رسالة يتيم..

سليمان العمراني

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي رسالة لطفل يتيم يدرس بالسنة الأولى إعدادي وجهها لرئيس الحكومة هذا نصها:
” سيدي رئيس الحكومة.
اسمي أنس، أدرس بالسنة الأولى إعدادي، عمري 12 سنة، أنا طفل يتيم، كان والدي رحمه الله صيادا وقد تعرض لحادث غرق سنة 2010.
تتبعت خطابك بالبرلمان يوم الثلاثاء الماضي وسمعتك تتحدث عن صرف منحة لليتامى، لقد سعدت كثيرا بكلامك الصادق. سيدي رئيس الحكومة. أستحلفك بالله لا تخيب أملنا. والله موفقك ومعينك”.
تعبر هذه الرسالة تعبيرا صادقا عن ثلاث رسائل قوية من المفيد التوقف عندها:

   •    هذا طفل تعرض لليتم وهو ابن ثمان سنوات، في عز الحاجة إلى رعاية أبيه وتكفله بمصاريف دراسته، والواضح أن والده وهو صياد لم يكن يوفر لعائلته إلا ما يسد الرمق ويكفي مؤنة السؤال، ومع ذلك واصل الابن بمشقة دراسته ولم يدفعه فقد الوالد أن يغادر مقعد الدراسة أو يصيبه الإحباط لمصاب اليتم فيتخلى من أجل كسب قوت العيش، حيث لا تذكر الرسالة إن كانت والدة الطفل على قيد الحياة أم لا وهل له أشقاء وشقيقات أم لا، وكيفما كان الحال فإن المستوى الدراسي الذي بلغه دليل على انتصار إرادة مواجهة قدر فقد الوالد على كل عوامل الانتكاسة الدراسية، وهذا درس بليغ للعديد من تلاميذ مؤسساتنا التعليمية اليوم الذين توفر لهم عائلاتهم كل أسباب التألق الدراسي لكنهم شاردون عن واجبهم الدراسي ومن يتأمل في أزمة المنظومة التعليمية في بلادنا يجد أن أحد عواملها المؤثرة لا يكمن في قصور المناهج أو ضعف التدريس أو عجز الإدارة التربوية- رغم حضور هذه العوامل بنسب مختلفة- بل في غياب إرادة التعلم لدى التلميذ الذي تغذيه اعتبارات اجتماعية ظاهرة للعيان.   •    يتحدث هذا الطفل عن تتبعه لخطاب رئيس الحكومة في البرلمان وسماعه بمنحة اليتامى وسعادته بهذا القرار، وهو أحد الرسائل القوية والدالة في “رسالة” تلميذنا اليتيم، فمتى كان التلاميذ وغيرهم يهتمون بخطاب الوزراء ورؤساء الحكومات في البرلمان أو بالسياسة بصفة عامة؟ إن الحقيقة الناصعة التي لا يمكن أن يحجبها خطاب التبخيس والتعمية هي أن حكومة الأستاذ عبد الإله ابن كيران قد أحيت السياسة في بلدنا وأعادت لها معناها، وها نحن نشهد اليوم الإقبال على الأنشطة التواصيلة للوزراء مع المواطنين وتحلقهم حول الشاشة عندما  يحل بها رئيس الحكومة أو وزراؤه، إنها المصالحة مع السياسة مثل مصالحة الجماهير الرياضية مع المدرجات وعودتها إليها لتقوم بدور إسناد فرقها بعد أن أيقنت أن اللعبة الرياضية قد استعادت عافيتها بوجود فريقين يتنافسان وحكم وسط لا يميل إلى جهة من الجهتين، وقد حدث هذا بعد أن ساد لسنوات منطق معكوس في “مبارياتنا الديمقراطية” استقوى فيها الفريق الأغلبي بالحكم واختلت بسبب ذلك قواعد اللعب فما كان من الجمهور إلا أن غادر المدرجات.
لقد كانت مفاجأة التلميذ اليتيم سماعه رئيس الحكومة يتحدث عن قضيته وهو دعم أبناء الأرامل المتمدرسين، ففرح بهذا الأمر وهو وراء الشاشة في الوقت الذي افتضح بعض البرلمانيين على الأشهاد حين استهزؤوا بمبلغ منحة 350,00 درهم المخصصة لكل طفل يتيم متمدرس، وقد كانت صفعة رئيس الحكومة لهم كانت قوية عندما واجههم بقوله إن من يأخذ ثلاثة ملايين في الشهر لن يقدر قيمة “سبعة آلاف ريال”.       •     لقد أحس الطفل وهو في صغر سنه بصدق كلام رئيس الحكومة حين حديثه عن منحة اليتامى المتمدرسين، كيف لا وكل من شاهد أو تتبع نبرة خطابه وانفعاله وتأثره سيلمس فعلا صدقه وإخلاصه، والمثير في الرسالة أن يستحلف صاحبها رئيس الحكومة أن يمضي في طريقه وألا يخيب أمله والله موفقه ومعينه، إنها شهادة معبرة عما يختلج في قلوب المغاربة، وهذه عينة واحدة، من أن هذه الحكومة وعلى رأسها رئيسها تبذل وتناضل وتتدافع من أجل إسعاد المغاربة ولو علموا من بين أي فرث ودم خرج مرسوم دعم أبناء الأرامل المتمدرسين لخرجوا للشوارع يهتفون، إنها رسالة دعم ومساندة ضد جبهة لا يكاد يرى المغاربة إلا أدواتها الظاهرة التي تلعب لعبة حصان طروادة، أما أبطالها الحقيقيون “الطراودة” فهم مختفون وراء الكواليس ويفعلون بهذه التجربة تشكيكا وتدميرا مما من شأنه أن يعيد إنتاج تجربة التناوب التوافقي أو أكثر، وإذا نجح مسعاهم لا قدر الله فإن يتامى البلد لن يسعدوا بعد ذلك وسيحل الخراب ب”الملاعب”..

سليمان العمراني

[email protected]

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.