بن كيمون : اذا اغضبتك مسيرتنا. فان غضب الشعب اكبر

محمد يتيم

في رد فعل غاضب من ” بان كيمون “على مسيرة الرباط، قال ان على المغرب ان يحترم الامم المتحدة وعبر عن استيائه مما اعتبره تهجما على شخصه في مسيرة الرباط التي حضرها اعضاء من الحكومة !
وبغض النظر عن هذا التطاول من مسؤول اممي على حق شعب في التظاهر والتعبير عن غضبه بسبب احساسه بالتحيز من قبل مسؤول اممي في قضية تمس احد ثوابته الوطنية، قضية هي محط اجماع بين مختلف مكونانه، وان الوزراء في الحكومة هم جزء من الشعب، وينبغي ان يكونوا دوما قريبين منه ومتجاوبين مع نبضه،  خاصة حينما يتعلق الامر بالقضايا الوطنية الكبرى، فإننا نقول:
من حق بن كيمون ان يعتبر ان قد مَس في شخصه، ولكن عليه ان يعرف ان الشعب المغربي  انما خرج لانه احس بانه قد مس في كرامته، وان السبب هو تصريحاته وتصرفاته المستفزة الجارحة  لكبرياء كل المغاربة !
كان على بان كيمون ان يُسائل نفسه لم خرج المغاربة بكل هذه الكثافة وتلك التلقائية، وجددوا الخروج من جديد في مدينة العيون ولمَ وجهوا له كل تلك الانتقادات، ولماذا حسب زعمه – وهذا ليس صحيحا كما سنبين – لم يحترموا الامم المتحدة !!!
ذلك ان الذي أخرج المغاربة هو احترامهم للأمم المتحدة وخشيتهم من انزلاق بان كيمون عن توجهات الأمم المتحدة وصلاحياته ودوره كأمين عام لهذه الهيئة الاممية !!
ومن باب التذكير،  فلقد انضم المغرب مبكرا للأمم المتحدة سنة 1962 وكان ذلك أول قرارات المغرب المستقل التي تؤكد التزامه بالعمل في نطاق الشرعية والمؤسسات الدولية، وما فتئ يوكد في عدد من المناسبات انخراطه في العمل على تحقيق أهدافها المتمثّلة في تحقيق السلم والأمن الدوليين وتطوير مبادى القانون الدولي ودولة الحق والقانون.
وهو الالتزام الذي أكده دستور 2011 في ديباجته التي تقرر اندراج عمل المغرب في المؤسسات الدولية واعتباره عضوا نشيطا فيها ملتزما بما تقتضيه مواثيقها  من مبادئ وحقوق وواجبات ومنظومة القانون الدولي الانساني والنهوض بها والاسهام في تطويرها، وهو ما يترجمه مشاركته في قوات حفظ السلام في عدد من البلدان، وتعاونه من المنظمة الاممية في السعي لإيجاد حلول لعدد من الأزمات الاقليمية مثل استقباله على ارضه للحوار بين فرقاء الأزمة الليبية واستعداده لاستقبال النسخة الثانية من قمة المناخ، وهو الذي قبل وقف إطلاق النار والسماح لبعثة المينورسو بالإقامة فوق أرضه لمراقبة وقف إطلاق النار !!
ومن الناحية العملية ايضا فقضية استكمال السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية هي قضية محسومة من الناحية العملية والميدانية، حيث إن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، لكن لحرص المغرب على الشرعية الدولية هو الذي جعله يقبل بنقل الملف للأمم المتحدة ولمجلس الأمن على وجه الخصوص.وبناء على ذلك فانه لا يمكن للامين العام ان يدعي ان المغرب لم يحترم الامم المتحدة . ان غضب المغاربة انما  هو في الحقيقة لان الأمين العام تصرف بطريقة مخالفة لقواعد السلوك المفروضة في أمين عام للمنظمة الاممية.
ماذا يعني ان ينعث بان كيمون في سابقة لم يسبق لها أمين عام سابق او تقرير من التقارير الصادرة عن مجلس الأمن المغرب بالمحتل للصحراء ؟
كيف لا يغضب المغاربة وهو قد استخدم كلمة ” الاحتلال ” في  سابقة في قاموس الامم المتحدة، كيف لا وهو الذي قال بعظمة لسانه: إنه يتفهم    غضب من سماه ب “الشعب الصحراوي” تجاه استمرار حالة احتلال أراضيه مع ان البوليساريو لا تمثل الشعب الصحراوي ، دون ان ينبس ببنت شفة حول وضعية حقوق الانسان في المخيمات وحول قضية احصاء المحتجزين وهو الذي سبق ان ضمن القضيتين في تقارير سابقة لمجلس الأمن ؟؟ كيف لا يتفهم غضب الشعب المغربي ويواجه بالغضب مسيرته، ويتفهم غضب من سماه بالشعب الصحراوي !!!   
كيف لا يغضب المغاربة وهو يتعامل  مع منظمة انفصالية تعامل دولة وينحني تحية لعلمها، ويرسل إشارة ” نصر ” ولا ندري لمن هي موجهة ام هي إمعان في التحدي و”الانتقام ” لشيء في النفس !!غضبة بن كيمون ترجع في نظرنا الى صرامة الموقف المغربي، وان هذا الموقف قد كشف بالفعل الانزلاقات اللفظية والسلوكية لدى بان كيمون، الذي  بدا بالفعل فاقدا للبوصلة الاممية الموجهة لقواعد تعاملها مع النزاعات، متحيزا على حساب الموضوعية والحياد المفروض في أمين عام للأمم المتحدة.
غضبة بان كيمون لان المسيرة المليونية للشعب المغربي جاءت لتؤكد ان المسألة ليست مسألة حكومة ومسؤولين في مختلف مستويات القرار في الدولة، ولكنها قضية شعب خرج في مسيرة غير مسبوقة من حيث العدد ومن حيث التنوع في الانتماء السياسي والجغرافي، مسيرة شعبية تلقائية نظمت في زمن قياسي، عبَّر فيها الشعب بعفوية  وتلقائية بعيدا عن اللغة الديبلوماسية عن رفضه لسلوك وتصرف بان كيمون.
اما عن خروج وزراء في الحكومة فذلك هو المطلوب، المطلوب من الوزراء ومن الحكومة التجاوب مع نبض الشعب والخروج الى جنبه، خاصة حين يتعلق الامر بالوطن وكرامته، وكان على بان كيمون أن يكون شاكرا للشعب المغربي لأنه بخروجه المتميز ذاك، رفع في وجهه بطاقة صفراء تنبهه الى احترام  دور الوسيط المساعد على حل النزاع لا دور الذي يسهم في إشعال المنطقة وإدخالها إلى دوامة من الاضطرابات وعدم الاستقرار ويوفر الشروط الملائمة لتنامي المخاطر الإرهابية.
عِوَض أن يعتذر بان كيمون ويقر بانه خرج عن الحياد اللازم والمفترض من وسيط لحل النزاع الى طرف فيه  ، فانه قد أبى أن يواصل هروبه الى الامام ، غضب بن كيمون لان مسيرة الشعب المغربي كشفت بالملموس أنه حاد عن الحياد وأصبح طرفا في المشكلة.
ولذلك لم يكن مقبولا من المغرب إلا أن يعلن عن جملة قرارات حازمة ضد مواصلة بن كيمون لنهجه، منها دعوة بعثة المينورسو بتقليص عدد أعضائها فوق التراب المغربي وسحب مشاركة قواته العسكرية في القوات الاممية لحفظ السلام، وإلغاء مساهمته المالية في ميزانية تسيير البعثة، وهي أقل ردود الفعل الممكنة في التجاوب مع الغضب الشعبي حول استفزاز بان كيمون . نقول للسيد بن كيمون أخيرا: إذا أغضبتك مسيرتنا فغضب الشعب اكبر!! والمغاربة وراء ملكهم وحكومتهم على استعداد للذهاب اكثر في الدفاع عن كرامتهم وفرض التعامل معهم التعامل الذي يليق بالمغرب كبلد متحضر وملتزم بالقانون الدولي ومصمم على أن لا يفرط في أية حبة رمل من صحرائه !!

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.