كلمة الموقع
من حسنات حكومة عبد الإله ابن كيران، أنها وضعت يدها فوق ملفات حارقة وباشرت الإصلاحات التي كانت البلاد بحاجة إليها دون أدنى تردد ودون أن تستحضر مصالحها السياسية الضيقة.
وهذا أمر طبيعي بالنسبة إلى حكومة سياسية، أجمعت كافة مكوناتها على وضع بصمة الإصلاح رغم كلفته الغالية، وقررت المضي إلى الأمام في احترام تام للالتزامات التي قطعتها مع الشعب المغربي.
والغريب في الأمر، أن بعض الفاعلين السياسيين “لم يتحمسوا” لهذه الإصلاحات، وحاولوا التصدي لها تحت قبة البرلمان بكل ما أوتوا من قوة، إلا أن وعي الأحزاب الجادة من خلال ممثليها داخل المؤسسة التشريعية، تصدت لهذه الممارسات التي من شأنها أن تبقي دار لقمان على حالها.
وبشجاعة لم تقهرها الحروب الدنيئة، ولم تؤثر فيها الإشاعات الكاذبة، اتخذت الحكومة قرارات حاسمة، فباشرت إصلاح صندوق المقاصة، وقطعت دابر الفساد الذي نخر هذا الصندوق لسنوات طوال دون أن تستفيد منه الفئات المهمشة. لقد أُعيدت البوصلة إلى وجهتها الطبيعية والأصلية، وعوض أن تبقى فئة محدودة من الأغنياء تستفيد من نظام المقاصة، أصبح الفقراء في صلب الاهتمام واستفادوا من الصندوق، الذي من أجلهم خرج إلى الوجود.
كما باشرت الحكومة إصلاح أنظمة التقاعد، الذي لم تجرأ أي حكومة سابقة الاقتراب منه، بل كانت تعاين الوضع عن بعيد، وتتركه لأنها تخشى كلفته السياسية والشعبية، إلى أن جاءت الحكومة الحالية، وتعبأت بمختلف مكوناتها، وشرعت في تنزيل شعار الإصلاح على أرض الواقع، معتمدة سياسة تواصلية مباشرة وصريحة مع المواطن المغربي، من خلال الشرح والتفسير والإشراك في كبرى السياسات التي تروم تقويم الاعواج على صعيد الصناديق والأنظمة التي كانت بحاجة إلى تدخل “جراحي عاجل”.
إذن الحكومة حاولت جاهدة إغلاق منافذ الفساد التي ظلت لسنوات مفتوحة على مصراعيها بسبب غياب إرادة سياسية لذلك، ووضعت ترسانة من القوانين للحد من الفوضى في أفق إرساء الحكامة والشفافية، والأمثلة هنا عديدة علما أن خمس سنوات من عمر الحكومة الحالية، تبقى مدة غير كافية لتجسيد كل الإصلاحات على أرض الواقع، لكن المهم أن كبرى أوراش الإصلاح وضعت فوق السكة، ولم تبال بالتشويش وبمنطق التعجيز، بل تعاملت بجرأة فرضها الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، ومضت بخطواتها الحثيثة دون أن تلتفت إلى من يحاولون تغليط الرأي العام وينفثون سموم التيئيس ويروجون أشكال التبخيس، همهم الأول والأخير تحقيق مصالح سياسية ضيقة، دون استحضار مصلحة الشعب والمواطن المغربي، الذي يستحق طبقة سياسية تدافع عنه وتخطط له ليعيش في السنوات المقبلة رخاء وازدهارا.
مقاومو الإصلاح تفننوا في ابتكار أساليب التشويش والتضليل، منهم من بدأ يهدد داخل المؤسسة التشريعية بالعودة إلى وسائل المقاومة القديمة، ومنهم من شرع في التلميح إلى نهج نوع من “الردة عن الإصلاحات”، في حال وصوله إلى تدبير الشأن العام بعد اقتراع سابع أكتوبر المقبل، لكن بكل تأكيد أن المغربي، بحبه الخالص لوطنه وبإيمانه العميق أن الوطن يزدهر بعمل الشرفاء، الذين يعتقدون أن الإصلاح في ظل الاستقرار هو سبيل الرخاء والعيش الكريم.