[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

بعد المسيرة اللقيطة: المغرب أولا ومصالحه العليا قبل أي اعتبار حزبي

محمد يتيم

المغرب مقبل خلال الأسبوعين القادمين على استحقاق تاريخي سيتم فيه قطع الشك باليقين، استحقاق سيقرر فيه المغاربة على مختلف مستوياتهم ومسؤولياتهم وجهتهم، وسيجيبون على سؤال حاسم: هل سيختارون مواصلة البناء الديمقراطي، وان تكون لحظة السابع من أكتوبر محطة تضاف الى خيار التوجه نحو المستقبل منذ أن قرر الملك الراحل الحسن الثاني الدخول في تجربة جديدة: تجربة التناوب الديمقراطي ، بعد أن حسم التصويت بالإجماع على دستور 1996 مرحلة الصراع على السلطة والمنازعة على المشروعية ، وتاريخا مريرا من الإقصاء والإقصاء المضاد ؟ أم ستكون مرحلة ارتداد ونكوص وانتصارا للسلطوية والتحكم !!

هي لحظة اختبار للإرادة الوطنية التي قررت ذات يوم أن تسير في تجربة التوافق السياسي والإنصاف والمصالحة والقطع مع الماضي الأليم للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وإجابة نهائية على أسئلة رجعت اليوم لتتردد على أكثر من لسان : هل تم إغلاق ذلك القوس إلى الأبد ؟  أم أن هناك من لا يزال يراهن على اصطناع الخوف واللعب على تخويف جزء من أبناء الوطن من جزء أخر منهم ليسوا اقل وطنية وغيرة على البلاد ومؤسساتها، ويسعى إلى جعل بعضهم في مواجهة البعض الأخر !! وعلى شيطنة هذا الطرف  او ذاك ومواصلة الحديث الملغوم عن الحاجة الى ” قوة ثالثة “!!  البلد في حاجة إليها لإقامة التوازن ودعم الملكية كما يزعمون ، وكأن الملكية كمؤسسة وشرعيتها التاريخية ومشروعيتها الدستورية والاجتماعية واجتماع المغاربة عليها غير كافي، وانها غير مكتفية بذاتها حتى تكون في حاجة إلى طرف أخر يزج بها في الصراع السياسي ، وإنها بحد ذاتها-  بصلاحياتها الدينية والدستورية-   في حاجة إلى أي وسيط ، أو أنها  ليست لوحدها وفي ذاتها هي الضامن والساهر الأمين على الحقوق والحريات .

هي لحظة للتأكيد أن الجواب المغربي الذكي على تداعيات ما سمي بالربيع العربي لم يكن مجردة مناورة أو مجرد التفاف على استحقاقاته في انتظار خفوت موجته وتراجع حدته ، للرجوع بعد ذلك  إلى معطيات ما قبل 2011 والى السيناريو التراجعي الذي عرفه المغرب منذ سنة 2003 وبلغ أوجه خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2009 بتصاعد مظاهر السلطوية والتحكم، وإنما كان اختيارا استباقيا إراديا وواعيا ، وان المغرب دخل دون تردد أو مراوحة إلى مرحلة التطبيع الديمقراطي !!

منذ إعلان نتائج الانتخابات الجماعية ل4 شتنبر 2015 التي أكدت تقدما واضحا لحزب العدالة والتنمية وتصويتا سياسيا إيجابيا على حصيلة التدبير الحكومي ، تصاعدت تدريجيا حدة الاستهداف للحكومة وللحزب الذي يقودها الحزب .

 تعددت وسائل الاستهداف وازدادت حدة وجنونا وهذيانا مع الاقتراب من لحظة الاستحقاق التشريعي، إلى درجة فقدان السيطرة، وبلغت أوجهها في محاولة الإيقاع بين ملك البلاد ورئيس الحكومة فيما سمي ب”الغضبة الملكية ” على بن كيران .

استخدمت كل الأساليب المنحطة من بعض المنابر الإعلامية وترويج الأكاذيب والافتراءات المتناقضة التي تقول الشيء ونقيضه في نفس الوقت والتي ينسي بعضها في البعض الأخر.

وبلغ الأمر أوجه خلال الأسبوع الأخير في الضغط على مرشحين باسم الحزب في كل من تاونات وسيدي قاسم وفي اللائحة الوطنية ، وفي مراكش حيث دفعت ولايتها بدفع غريب في منع ترشيح الاستاذ حمّاد القباج استنادا على محاكمة فكرية له  بناء لتصريحات سابقة ، جرى تأويلها بما يفيد أنها تتعارض مع مقتضيات دستورية في مسألة حدد فيها القانون التنظيمي لمجلس النواب موانع الأهلية للترشيح مما أثار استنكارا حقوقيا واسعا ، واعتبر مساسا بالحقوق والحريات ، وحلولا محل المواطنين الذين من حقهم وحدهم إصدار حكم في أهليته لتمثيلهم في المؤسسة التشريعية .

ثم جاءت مسيرة يوم الأحد الماضي كي تقدم إساءة أخرى بالغة للمسار الديمقراطي ولصورة المغرب ، خاصة وانه أصبح متواترا أن عددا من مسؤولي الادارة الترابية بدرجات متفاوتة حسب ما صرح به مشاركون مغرر بهم في المسيرة اللقيطة !!  كانت لهم يد طولى في التعبئة من أجلها وحفز المواطنين للنزول اليها بعد ان تم إيهامهم احيانا بان الامر يتعلق بمسيرة للاحتجاج ضد الاٍرهاب ، وهو ما ولد سخطا عارما واستنكارا واسعا لهذا الأسلوب المنحط الذي وصل اليه البعض في تدبير “صراع ” سياسي كان من الأولى  تدبيره بوسائل سياسية متحضرة  وليس عن طريق التهييج والتحريض إلى درجة ترويج بعض المشاركين دعوات صريحة الى القتل، دعوات تحتاج إلى تحقيق ويحتاج مطلقوها والمحرضون عليها للمساءلة القضائية !! 

في مقابل ذلك كله تميز موقف حزب العدالة والتنمية من المسيرة ومن كل أنواع التحريض والتخوين وشعارات وعبارات “التكفير” السياسي والإخراج من الجماعة الوطنية ، تميز بالمسؤولية ورباطة الجأش  ، حين دعا الى تجاهلها ورفض  الانجرار الى ردود فعل غير محسوبة والدخول في  تاجيج فتنة داخلية بين أبناء الوطن الواحد !!

رفض ذلك وتصرف بمنطق رجال الدولة الذي يضعون الوطن ومصلحته العليا فوق كل اعتبار !! رفض ذلك فتبين ان الشعب المغربي هو أنضج من بعض مسؤوليه السياسيين آو من بعض مسؤوليه في مستويات متعددة من السلطة المحلية !!

يوم الأحد 18عشر من شتنبر 2016 هو يوم فضيحة بكل المعاني  ، هو يوم تمت الإساءة فيه الى المغرب وصورته وللمكتسبات التي تم تحقيقها في مجال البناء الديمقراطي ،

هو يوم تبرأ فيه الجميع من المسؤولية عن هذه المسيرة الكارثية ، ومن ثمة وجب ان يتم فيه تحديد المسؤوليات عن حدث كان من الممكن ان يتحول الى فتنة داخلية ، والى اسفين في اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي !

هو يوم وجب فيه على المسؤولين السياسيين والإداريين الاتعاظ بمستوى النضج الذي بلغه الشعب المغربي بمختلف مكوناته وكيف عبر عن استهجانه وشجبه لهذا السقوط المريع والتردي في حس المسؤولية الوطنية لدى هؤلاء !!

الشعب المغربي الذي استجاب بتلقائية وعفوية عندما دعي للتنديد بتصريحات بان كيمون الذي مَس المغاربة وشعورهم وكرامتهم  وحضر عن بكرة أبيه دون تردد بمئات الآلاف للمسيرة التي دعت اليها الاحزاب السياسية الوطنية ، ولم يجد غضاضة في قبول التسهيلات التي قامت بها السلطات الرسمية ، ولم يعتبرها تدخلا في قناعاته واختياراته ، هو ذات الشعب الذي رفض تدخل السلطات ودعمها وتسهيلها لمسيرة مشبوهة من حيث الجهة الداعية لها والشعارات “الفتنوية” التي رفعت فيها . وعبر عن مراراته ورفضه للاستغفال من خلال الزج به في تصفية حسابات سياسية انتخابوبة زجت باسم جلالة الملك وادخلت السلطات المحلية بمستوياتها المختلفة في صراع انتخابي على بعد أيام من الانتخابات ، الأمر الذي أدى إلى مفعول عكسي ، غير ما قصده المخططون والمحرضون الذي يتبين أنهم مغامرون ، ضعيفوا الإحساس بمخاطر التهييج ومخاطر زرع الانقسام والفتنة بين مكونات الجماعة الوطنية .

مستبشرون بهذا الوعي الوطني سواء لدى عامة المواطنين او لدى نخبهم وقرأنا خلال هذين اليومين عن شخصيات وطنية وشخصيات إعلامية مستقلة تدين هذا الانحراف ، سمعنا مثلا صحفيا مرموقا يصرح بأعلى صوته :

إن هناك أمرا خاطئا أو نحن نسير في الاتجاه الخاطئ، المغاربة بالغون  ومحصنون، فقط نطالب بأن يتركونا نختار، بدون إكراه، بدون ضغوط، بدون تدخلات، بدون تخريب وبدون ممنوعات.. نحن سادة أنفسنا، في خياراتنا وقراراتنا، واعون بمسؤوليتنا في لحظة الاختيار أو اتخاد القرار، ومستعدون، كعادتنا، للمساهمة في دولة الحق والقانون وتقويتها”.

ختاما نقول : إن حزب العدالة والتنمية حين قرر تجاهل هذه المسيرة فانه فعل ذلك من منطلق المسؤولية الوطنية، ومن منطلق المسؤولية الوطنية سيواصل نضاله من اجل إنجاح الاستحقاقات الانتخابية للسابع من أكتوبر، سيناضل من اجل ان تكون تلك الاستحقاقات عرسا وطنيا مكرسا للاختيارات الحرة للمواطنين  !، سيعبر بطريقة حضارية عن رفضه واستنكاره لكل انحراف ، ولكل انتكاسة .

سيفعل ذلك ليس لانه يحرص على فوز مستحق بالانتخابات وذلك حق مشروع ، ولكن سيفعل ذلك كي يخرج الوطن منتصرا من امتحان 7 أكتوبر !! ولعل بروفة “المسيرة اللقيطة

وحتى لو تواصلت حالة الحمق والجنون ، وفقدان السيطرة لدى معسكر التحكم ورموزه ومنفذي سياساته الخرقاء وإجراءاته ، فان حزب العدالة والتنمية لن يقابل حمقا بحمق وجنونا بجنون !

سيواصل حزب العدالة والتنمية نهجه الذي يجعل المصلحة العليا فوق كل اعتبار،  ولن ينجر او يسهم في تأجيج الانقسام الوطني او جر البلاد الى الفتنة كما سعى من خططوا ونفذوا للمسيرة اللقيطة !!

وسيواصل الى جانب ذلك المقاومة والممانعة ورفض الاستدراج الى الفتنة او الاساءة لصورة البلد !! سيواصل نضاله من اجل حماية الاستثناء المغربي !!

هو حزب العدالة والتنمية الذي رفض الخروج خلال احتجاجات الربيع العربي دون ان يمنعه ذلك بالمطالبة بالإصلاحات ، هو نفس الحزب الذي سيظل ثابتا على نفس الموقف : الاصلاح في نطاق الاستقرار ومخلصا لشعار : الوطن اولا !!

هي رسالة للحمقى والمغفلين الذين يقدمون نصرا انتخابيا للحزب على طبق من ذهب ! لن يساير حنقهم حتى لو قرروا ان يواصلوا تدابيرهم الهوجاء !! سنواصل التعاطي مع هياجهم بالسكينة !! سنعول بعد الله على حكمة الشعب المغربي الذي اظهر انه اكثر ذكاء ونضجا !!  

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.