“تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى “

كلمة الموقع

خطوة جديدة في درب التفعيل الديمقراطي للدستور شهدها مجلس النواب يوم الأربعاء 4 مارس 2015، إنه حدث تشكيل لجنة تقصي الحقائق في الفيضانات التي عرفها جنوب المملكة الشهور الماضية، بعد تعثر دام أسابيع عديدة لكن تشكلت اللجنة في النهاية وأمكنها انتخاب رئيسها من المعارضة ومقررها من الأغلبية الدكتور عبد اللطيف برحو، وقد كانت المفاجأة هي تقديم المعارضة لمرشحَيْن لمنصب الرئيس، آل في الأخير بأغلبية وازنة للأستاذ عبد اللطيف وهبي.
إن هذه الخطوة تكتسي في تقديرنا أهمية خاصة وتعكس على الأقل ثلاث رسائل ذات دلالات معتبرة:
    •    الرسالة الدستورية:
أخيرا يتمكن البرلمان من تشكيل أول لجنة لتقصي الحقائق في العهد الدستوري الجديد، وذلك بعد إقراره للقانون التنظيمي للجان النيابية لتقصي الحقائق بحر السنة الماضية، وهي خطوة وإن وقعت متأخرة إلا أنها تسجل للمؤسسة التشريعية وتحمل دلالتها الدستورية التي لا تخفى.
    •    الرسالة المؤسساتية:
إن إسناد رئاسة أول لجنة لتقصي الحقائق للمعارضة لحدث بدلالة مؤسساتية قوية، وهو ينسجم مع الوضع المؤسساتي الذي خوله الدستور الجديد للمعارضة، بالرغم من استحقاق فريق العدالة والتنمية رئاسة هذه اللجنة لكونه أول من طالب بتشكيلها، وقد كانت الفرصة متاحة للمعارضة أن تشكل لجانا أخرى وتترأسها في قضايا عديدة أثارتها في جلسات الأسئلة الشفوية، لكن تبين عجزها بالرغم من الإمكان الدستوري المتاح لها لتشكيل هذه اللجان بسهولة، وقد كان حريا بها أن تمتلك زمام المبادرة خصوصا بعد تحدي الحكومة لها في تلك الجلسات ودعوتها لها بتشكيل لجان تقصي الحقائق في القضايا التي ترافعت من أجلها.
    •    الرسالة السياسية:
إذا كان تشكيل هذه اللجنة وإسناد رئاستها للمعارضة خطوة غنية بدلالاتها الدستورية والمؤسساتية، إلا أنها في المقابل تبعث رسالة سياسية يعكسها تقدم مرشحَيْن من المعارضة لمنصب الرئيس، فها نحن أمام محطة أخرى متجددة من محطات انكشاف حقيقة تماسك المعارضة، فهذه الأخيرة لم تستطع أن تتوحد في مواجهة الأغلبية ولم تنجح في تقديم درس التماسك كما قدمته هذه الأخيرة في استحقاقات مؤسساتية عديدة كان من أبرزها انتخاب رئيس مجلس النواب الحالي، بل إن تشتت المعارضة وتردي خطابها وتفرق مبادراتها وفشل التنسيق بين مكونَيْن رئيسين من مكوناتها، لهي الصورة الحقيقية والجلية بدون مساحيق، أما خبطها العشوائي ومواقفها بشأن تدبير الاستحقاقات الانتخابية لهذه السنة فهو يفيد شيئا واحدا كونها فاقدة للبوصلة وأن وضعها يدعو للإشفاق..       

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.