*نبيل الأندلوسي
إن ما وقع في مصر يوم الأربعاء 14 من الشهر الجاري، مجزرة ومذبحة وجريمة ضد الإنسانية بكل ما تحمل هذه الكلمات من معنى، إنها جريمة نكراء بشعة، ستبقى وصمة عار في جبين كل من شارك فيها ومن دعمها ومن سكت عنها داخل التراب المصري وخارجه.
ستبقى وصمة عار في جبين القادة العسكريين والجنود المشاركين، من جهة، والليبراليين والعلمانيين واليساريين ومنتحلي صفة “سلفيين” وكل المتواطئين في الجريمة، من جهة أخرى.
لقد تساويتم جميعا، وأصبحتم شركاء في الجريمة. لقد سقطت كل الأقنعة، وليتحمل من دعم “ديمقراطية العسكر” مسؤوليتهم الإنسانية والسياسية والأخلاقية أمام الله والضمير والتاريخ، فها هي الأرواح الطاهرة والدماء الزكية تسائلهم وستسائلهم: لماذا شاركتم في المجزرة بدعمكم للإنقلاب العسكري والمشاركة فيه بشكل مباشر أو غير مباشر.
إنها أكبر مجزرة في التاريخ ضد المصريين، جريمة نفذت بأيدي “مصريين” وباتفاق “صهيوني” ضد شعب مصر العظيم وضد الشرعية وضد الديمقراطية، وضد الأمة وضد تحرر الشعوب الإسلامية من قيود الإستعباد، وواهم من يعتقد أن ما يقع الآن في مصر هو ضد “الإخوان المسلمين” وحدهم، إنها الجريمة مستمرة ضد حاضر ومستقبل مصر، كدولة إستراتيجية في المنطقة يجب عليها ألا تنجح في تجربتها الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات، خاصة وأن مستقبلها الديمقراطي ـ إذا نجح ـ سيكون له تأثير سلبي يهدد الكيان الصهيوني ويشكل خطورة على استمرارية هذا الكيان السرطاني في جسم الأمة.
ما وقع ، جريمة بشعة ضد الإنسانية تستوجب متابعة كل المتورطين فيها ومقترفيها أمام القضاء الجنائي الدولي.
جريمة تسائل كل الضمائر الحية، والمجتمع الدولي والضمير الإنساني العالمي لوقف شلال الدم الذي استباحته وحوش متعطشة لدماء الأبرياء.
أيتها الوحوش، ومعذرة لكل الوحوش لأنها لن تصل إلى هذا المستوى مهما بلغت وحشيتها.
قتلتم .. ذبحتم .. سحلتم.. عذبتم.. شردتم.. تواطئتم ضد وطنكم وخنتم، فلا نامت أعين الجبناء والعملاء والخونة.
لا نامت أعين السيسي ومن دعم السيسي ومن نسق مع السيسي ومن تواطؤ مع السيسي.
وأعود لأتساءل:
هل مثل هؤلاء هم من يحمون أمن المواطنين؟
هل مثل هؤلاء من تستأمنهم الأمة عن أمنها؟
بل هل بلغ الحقد إلى هذا المستوى؟
هل تلاشى الخوف من الله، العزيز المنتقم، إلى هذا الحد؟
هل فقدت كل معاني الإنسانية؟
أين هم الليبراليون والعلمانيون للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، أم أن العمى والحقد الإيديولوجي قد عماهم؟
أين هم عقلاء الجيش المصري؟ وشرفاء الجيش المصري من أبناء الشعب المصري؟
أين هم من كان يكتب عن ثورة ثانية واستمرارية للثورة وعن انحياز الجيش للشعب؟ هل هذه هي الثورة الثانية؟ هل هذه هي الديمقراطية التي تبشرون بها؟
أين هم من كانوا يروجون إشاعات باطلة بأن قيادات الإخوان يرسلون أبناءهم إلى الإستجمام في الخارج ويرسلون أبناء المصريين إلى رابعة العدوية، فشاء الله، تبرئة وتزكية، أن يصطفي البنت الوحيدة للقيادي الإخواني محمد البلتاجي، الشهيدة أسماء محمد البلتاجي، وشاء الله أن يصطفي حبيبية أحمد عبد العزيز، ابنة القيادي الإخواني ومستشار الرئيس محمد مرسي لشؤون الإعلام، وغيرهما من بنات وأبناء الشعب المصري ومن أبناء وبنات الإخوان المسلمين كجزء لا يتجزأ من هذا الشعب، دليلا على بهتان وضلال المتربصين بمستقبل الأمة.
إن مصر مقبلة على أيام عصيبة، وكل المؤشرات توحي بقرب إشتعال حرب أهلية، وهو ما يحتم على شرفاء أرض الكنانة أن يعوا حجم المؤامرة، وعلى شرفاء الجيش المصري أن ينقلبوا على السفاح الفريق الأول ، قائد القوات المسلحة عبد الفتاح السيسي، وأن تعود المبادرة لأبناء الجيش المصري الشرفاء، وإذاك فقط سنتحدث فعلا عن ثورة ثانية هي امتداد لثورة 25 يناير، ستنقذ البلاد من كارثة الفوضى والعنف والعنف المضاد.
يا أبناء الجيش المصري لا تبيعوا آخرتكم بعرض من الدنيا قليل، ولا تبيعوا الوطن بجنيهات ومطامع ومكاسب وهمية وإن تحققت فهي زائلة، ولا يخدعنكم السيسي وهاماناته، وإن نصر الله قريب، (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ).
*عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية