محمد عصام: رئيس التحرير
ليس القصد من العنوان أعلاه، الفيلم الامريكي ( the great escape) لمخرجه جون ستورجس عن كتاب لبول بريكهيل، انما نقصد فيلما مغربيا المحيا والتقاسيم، فيلم سيئ الاخراج مثير للاشمئزاز، فإذا كان الهروب الكبير في صيغته الامريكية قد منح أبطاله تأشيرة للخلود في عوالم النجومية وبدرجات من الاستحقاق عالية، فإن أبطاله في نسخته المغربية أبطال بلا مجد، وأبطال بالمجاز بلا حقيقة.
يتعلق الامر هنا بالسعي الحثيث للمعارضة الموقرة للهروب من مواجهة رئيس الحكومة في إطار الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، ومحاولتها إفراغ هذه اللحظة الدستورية من مضمونها، وتقزيم فحوى الرسائل التي كانت مناط إدراج هذا المقتضى ضمن المتن الدستوري الذي جسد لحظة وفاء تاريخية لبنية المطالب السياسية والتشريعية المشروعة للشعب المغربي في انعطافته الربيعية. انه هروب بسبق الاصرار والترصد من التزامات المرحلة السياسية نحو الوثيقة الدستورية، والتي ترتب على الفاعلين تكاليف واضحة، ومسؤوليات مشتركة للتنزيل السليم لمقتضيات المرحلة.
الفيلم الرديء بحلقاته الرتيبة، ابتدأ بالموال النشاز حول المحاصصة الزمنية والتي استوجبت تدخل المجلس الدستوري الذي رد الأمور إلى نصابها، مرورا “بصفاقة” مقاطعة الجلسات و التي عرت ملامح القبح والجبن في سلوك المعارضة، مما جعلها تتراجع حسيرة عن المقاطعة، وتبحث في أرشيف سلوكها التاريخي المناور والمسكون بالرداءة والخداع، عن حل لورطتها امام التاريخ وأمام الوطن وأمام الناس، وهي التي صمت آذاننا بمناسبة أو بغيرها بالحديث عن الدستور والادعاء الكاذب للغيرة عليه، بل إنها نصبت نفسها حامية له، فلم تجد غير تخريجة الاسئلة المباشرة لتقزيم تدخل رئيس الحكومة وتفويت الفرصة التي أتاحها الدستور كاستحقاق لتنمية الرقابة المؤسساتية وتكريس الشفافية وتجسير العلاقة بين المؤسسات والمواطنين .
المعارضة في حلقتها الأخيرة من هروبها غير ” الكبير” وغير المشرف طبعا، تمارس حجرا على الشعب المغربي وتحرمه من مستحقاته الدستورية وحقه في الرقابة على مؤسساته، وتفرغ الدستور من مضمونه، وتخرق النظام الداخلي لمجلس النواب والأكبر من كل هذا انها لا تميز بين السياسة العامة والسياسة العمومية والسياسة القطاعية، باختصار انها توقع بنفسها شهادة وفاتها.