كلمة الموقع
للمحطة الانتخابية الحالية طعم سياسي خاص. تميزٌ لا يقترن فقط بالزمن الذي ستجرى فيه الانتخابات، بقدر ما يرتبط بمستجدات كثيرة طفت على المجتمع المغربي، وجعلت منسوبه في المتابعة والرصد عاليا ويفوق ما كان يقع في انتخابات سابقة.
مناسبة إثارة هذه الملاحظة تلك الأخبار التي تأتي من هنا وهناك، من مدن كبرى، وأيضا من مدن صغيرة، من القرى والمداشر ومن المناطق النائية البعيدة… تميط اللثام عن تجاوزات البعض، وعن الخروقات التي يسقط فيها بعض المترشحين الآن، تكشف عن “الزرود” و”الولائم” و”الكسكس” و”أطباق الدجاج المحمر” و”اللحم المبخر”….
هي أخبار، بقدر ما تقلق لأنها تعكس واقعا لأناس مازالوا ينهجون أساليب العقود البعيدة، فإنها تثلج الصدر لأنها تعكس حقيقة يقظة المواطنين الذين يلاحظون، ويتابعون بل يتصدون لكل الممارسات الخارجة عن القانون في الانتخابات المقبلة، فلا يترددون في فضحهم، بعد توثيقها بالصوت والصورة، ونشرها ليطلع عليها الرأي العام، وينخرط في مسلسل شجبها والانتفاض عليها.
وعي بدأ يتعمم، ولا بد أن يتعمم على جميع المواطنين أينما كانوا، لأن من يريد أن يتربص بالتجربة الديمقراطية التي تمر منها البلاد، لا بد أن يسقط في شباك المواطنين الأوفياء الذين لا يبيعون ضمائرهم وأصواتهم لمترشحين لا ضمير لهم، ويستغلون المناسبات الانتخابية، كأنهم “طريطورات الانتخابات”، همّهم الوحيد هو التربع على كرسي تحت قبة البرلمان مهما كلفهم ذلك من ثمن، ومن تجاوز المبادئ والأخلاق وحتى القانون.
إن مجهر المجتمع ومعه مجهر المواطن اليقظ، لا بد أن يبقى مصوبا في اتجاه كل من تسول له نفسه إفساد العملية الانتخابية وجعلها محطة للبيع والشراء وللسمسرة في الأصوات، أو الذين يريدون أن يفسدوا على المغرب والمغاربة لحظة استكمال الانتقال الديمقراطي.
إن زمن “فردة البلغة” قبل يوم التصويت وتسليم “الفردة الثانية” مباشرة بعد الانتهاء من وضع الورقة وتقديم الدليل والحجة على أن “موزع البلغة”، أو أشياء أخرى، هو من حظي بـ”بالثقة” (زمن) ولى وانتهى معه زمن الولائم والحفلات و”الزرود”.
ومن واجب كل مواطن غيور على مستقبل بلده ومستقبل الأجيال القادمة، أن ينخرط في معركة مواجهة سمسارة الانتخابات، والالتحاق بركب الرافضين لمثل هذه الآفات التي تنخر الحياة السياسية وتتركها في وضع لا يتغير. وضع تتحكم فيه الأيادي للوصول إلى خارطة سياسية مغشوشة لا تعكس حقيقة إرادة الشعب.
والأكيد أن وعي المواطن المغربي الذي يستطيع التمحيص بين الصالح والطالح، وبين المصلح والمفسد، يمكّنه كذلك أن يميز بين الخطابات الصادقة النابعة من إرادة التغيير، وبين من يسوق الأوهام وينسخ البرامج ويقدمها ويدافع عنها دون حياء ولا خجل.
المغربي أصبح يتابع الأمور عن كثب، يعرف الخروقات التي يمكنها أن تطيح بأي لائحة مهما كان انتماؤها، ويعي جيدا أن توزيع المال جرم سياسي في حق المجتمع، لأنه سيكون أمام “شرذمة” لا تستحق أن تنوب عنه تحت قبة البرلمان وعاجزة عن تولي مهمة التشريع لأنها استمالت إرادة الناخبين وأغرتهم ماديا، وبالوعود الزائفة.
فالمعركة بدون شك حاسمة لمناهضة “الزرود” بمختلف تلاوينها….