لم يكن بعيدا عن هذا الارتباك، الذي مس بشكل مباشر جودة التعليم وحقوق التلاميذ والأطر التربوية على حد سواء، وقالت “لم يحمل هذا الموسم أيّ مؤشرات نوعية على التغيير أو التحول المأمول، غير واقع مثقلٍ بالاختلالات البنيوية، أبرزها: الاكتظاظ المتزايد والخصاص في الأطر الإدارية والتربوية”.
كما أشارت النائبةالبرلمانية، إلى أن فرض تدريس المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية، بشكل أحادي، يخالف القانون الإطار الذي ينص على مبدأ التناوب اللغوي كخيارات ودافع على مركزية اللغات الوطنية. واعتبرت أن هذا التوجه ساهم في ارتفاع نسب الهدر المدرسي، خاصة في الإعدادي، إذ يُفرض على المتعلم لغة لا يفهمها ولا يختارها، عوض تنويع لغات التدريس والتمكين للغات الوطنية.

كما أشارت إلى تعثر التربية الدامجة، مبينة أن معدل التمدرس لا يتجاوز 32.4 في المائة، إضافة إلى أن نقص الدعم الكافي من تجهيزات أو أطر طبية وتربوية، يعمّق معاناة الفاعلين التربويين والأسر معا بحسبها.
ولفتت إلى أن الدعم المالي للأسر المعوزة يعاني من اختلالات، مثل التأخير في الصرف، وإلغاء مكتسبات كان لها التأثير الإيجابي على التحصيل الدراسي منها مليون محفظة وبرنامج تيسير، مشيرة إلى سوء تدبير النقل المدرسي وتوزيعه بمنطق سياسوي وانتخابوي، مما يسبب هدرا في زمن التعلم ينتج عنه الانقطاع المدرسي.
مدارس الريادة.. عنوان للارتجالية
وانتقدت عفيف مشروع “مدارس الريادة”، معتبرة أنه “عنوان للارتجال وضعف الرؤية والعشوائية في التنزيل”، وقالت إنه لا يمكن إنكار أن مشروع الريادة ساهم في تحسين البنية التحتية والتكوين المستمر، لكنه يعتمد مناهج لا تطور مهارات الإبداع والتفكير النقدي.
واعتبرت أن مدارس الريادة أنجزت خارج المرجعيات القانونية، وتضرب مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص في مخالفة للدستور، متسائلة :هل استجابت مدارس الريادة لمعضلات التعليم، قبل أن تجيب أن الواقع يقول غير ذلك: انقطاع 2544 تلميذا وتلميذة عن الدراسة في 232 إعدادية تجريبية بالمغرب خلال الموسم الدراسي 2024/2025”، استمرار اكتظاظ الأقسام رغم أن المشروع ينص على تخفيف عدد المتعلمين (في حدود 26 أو 30 على أقصى تقدير)، غياب الإنصاف، الناتج عن الفجوة بين التعليم العمومي والخاص، وبين المدارس الرائدة والعادية، مما يؤخر تحقيق مبدأ العدالة التعليمية…
ونبهت المتحدثة ذاتها، إلى الشبهات التي تحوم حول التلاعب بالصفقات ذات الصلة بشراء التجهيزات والعدة وكتب مؤسسات الريادة،
وفي ختام مداخلتها، أكدت عفيف أن الإصلاح ليس فقط أرقاما أو مشاريع مجزأة، بل هو تفعيل للقانون الإطار 51.17، المتعلق بمنظومة التربية والتكوين الذي يُعامل المنظومة التعليمية ككل والذي يُعتبر مرجعية تشريعية توجيهية تهدف إلى إصلاح شامل للنظام التعليمي، وفق الرؤية الاستراتيجية 2015-2030.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.