[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

جواب حزب العدالة والتنمية

حسن حمورو

كما العادة وكما كان متوقعا انطلقت منذ مدة موجة جديدة من الحملة المتجددة جبنا ووضاعة ضد حزب العدالة والتنمية، والتي لا تكاد تقبل البلاد على استحقاق يتبعه حفر في التاريخ ورسم لمعالم المستقبل، إلا وازدادت ضراوةً في الاستهداف وحقارةً في الأساليب وتفاهةً في المضمون وسرابا في الأهداف.

طبعا لم يعد ممكنا التدليس على المغاربة أومحاولة الايقاع بينهم وبين حزب العدالة والتنمية، أو ايجاد تناقض بينهم وبين الحزب، لسبب بسيط وهو أن الجميع تعرف على هذا الحزب في مناسبات كثيرة، في ساعة الرخاء كما في ساعة الشدة، تعرفوا عليه وهو يتلمس بدايات الطريق بعد خروج قياداته من فضاء الدعوة  إلى فضاء السياسة، تعرفوا عليه وهو ينفتح على المجتمع وهو يحقق الاندماج التدريجي ويصعد شيئا فشيئا ليربح مساحات  في المجال العام دون دعم ولا مساندة غير مشروعة وبدون منشطات محرمة.

ولعل هذا المسار المكشوفة تفاصيله أمام الجميع، كان سببا في فشل جميع الحملات التي خيضت ضد العدالة والتنمية، حيث كان الحزب يخرج قويا بعد كل حملة مهما بلغت حقارة اساليب الضرب فيها، والتي بلغت في الموجة الحالية مستوى بئيس من التشكيك في أخلاق مناضليه وتصويرهم في أقبح الصور التي يرفضها المجتمع ويعيبها ولا يقبل التطبيع معها.

هذه الموجة التي لن يكون من خطط لها سوى جهة تجرعت مرارة الهزيمة أمام العدالة والتنمية، بعد أن ساهم  في فضح أهدافها على رؤوس الأشهاد، وسفّه خطابها وأبرز ما فيه من تناقضات، انخرط في تنفيذ إجراءاتها للأسف صحافيون يقدمون حبر أقلامهم قربانا للقرب والتزلف والتودد لمن يعتقدون أن الرزق بأيديهم والمستقبل في أوامرهم وتعليماتهم، فجنوا الخيبة وبددوا رصيد مصداقيتهم أو ما تبقى منها أمام قرائهم، وأفسدوا علاقاتهم التي لا يملكون سواها رأس مال في مجال اشتغالهم.

عموما موجة الاعتداء على حزب العدالة والتنمية مصيرها إلى انكسار على صخرة معرفة الشعب به، وصخرة مواصلته تقديم الدروس الراقية في تدبير الشأن العام وتدبير علاقاته مع صانعي القرار في مختلف المستويات، وسيعود المعتدون أدراجهم بخفي حنين، وسيستمر الحزب في أداء رسالته ما لم يتسرب الى دواخله دخن.

دعونا الآن نلقي نظرة على الكيفية التي تفاعل بها حزب العدالة والتنمية مع هذه الموجة، منذ انطلاقتها، الرصد لهذا التفاعل يكشف انحياز الحزب التام إلى المجتمع وجعل خياراته القيمية مرجعية في اتخاذ الموقف، فانتصر لرفض المجتمع المس بقيمه وتبنى ردوده المنسجمة مع ما يتيحه القانون من ممارسة الحقوق بانضباط، وجدد الحزب التأكيد على انخراطه في مسار الاصلاح بمجابهة الفساد وأذرعه مؤسساتيا تثبيتا لدورها ورمزيتها في سياق توطين الإصلاح، مهما اعترى اجتهاداتها من أخطاء وتجاوزات.

رصد تفاعل العدالة والتنمية خلال هذه الفترة أبرز توجهه بإصرار نحو استكمال أوراش الإصلاح المتعاقد بشأنها في البرنامج الحكومي، ليكون واحدا من مرجعيات تقييمه والحكم عليه، وهكذا عرفت هذه الفترة تسريعا لوتيرة التشريع المرتبط بالاستحقاقات الانتخابية والمرتبط أيضا برهانات تنزيل المخطط التشريعي، كما تتبع الجميع كيف أعاد القيادي في الحزب وزير العدل والحريات النقاش مجددا من خلال تصريحات ومشاركات في ندوات، حول مسودة مشروع القانون الجنائي وحول المنهجية غير المسبوقة في إعداده وكذا حول مستجداته المتسمة بالجرأة، إضافة إلى الشروع في تعديل مدونة السير، الى جانب إجراءات أخرى مرتبطة بالجانب الاجتماعي منها صدور قانون التغطية الصحية لفائدة الطلبة في الجريدة الرسمية.

خلال هذه الفترة أيضا استقبل المغرب استثمارات كبيرة، عززت ثقة كبريات الشركات العالمية في المناخ السياسي للبلاد الذي انخرط حزب العدالة والتنمية في دعمه  بل كان طرفا وازنا فيه، إلى جانب حلفائه في الحكومة الذين قالت كلماتهم في لقاء توصلي مع برلمانيي الأغلبية انعقد هو الآخر في هذه الفترة كل شيء عن الانسجام والتفاهم والتوافق الذي يحكم علاقتهم بالحزب.
خلال هذه الفترة أيضا، اختار العدالة والتنمية أن يجيب بطريقته على الهجمات المتوالية عليه، بعقد كافة استحقاقاته التنظيمية في وقتها، وتطبيق قوانينه الداخلية ومساطره التي ارتضاها داخل مؤسساته، حيث انعقدت في كل فروع الحزب المحلية والإقليمية جموع عامة حضرها كل أعضائه وفق شروط انتصرت للانضباط الحزبي، وأفرزت بالانتخاب السري لجانا لاختيار مرشحي الحزب في الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة، هذه اللجان انتخبت بدورها في اجتماعات تجاوزت مدتها عشرات الساعات، أسماء مقترحة لتمثيل الحزب بدون تدخل ولا ضغط ولا وساطة ولا تهديد ولا ابتزاز، ويكون الحزب بهذا قد رفع التحدي مجددا أمام باقي الأحزاب لكي تفتح أسوارها أمام المواطنين ليتعرفوا على طرق اختيارها لمرشحيها ومعايير الاختيار ومصادر التوجيه.

هكذا اذن يتضح أن حزب العدالة والتنمية مستوعب لسياق كل حملة تشن ضده، فيفرغ وسعه في ما يعتقد أنه يمكث في الأرض وينفع العباد والبلاد، فيتجه اليه ويحاول الابداع فيه، مركزا على تأهيل الذات الحزبية وتعميق أواصر التواصل المباشر مع المواطنين، ليترك غيره منشغلا به منتظرا هو اللحظة التي يقول فيها الشعب كلمته ومساهما في توفير الشروط المناسبة لتصل هذه الكلمة.

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.