[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

الإعلام أي وظيفة؟

كلمة الموقع

مع دنو موعد الاستحقاقات المقبلة، تستعر حروب السياسة المتخفية في سرابيل الإعلام، وتصير منابره منصات للقصف بكل الأسلحة المباحة والمحرمة، وبالنيران ” العدوة والصديقة”، ويصير بذلك الإعلام مستقيلا من وظائفه الأصلية والجديرة بكينونته كحق في الولوج إلى المعلومة، إخبارا بها، وتحريا لوجودها، وتدقيقا لملابساتها، وبعد ذلك تعليقا وقراءة في سياقاتها واستشرافا لمآلاتها، فلئن كان الشق الأخير من هذه الوظيفة محكوما بالذات مرتهنا لحسابات الموقع، حريصا على العائد، فإنه مفهوم بل مبرر أن يمتح الإعلام بمقتضى هذا الشق من الوظيفة بالحرية التي تنتج التعدد، ولا ضير أن تختلف طبقا لذلك وجهات نظر الفاعلين فيه ولو في القضية الواحدة والنازلة المتعينة، ولكن الذي لا يمكن قبوله ولا التغاضي عنه، هو التلاعب بالشق الأول من وظيفة الإعلام باعتباره ناقلا للوقائع كما هي لا كما تشتهي سفن المتحكمين من وراء الحجاب في إنتاج الخدمة الإعلامية، والتحكم في زناد الكلمات، تحويرا للوقائع وتزويرا للحقائق، وافتراءً للأكاذيب، وإشاعةً للإفك المبين.   

وهو للأسف الشديد ما سقط فيه غير قليل من وسائل الإعلام بالمغرب، وإن كانت دواعي البعض في ذلك مكشوفة باعتبار العلاقة العضوية أو الفكرية التي تربطه باتجاهات سياسية، والتي تقتضي التماهي والمولاة وضبط إيقاع الإفتراء نيلا من الخصوم على عقارب الفاعل السياسي وطبقا لأجندته، المحكومة بتدبير معاركه وإدارة خصوماته وتحالفاته، فإن أغلب المنابر تبقى علاقاته ملتبسة وغير مكشوفة مع هذا الطرف أو ذاك، مادامت تلك الخدمة الموسومة كما قلنا سابقا بالإفتراء والكذب تؤدى حسب الطلب، وبمنطق ” عطيني نعطيك” ووفق آليات لا يخبر دهاليزها المظلمة إلا الراسخون في الإفتراء و”كراء الحنك”.

هذا بشكل عام هو الوضع الذي لا يسر الناظرين لإعلام فقد بوصلته واستكان لأنامل العبث السياسي تعبث بمحياه وتستثمر في عذريته وشرفه بكل الخسة والوضاعة المتخيلة،  مع ضرورة التأكيد مرة أخرى على أننا لا نعمم ما أسلفناه من أحكام على كل الجسم الإعلامي، فما زالت فئة قابضة على الجمر مرابطة على ثغر شرف الكلمة، ونبل الخدمة الإعلامية، لا يضرها تحريف المبطلين ولا كثرة سواد المبَدِّلين، وهي فئة منصورة بقدسية الوظيفة وجلال الإلتزام.

ولتمحيص الدعوى التي دفعنا بها سلفا، لابد من التأكيد على أنه وبعد مرور ما يقارب الأربع سنوات من عمر هذه الحكومة، وعجز من راود مخيلته إسقاطها عبر ما نعلم وما لا نعلم من الوسائل والدسائس، ما ظهر منها وما بطن، وبعد أن ارتدت كل الأسلحة في خاصرة أصحابها، بدءا بالدفع بمقولات أريد لها الرسوخ في المخيال العام للشعب المغربي في انتظار جني عائدها الانتخابي، من قبيل حكومة الزيادات، وحكومة عفا الله عما سلف، وحكومة الفضائح، وحكومة العداء للموظفين والمعطلين وهلم افتراءً، وبعد أيضا فشل هذه الدعوات في إثبات فساد الحكومة أو تورط وزرائها ومسؤوليها في ملفات تبذير المال العام أو الاختلاس أو إضاعة الأمانة، لجأت مؤخرا الى تكثيف مدفعيتها في اتجاه الجوانب الأخلاقية بعد انحسار كل محاولاتها في الكشف عن اختلالات ذات طابع تدبيري يمكن تكييفها جنائيا، ومن ذلك الزج بالقيادي في العدالة والتنمية الدكتور عبد العالي حامي الدين في موضوع زواج عرفي، ثم محاولة بناء ترافع “افترائي” يروم صياغة صورة نمطية عن أبناء العدالة والتنمية وبناتها، على أنهم يستحلون هذا الصنف من الزواج ويتداولونه بينهم، وبالتالي تركيز وإنماء صورة “شبقية” عنهم لدى المواطن، وإنزال هزيمة بهم في ملعب هم نجومه بلا منازع ولا بديل لهم في الأفق القريب.

ووصلت حمأة الإفتراء في بداية هذا الاسبوع، أن ادعى كبير” الدجالين” فيما اعتبره فتحا مبينا، وضربة قاصمة لظهر الحكومة ولرئيسها تحديدا، فيما نشره بهتانا وزيفا مبينا، أن نجل رئيس الحكومة يستفيد من منحة شهرية تقدر ب 5000 درهم لمتابعة دراسته بفرنسا، وذلك بعد تدخل والده، بل ضغطه على وزير التعليم العالي لتمتيع نجله بتلك المنحة بدون استحقاق ومزاحمة لأبناء الشعب الأحق بها، وكل هذا مجرد تخيلات وادعاء بلا دليل ولا برهان،  والحال أن تلك المنحة استحقها صاحبها قبل أن يكون والده رئيسا للحكومة، ولم يكن الدكتور لحسن الداودي وزيرا للتعليم العالي إلا في مخيلة “مسيلمة” ومن دان بدينه، بل إن حتى الانتخابات التشريعية والتي ستعطي الصدارة لحزب العدالة والتنمية لم تجر بعد.

وختاما فإن هذه الواقعة وغيرها تفيد أن أوار المعركة وإن حمى وطيسها، واشتد إيقاع الإفتراء والكذب فيها، فإنه لا يجدي في طمس الحقائق البينات ولا في تزوير الوقائع الجليات، وإن استطاع بمكره و”خيله ورَجله” أن يشوش عليها إلى حين، ذلك أنه مهما علا كعب المفترين واشتد عود بهتانهم، فإنه لا محالة متلبسة به أخطاء وهفوات، يكفي شيء من الوقت لتنكشف عوراته ويسقط بناؤه.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.