كلمة الموقع
المغرب ليس دولة إسلامية يقول زعيم التحكم، رغم أن ديباجة الدستور تقول: إن “المملكة المغربية دولة إسلامية”، ورغم أن الملك هو أمير المؤمنين وحامي الملة والدين ويرأس المجلس العلمي الأعلى للعلماء بمقتضى الفصل 42 من الدستور أيضا.
فهل يمكن أن يكون الملك أميرا للمؤمنين لو لم تكن الدولة الإسلامية؟ وأي معنى سيكون لإمارة المؤمنين في دولة علمانية وأي لزوم له؟، ثم كيف ستبقى للروابط الدينية بين الملك باعتباره أميرا للمؤمنين، وخاصة روابط البيعة والولاء وبين أهلنا في الأقاليم الصحراوية المسترجعة. وكيف ستبقى لها قيمة ومعنى وحجية قانونية في دفاع المغرب عن أحقيته بالصحراء إذا عملنا على توهين تلك الروابط، وهي التي ظلت على الدوام قائمة حتى حين كانت يضعف حضور الدولة المركزية في الأطراف ؟؟
“إذاعة محمد السادس تنشر التطرّف” علما أنها من المؤسسات التي تعمل تحت إشراف إمارة المؤمنين !! كيف يتم الجرأة على هذه المؤسسة، وكيف يعقل أن يسمح أمير المؤمنين بنشر التطرّف والسكوت والتستر عليه؟ وهل معنى ذلك أنه يتحمل مسؤولية فعلية عن نشر التطرّف أو مسؤولية معنوية على الأقل عنه؟
مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب كان متسرعا: تصريح فج وشارد أيضا وخارج السياق، جاء متزامنا مع تصاعد الاستهداف الذي تعرفه قضية سيادة المغرب على وحدته الترابية من قبل جهات تشتغل وفق نظرية الفوضى الخلاقة ولها أجندات خطيرة لتقسيم العالم الإسلامي وتسعير النعرات العرقية والتوجهات الانفصالية!
علاقة مريبة بأحداث اكديم ازيك، طرحت حينها وما تزال أكثر من علامة استفهام حول دوره فيها خلال اللقاءات وجلسات الاستماع التي نظمتها لجنة تقصي الحقائق التي أنشئت للتحقيق في الأحداث المذكورة !! كما طرحت أكثر من علاقة استفهام حول زيارة لإقليم كردستان ذي الميول الانفصالية في سياق تصاعد فيه استهداف الوحدة الترابية والوحدة الوطنية !!!
يقدم الرجل نفسه كرجل خارق للعادة في العمل الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي وبإمكانه أن يحقق للمغرب انتصارات غير مسبوقة، إلى درجة أنه قُدم كنائب لرئيس مجلس النواب في إحدى رحلاته الإفريقية، وكفاتح لجمهورية الصين الشعبية وجالِب لاستثماراتها الضخمة للمغرب بشكل غير مسبوق!!
ينبغي رفع الحظر عن زراعة الكيف وترويج المخدرات من أجل تشجيع الاستخدام الطبي لمستخلصاته كما يزعم نفس “الزعيم ” ومن اللازم فتح محلات قانونية لترويج المخدرات واستهلاكها بكيفية محدودة!! لأنه حسب زعمه هذا هو الطريق لتفادي الاتجار الممنوع فيها !!
هو ومن معه مسؤول عن إفساد الحياة السياسية والحياة البرلمانية والجماعية وتمييعها منذ اليوم الأول لتأسيس حزبه التحكمي من خلال تشجيع الترحال !!
يقود حزبا يجمع خليطا من أصحاب السوابق الأيديولوجية المتنافرة وأصحاب المصالح الذين يبحثون عن حماية وتأمين تلك المصالح !!
برز دوره بشكل مريب خلال دوره في تخريب تحالفات المجالس الجماعية بعد انتخابات 2009 وفي استهداف تحالفات حزب العدالة والتنمية، وخاصة بمدينة سلا، وينقل البعض عنه في تلك الفترة تهديده بالويل والثبور لأطراف في التحالفات التي كانت تنسج آنذاك لتشكيل المكاتب المسيرة للمجالس، وكذلك حدث في واقعة متابعة الأستاذ جامع المعتصم ومن معه لولا أن “الربيع العربي” أربك خطط التحكم!!
قلب ظهر المجن لبعض الأحزاب والزعامات التي ظنت أن التحالف معه طريق سالك لإسقاط التجربة الحكومية وإنهائها والدخول إلى حكومة جديدة من بابها الواسع مع موقع أفضل، لكن مع مر الزمن ثبت أن التحكم يشتغل فقط لخدمة مصالحه، حيث عمل على الاقتيات من الحديقة الخلفية لأحزاب حليفة، بالسطو على المرشحين الذين يرى أنهم أقدر على الفوز في الانتخابات الجماعية والانتخابات التشريعية القادمة، وليكتشف “الحلفاء” أنه لا ثقة في هذا الحزب التحكمي وأنه خطر على التجربة الديمقراطية !!
أقام إمبراطورية إعلامية بإمكانيات مالية ضخمة، وهو أمر لم يسبق له زعيم أو حزب وطني أو أي جهة أخرى مما يطرح أسئلة كبرى حول هذه القدرة الغريبة على حشد الموارد المالية.
جاء إلى الجهة بعد أن فاز بمقعد جماعي في قرية نائية ب 184 صوتا في مسقط رأسه ودون منافسة انتخابية، وجاء إلى رئاسة الجهة معتمدا على أصوات ناخبين “كبار” تمردوا على توجهات أحزابهم السياسية والتحالفات التي اعتمدتها، وجاء إلى رئاسة حزبه دون منافس مرشحا وحيدا في سابقة تعكس التوجهات “الحداثية” “الديمقراطية” جدا وبالتصفيق ودون الحاجة إلى صندوق أو فرز!! ديمقراطية وحداثة التصفيق!!
تفاجأ المراقبون وهم يرونه إلى جانب الوفد الرسمي في الزيارة الملكية للصين بصفته رئيسا لجهة الشمال دون غيره من الجهات الأخرى، وكانت مفاجأتهم أكبر حين صرح بأن ذهابه للصين كان على حساب الجهة التي يرأسها، وفوجئوا أكثر كيف تم تحويل مشروع استثماري صيني إلى “جهته” كانت جهة دكالة عبدة سابقا ومدينة أسفي هي المرشحة له، وتابع المراقبون تصريحاته المتناقضة حول مشاريع مؤسسة “بيل جيتس” والمبالغ المالية التي نجح “بشطارته” لجلبها للجهة، ونفس الشيء في المشروع الصيني المذكور الذي قيل في الدعاية الأولى له بأنه سيحدث 300000 ألف منصب شغل قبل أن يقال أنه يستهدف 300000 من السكان !!
فما الذي سيغري المغاربة إذن باختيار التحكم والنكوص بديلا عن التقدم ومواصلة الإصلاح؟ وأي رصيد شعبي حقيقي سيستند عليه كي يتمكن من ذلك؟
وأية قواعد حزبية وأطر مناضلة في الميدان يمكن أن تجوب الحياء دارا دارا وبيتا بيتا وحيا حيّا كي تقنع الناس بالتصويت على هذا الوافد الغريب العجيب؟
وأي برنامج سيعتمده لإقناع المواطنين: وهل من معالمه الأساسية التشكيك في إسلامية الدولة ومقاربة الحكم الذاتي ومهاجمة إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم وتحميلها المسؤولية عن إشاعة التطرّف؟
وهل سترتكز على مواصلة استغلال الرأسمال الفكري والرمزي الذي أنتجته مؤسسات ممثلا، مثلا في تقرير الخمسينية وتوصيات الانصاف والمصالحة وهو بذلك إرث للمغاربة جميعا ؟؟
وأنى للفاعلين الاقتصاديين أن يطمئنوا أنهم لن يتحولوا عرضة للابتزاز والتهديد مع كل هذه الحمولة في التحكم التي يحملها هذا الحزب في جيناته منذ الولادة؟؟
وأي رسالة سنوجهها لعموم الشعب داخليا، والمراقبين دوليا، إذا ما سمحنا بعودة التحكم؟ وخاصة فيما يتعلق بمواصلة المغرب لمساره الاصلاحي الديمقراطي وصدقيته في التزامه بمواصلة بناء دولة الحق والقانون والقطع مع التحكم والاستبداد وصوره، التي أخرجت الشباب المغربي إلى الشارع في إطار حركة 20 فبراير ؟؟
هل يمتلك الحزب التحكمي -لو افترضنا أنه سينال ثقة الناخبين ولا نرى كيف سيحدث ذلك- شرعية سياسية وتاريخية واجتماعية حقيقية، وامتدادا شعبيا يسنده وتجعله قادرا على التصدي لإصلاحات قد تكون مكلفة شعبيا !!
لقد رأينا ردة فعل الناخب المغربي واضحة حين رأى كيف أنه صوت في جهة كي تفرز انتخابات مجالس الجهات واقعا آخر، ولذلك فإن تحقق تلك الفرضية لا قدر له سيكون ضربة لكل ذلك الرصيد من الاحترام والتقدير الذي تحقق للمغرب منذ سنة 2011، وسيعزز داخليا توجهات الرفض والمقاطعة، والأخطر من ذاك سيكون على جدية المغرب ومصداقيته في مبادرة الحكم الذاتي التي هي مبادرة تقوم على تعزيز مسار الانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي بإشراك السكان وممثليهم الحقيقيين في تدبير شؤونهم !!
غير أن تزايد الوعي السياسي لدى الشعب وإدراكه المتزايد لمكونات الخريطة السياسية ومساندته للتجربة الحكومية الحالية وثقته في قيادتها، كل ذلك يبشر أن بين التحكم وتحقيق أمانيه وأوهامه خرط القتاد.
سيقول الشعب إن شاء الله كلمته من جديد كما قالها في انتخابات 4 شتنبر، وسيتجه نحو الأحزاب الوطنية الحقيقية الخارجة من رحم الشعب، سيقول كلمته ويختار معسكره بذكائه المعروف، سينحاز إلى معسكر التغيير والثقة في المستقبل، ولن يختار النكوص والافلاس !!!
تلك حقيقة ماثلة للعيان نسمعها يوميا ونحسها من خلال تجاوب المواطنين وإقباله على أنشطة الأحزاب الوطنية الجادة، التي قررت ألا تستسلم للتحكم، ودور الديمقراطيين والوطنيين الحقيقيين هي توحيد جهودهم لعدم السماح بحدوث انتكاسة ورجوع إلى الوراء!!.