كيف سيفوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات الجماعية ولماذا؟

محمد يتيم

النتائج الكمية التي سيحصل عليها الحزب في الانتخابات الجماعية التي ستجري غذا الجمعة، لها اعتبارها وأهميتها في تصور العدالة والتنمية، حيث نتوقع أن يحصل حزب العدالة والتنمية على نتائج تشفي صدر مناضليه وتسر متعاطفيه وتغيظ خصومه، وهو أمر طبيعي بالنظر للتقدم التدريجي للحزب على مستوى التغطية، وبالنظر إلى حملته الانتخابية  التي رفعت السقف عاليا وحجم التجاوب معها.

لكن مهما يكن حجم تلك النتائج وهو مطلوب ومأمول فإنه يبقى في الدرجة الثانية في شبكة المعايير التي ينبغي أن يعتمدها مناضلو الحزب ومتتبعو الشأن السياسي الوطني  نظرا لعدد من الاعتبارات منها  :

1 – إسهام الحزب في إعادة الروح للحياة السياسية وفي رفع نسبة المشاركة كما نتوقع رغم وعينا بوجود عدد من العوامل التي ما تزال تكرس  مشاعر الاحباط والنفور والإحساس بعدم الجدوى عند فئة عريضة من المواطنين، فنحن نقيس  هذا التقدم بما كان سيكون عليه الامر من وضع كارثي ( التاريخ الذي لم يقع ) لولا الشحنة الجديدة التي بعثت فيها منذ سنة 2011 بعد أن احتل حزب العدالة والتنمية الصدارة وقاد الاغلبية الحكومية، لقد ضخ الحزب منذ ذلك الوقت قدرا معتبرا من عودة الثقة والامل في مستقبل أحسن ممكن.

2 –  ما أسفر عنه إسهام الحزب في تدبير الشأن -رغم كل الصعوبات والمعوقات سواء في تدبيره للشأن الحكومي- من إصلاحات تدل على حس مواطن يقدم المصلحة العليا للوطن على مصلحة الحزب، وتفان في خدمة الشأن العام، ونظافة يد أجهدت بعض المنابر المأجورة نفسها في البحث عن ثغرة في أخلاق وسلوك مناضلي وقيادات ووزراء العدالة والتنمية فارتد بحثها الخائب ونظرها الكليل خاسئا وهو حسير، إصلاحات أخرجت الوضع الاقتصادي والمالي من مواجهة السكتة القلبية والموت السريري، ولولا ما قدمه منتخبوه الجماعيون من نماذج حية في خدمة مصالح المواطنين في المدن التي يسيرها الحزب، نماذج شاهدة وناطقة أكثر مما تنطق به الخطب في المهرجانات والشعارات في المسيرات !

3 –  ما عرفته عملية القيد في اللوائح الانتخابية من أرقام غير مسبوقة فيها فئة كبيرة من الشباب من المفترض ان تنعكس على الإقبال على صناديق الاقتراع يوم الجمعة 4 شتنبر 2015، وما أضفاه حزب العدالة والتنمية من حيوية على العملية الانتخابية ومن بعد سياسي ورفع لسقف التنافس.

4-   تزايد نسبة متابعة النقاش العمومي كما تدل على ذلك نسبة متابعة الجلسة الشهرية حول السياسة العامة، وأحاديث الناس في المقاهي والمداشر والقرى النائية ووصول “المصباح” إليها فكرة وحزبا، وما أحدثته القوة التواصلية المباشرة مع المواطنين ونزوله الى الميدان في عدة مهرجانات شعبية عرفت حضورا جماهيريا مكثفا، وشكلت صورها ما اصطلح على تسميته ب ” الفوتوشوك ” (صدمة الصورة)، وما أحدثته من دينامية غير مسبوقة في الحملات الانتخابية.

5-  الأداء الإعلامي للحزب وتصدره للمشهد في فضاء الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن دينامية لشباب الحزب في هذا الفضاء، وهو ما رفع سقف التنافس وفرض على المنافسين إيقاعات لم يقووا على مسايرتها الا بالبلطجة الإعلامية والبلطجة الجسدية أحيانا أخرى .

6-  ما أدت اليه الديمقراطية الداخلية الراقية التي دبر بها الحزب طريقة اختيار مرشحيه  من رفع سقف المنافسة، وما أنتجته من مستوى متقدم في المستويات العلمية والتكوينية لمرشحيه بالمقارنة مع غيره من المرشحين، ومن المؤشرات الملموسة والدالة على ذلك ما اقترحناه على أهل مدينة فاس، مدينة العلم والحضارة، اقترحنا عليهم رجلا ممن نشأ في أحضان تلك المدينة ودرس فيها، رجل يعتبر فخرا لها ولأهلها وهو السيد ادريس الأزمي وزير الميزانية. فهي تسحق رجلا من هذا العيار، ولا يليق بها ما ابتليت به خلال السنوات السابقة.

7-  اعتماد الحزب أساسا على مناضليه ومتعاطفيه وعلى إمكاناتهم الذاتية في الغالب وتجنب اغراق لوائحه بالأعيان أو تجار الانتخابات كما فعلت أحزاب منافسة، يعتمدون أساسا في تدبير حملاتهم الانتخابية على دعم قواعد الحزب ومناضليه ومتعاطفيه وليس على عمال مأجورين يكتفون بتلويث الفضاء العام برمي المنشورات كيفما اتفق، إن ذلك كله قد أدى وسيؤدي إلى رفع التحدي وكشف عورات المنافسين كما ظهر في محاولاتهم تنظيم “مهرجانات” بائسة واختباء عدد من اباطرة “المعارضة” وتحديهم من قبل الحزب في عقر دارهم !

8- التدبير السياسي والتشريعي والتنظيمي الناجح للانتخابات وتوفير كل ضمانات النجاح، وضمان أكبر قدر ممكن من حياد الادارة الا ما خفي وما استمر من “الخلايا النائمة” التي ما يزال بعضها في خدمة التحكم والتي تم “تعطيل” أثر من ثبت استمراره في خدمة مشروع افساد العملية الانتخابية، أو اشتبه في كونهم كذلك! هو ما يعني أن الفساد الانتخابي أصبح يحشر في أضيق زاوية، وأن الإرادة السياسية قد اختارت طريق البناء الديمقراطي رغم العوائق الكثيرة ومنها ترهل عدد من الأحزاب، واختراق مختلف عوامل الإفساد لها، وتعديلها على أعيان وتجار الانتخابات كي تمدد حياتها الاصطناعية بدل ان تتخذ قرارا بتقبل تفعيل إجراءات “الموت الرحيم”.

  بهذه المقاييس قبل مقياس ما ستسفر عنه الانتخابات من رتبة وموقع وتموقع في خريطة التدبير نقيم وسنقيم نتائجنا. وبها نؤكد أن حزب العدالة والتنمية حقق وسيحقق فوزا ساحقا في الانتخابات الجماعية، ودون شك فكما أن حضورنا في التدبير الجماعي بعد انتخابات 2009 رغم الهجمة الشرسة للتحكم على ترشيحاتنا وتحالفاتنا، كان حضورا إيجابيا على العموم، فدون شك فإن هذا الحضور سيتضاعف، وسيكون الحزب أيا كانت النتائج في وضع أفضل لضخ نفس جديد من النزاهة والفعالية ودمقرطة البناء الديمقراطي.

 نحن نسعى إلى تحسين تموقعنا، ولم لا الفوز بالانتخابات من خلال احتلال الرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات وعدد المقاعد، لكن ما هو أهم من ذلك عندنا أن تكون مشاركة الحزب النوعية إسهاما في تقدم بلادنا في مجال البناء الديمقراطي، وخطوة في مسار دحر التحكم والفساد المتحالف معه والناجم عنه وفي التطور الديمقراطي لبلادنا وفقا لمنهج الحزب القائم على التدرج والقائم على التعاون وعلى الشراكة.. أليس ذلك هو شعار مؤتمرنا السابع القائل: شراكة فعالة في البناء الديمقراطي من أجل التنمية والكرامة والعدالة الاجتماعية !!

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.