[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

حقيقة التنافس

كلمة الموقع

لكل محطة انتخابية خصوصيتها وسياقها الذي ينعكس على طبيعة التنافس بين الفاعلين السياسيين، المفترض أن يقدموا عروضا تستجيب وطبيعة المرحلة وما يرافقها من احتياجات ملحة للذين سيقصدون مكاتب التصويت يوم الاقتراع.

وعموما، إذا كان النظام الانتخابي، في الديمقراطيات المتقدمة، آلية للانتخاب السياسي التي  تضمن تمثيلية الشعب،  فإن نجاعتها تتجلى في مدى قدرتها على ضمان أكبر تعبير  لمختلف الشرائح والفئات في جو تسوده حرية الاختيار، ونزاهة العملية الانتخابية برمتها. من هنا، يبقى التنافس في أي محطة انتخابية خاضعا لمنطلقات واضحة بعيدة عن التمايز الإيديولوجي أو الاختلاف المرجعي، لأنه ينبني على مدى فعّالية الأطراف المتبارية، وقدرتها على تقديم أفضل عرض سياسي يعكس ملامح  تدبيرها للشأن العام في حال الظفر بمراتب متقدمة في الانتخابات.

وإذا كانت الديمقراطية، مرجعيا، تعني أن الحسم يعود للفعل الانتخابي، وترك الحرية للمواطن في اختيار من يمثله في مؤسسات منتخبة بطريقة نزيهة وشفافة، فإن الديمقراطية تقتضي أيضا ابتعاد الفاعلين السياسيين عن نهج أساليب الضغوطات التي تشوش على العملية الانتخابية في كافة مراحلها.

والغريب في الأمر، أنه في مناسبات انتخابية، تطفو على السطح ممارسات تروم استمالة الناخبين بطرق غير قانونية من قبيل توزيع الأموال والهدايا وغيرها من الإغراءات، الآن وقبيل انتخابات سابع أكتوبر، بتنا أمام  ألوان أخرى من ممارسات “أعداء الديمقراطية”، الذين “تفتقت عبقريتهم”، وحشدوا كل طاقات التحكم التي يملكونها، فشرعوا في ممارسة كل الضغوطات على بعض الطاقات من رجال الأعمال والمال وغيرهم من الكفاءات الوطنية، ومنعهم من اختيار الحزب الذي يرونه منسجما مع قناعاتهم قصد الترشح باسمه، وهذه سابقة خطيرة في أن يتعرض مواطنون إلى الترهيب ويمنعون من الترشح باسم هيأة سياسية يتقاسمون معها مبادئها، ويقتنعون برؤيتها وطريقة معالجتها للإشكاليات المطروحة.  

فما حصل مع رجل الأعمال بوشتى بوصوف، الذي مورست عليه أساليب الضغط بمختلف ألوانه حتى يعدل عن ترشحه في لائحة المصباح بتاونات ومع آخرين في دوائر هنا وهناك، يسائلنا جميعا فاعلين سياسيين ونخبة مثقفة وإعلاميين ومواطنين …. عن خطورة استمرار رموز “التحكم” في المشهد السياسي المغربي وفي العملية الانتخابية منذ مراحلها الأولى لبسط “السيطرة التامة والشاملة”. هؤلاء تطاولوا، في خرق سافر للقانون ولقواعد اللعبة الشريفة، وأمسكوا بآلات التحكم عن بعد، وشرعوا في توزيع الأوامر بالترغيب، أحيانا، وبالترهيب في أحيان كثيرة، واستباحوا كل الأساليب القديمة في عهد جديد، وفي ظل دستور جديد، همهم الوحيد الاستفراد بالناخبين مهما كلفهم هذا من ثمن.  
إذ كيف يمكن تفسير انسحاب مرشح في آخر لحظة والاعتذار بحجة أن “جهات مجهولة” منعته من الترشح وأكرهته على ترك اللائحة التي اختارها بإرادته. إنها ببساطة محاولة لحسم النزال قبل موعده، وإرباك التنافس الشريف والتشويش على عمق المعركة السياسية، دون استحضار تبعات مثل هذه “الألاعيب الدنيئة” على المستقبل السياسي.    

فمن هنا، يحق القول إن على الفاعلين السياسيين الشرفاء أن يعبروا عن يقظة عالية لمواجهة هذه الأشكال الجديدة من التحكم، ولا ينساقوا إلى أي نقاش عقيم يراد منه الزج في جبة المتاهات، ومحاولة إقحام الرأي العام في مغالطات تكاد تنسيه واجبه الوطني المتمثل في حسن اختيار من سيمثله ويدافع عن حقوقه ومصالحه.
إن معيار التمحيص بين الصالح والطالح من الفاعلين السياسيين هو مدى مسافة كل طرف من آليات التحكم، فهذه هي حقيقة التنافس في المحطة الانتخابية لسابع أكتوبر المقبل.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.