من تكون له الكلمة الأخيرة : المعقول أو معارضة الاعلام الأصفر والمناورات السياسية؟

محمد يتيم

لماذا لم تستطع معارضة ” شباط” سابقا، ومعارضة” لشكر “ونقابته التي خرجت من خارطة التمثيلية، و معارضة من اختبأ تحت قبعة نقابة نوبير الأموي، وجبة نقابة المحجوب بن الصديق من مناضلين من أقصى اليسار وإسلاميين رافضين في الأصل للمؤسسات القائمة، ثم  معارضة ” العماري ” الذي خرج أخيرا من جحره، أضف إليهم على الأخص معارضة ” سيطايل “، أي حزب القناة الثانية التي تحولت من قناة عمومية إلى حزب سياسي يتموقع في التجاذبات السياسية والحزبية ويسعى لترجيح كفة على أخرى 

 لماذا لم يستطع هؤلاء النيل من شعبية العدالة والتنمية ورئيس الحكومة بن كيران ؟

ولماذا لم تستطع الصحافة الصفراء التي تنام وتستيقظ على الكذب والبهتان، أضف إليها اليسار العدمي وإسلاميون رافضون يتمنون اندحارا قريبا لتجربة العدالة والتنمية، حتى يواصلوا اطمئنانهم لخياراتهم المسدود نفقها، المغلقة سبلها، ولعلهم يبرؤون ذمتهم من عناء وكلفة مراجعته، وإخراج لجيل كامل من الشباب من معارك الاصلاح اليومية في خنادق التدافع مع الفساد ؟؟ 

 لماذا لم يستطع أولئك، وأموال خليجية رصدت لدعم كل الثورات المضادة وإجهاض التحول الديمقراطي ودخلت على الخط كما دخلت في تونس، لماذا لم يستطيعوا زعزعة ثقة وتعاطفا شعبيا تلقائيا مع تجربة العدالة والتنمية؟

 لماذا لم يستطع كل ذلك كله وذلك التحالف غير المعلن بين أخلاط من التوجهات والمذاهب الإيديولوجية والمصالح المتناقضة، أن ينال من شعبية ابن كيران كما تجلى ذلك واضحا بينا في اقتراع 4 شتنبر 2015، فوضعت المدن الكبرى ثقتها في العدالة والتنمية  وتراجع دور الأعيان  والمال في السياسة وخيبت نتائجه أوهام تلك ” المعارضات ” ؟؟ وستخيبهم ان شاء الله في استحقاقات أكتوبر 2016 ؟  

 إن قراءة بسيطة في نسبة متابعة ومشاهدة خرجات ابن كيران تتجاوز بكثير عدد ما يسحب من صحف ورقية وما يشاهد من برامج ونشرات متحزبة لقناة ” سيطايل ” !!

لماذا انقلبت القيادة الاتحادية الحالية  مثلا على التوجه الأصيل  لحزبه والذي ظل وفيا لنهج النضال الديمقراطي، وللدعوة في عهد القيادات الاتحادية الأصيلة  إلى ضخ الاستحقاقات الانتخابية بمزيد من الشحنات الديمقراطية والإجراءات القانونية التي تحد من البلقنة، واتخذت بدل ذلك، مواقف نكوصية تدعو الى إلغاء العتبة نهائيا وهرعت للتحالف مع من سمته ذات زمن ” نضالي ديمقراطي ” ب” الوافد الجديد ” عسى أن تضمن لحزبها استمرارية وجود في الخارطة السياسية، وحتى لا يكون مصيرها مصير نقابتها؟؟ 

لنبدأ أولا بالإعلام الأصفر ..فأقول نعم إننا نتأسف لكوننا لسنا شعبا قارنا ونأسف أن مقروئية الصحافة في مراتب متأخرة مع الدول المغاربية،

لكن ينىغي التأكيد أن ما عمق المشكلة عندنا هو  فقدان نمط من صحافتنا للمصداقية، فعوض أن تنهض الصحافة بثقافة القراءة، وننهض بالحس النقدي وتسلح القارئ بالمعلومة الصحيحة ـ نجد أنها قد تخصصت في التضليل وطلقت المهنية  طلاقا بائنا وتخلت عن القيام بدورها الأصيل المتمثل في الإخبار والتنوير، وانخرط في الدعاية والتضليل والتزوير، وجعلت من نفسها محل الفاعل السياسي مع الاستمرار في ادعاء الانتماء إلى السلطة الرابعة.

لحسن الحظ أن المجتمع اليوم لم يعد معولا على هذا النمط من الصحافة . فقد أصبح يتملك بشكل أفضل للمعلومة ويتحكم فيها،  حيث لم يعد من السهل التعتيم أو الكذب على الذقون، وحيث أصبحت أرض الله في الإعلام واسعة، ولم يعد ضربة لازب وقدرا مقدورا التعرض لقصف القنوات العمومية وتحيز حزب قناة ” سيطايل “،  ؟

للتحكم إعلامه الأصفر، وله قناته أو قنواته، و” صحفيوه” الذين تملى عليهم التوجهات التحريرية ، حتى إنك وأنت تقرأ صحفا صفراء اللون وحامضة الذوق، تستطيع أن تكتشف بسهولة  أن أقلامها غمست في محبرة واحدة: محبرة التحكم !! 

ولكن لماذا رغم الكذب ليل نهار، ورغم التضليل والتزوير بدل التحرير والتنوير، لم تنجح الصحافة الصفراء في التصدي لشعبية بن كيران ؟ ولماذا أتت نتائج انتخابات 4 من شتنبر عكس توقعات وتمنيات الصحافة الصفراء؟

 سؤال يتعين الوقوف عنده طويلا والتأمل فيه مليا من قبل هؤلاء وأولئك ، لعلهم بعد تفكير رصين،  ينصرفون  للقيام بدورهم كصحفيين، وإلى مراجعة أنفسهم كسياسيين ويبحثوا عن سبل الخروج من أزمتهم عوض أن يعيشوا على وهم أن ما بعد الربيع العربي وحركات ” التمرد ” المشبوهة يمكن أن تعيدهم إلى الواجهة، أو يعولون على تقنيات التحكم في الخريطة الانتخابية باللعب على التقطيع الانتخابي أو العتبة ـ أو يراهنون على دفعة من تحريضات الإعلام الأصفر والقنوات المسيسة التي تصب في نهج النكوص ومقاومة الإصلاح ؟

والجواب يكمن في أمرين : الأول أن الشعب العريض لا يقرأ تلك الصحافة ولا تصله ولا يصلها، والثانية أنه حين يقرؤها أو يجلس لمشاهدتها، فإنه لا يصدقها لسبب بسيط وهو إدمانها الكذب والتضليل،  ولذلك فقد أصبحت فاقدة للمصداقية، وهي في واد والشعب في واد آخر!!

الشعب لا يقرأ : نعم ، ولكنه يحس بذكائه الفطري ويرى ويسمع، وينظر في الوجوه ويعرف أن وجه بن كيران ليس وجه كذاب !! 

الشق الثاني في الجواب هو أن حزب العدالة والتنمية الذي يقود التجربة الحكومية، والذي هو المستهدف الأول يمتلك قناة أكبر وأعظم ألا وهي قناة الشعب، وتواصله الميداني معه، ووجوده بقربه، يأكل طعامه ويمشي في أسواقه، مما يجعله حائزا على ثقته بغض النظر عن الإنجاز من عدمه.

العدالة والتنمية له ثقة الشعب لأن هذا الأخير متيقن من نظافة مناضليه وتورعهم عن المال العام مهما تقدموا في المواقع والمناصب، وهو أمر يومي يلمسه ويشهده الشعب ويعاينه، وليس مجرد شعارات طنانة وخطبا زائفة.

وهي ثقة لا يمكن أن تصنعها او تحجبها أباطيل الصحافة الصفراء .. هي الثقة والاطمئنان المتولدة من القدرة على التفرس في الوجوه واكتشاف الصادق من اللاحن في القول  !!! ولهذا لا نسمع من الشعب إلا دعاء بالعون، وتوصية بالمضي في الطريق، وتأكيدا على أن المغاربة واعون ومتابعون لما يجري ويدور !!

إن فقدان المصداقية  هو الذي يفسر أيضا ضياع المعارضة وإفلاسها، فهي ما فتئت تراكم خلال السنوات الخمس الماضية الهزيمة تلو الأخرى في المعارك والقضايا المفتعلة التي تثيرها نتذكر منها معارك في البرلمان حسم فيها المجلس الدستوري من قبيل معركة المادة 104 ومعركة التوقيت المخصص لرئيس الحكومة والقائمة طويلة ، ومعارك تم الركوب فيها على مطالب فئوية مثل قضية الأساتذة المتدربين وهلم جرا !! 

معارك خاسرة وقضايا مفتعلة من أجل الحصول على مكاسب ومواقع سياسية وانتخابية، وأوهام تبخرت و اتضح أنها سراب  يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاء يوم الرابع من اكتوبر لم يجده إلا إعلان عن ميلاد وعي سياسي اجتماعي جديد يؤشر على ان المغاربة أصبحوا يقيسون بمقياس ” المعقول ” و المصداقية ولا تنطوي عليهم حيل البهلوانيات السياسية ”  

وحين يسأل المغاربة من تكون له الكلمة الأخيرة: المعقول أو معارضة المناورات السياسيةً؟؟ فإنهم لا يخطئون الجواب ويعرفون تفحص الوجوه ومعرفة الوجوه الكاذبة من الصادقة …. المغاربة يعرفون التمييز بين المعقول و ” التاحراميات ” السياسية .

 
شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.