نور الدين قربال
مغربية الصحراء ثابت من ثوابت الأمة المغربية. وللإشارة فالمغرب خضع لاستعمارين: فرنسي وإسباني. والمناطق الجنوبية كانت تحت وصاية إسبانية. وقد شهد التاريخ ركوب المغرب صهوتي المقاومة والدبلوماسية من أجل تحرير هذه المناطق من التسلط الاستعماري. توج هذا بمسيرة 1975 الذي شارك فيها المغاربة من جميع أنحاء العالم وبحضور وازن لشخصيات عالمية.
مما طبع رسميا مغربية الصحراء وأكدوا الحقيقة التاريخية التي حاول البعض أن يزيفها. وبهذا المسلسل تمت تصفية الاستعمار. الذي يعني خروج إسبانيا ومعانقة المغرب ترابه. أما ما نسمعه من تصفية الاستعمار من جهة أخرى فهو تزييف للحقائق. التي صنعت في دهاليز الحرب الباردة والايديولوجية البائدة.
لكن للأسف سقط خط برلين هناك وتوحدت كل القوة في ظل قارة واحدة. لأنهم حرروا عقولهم وقبلوا بالبروسترويكا التي أعادت البناء من جديد. وظل عند خصوم وحدتنا قائما مما فوت فرصا كبيرة على المنطقة وإفريقيا عامة خاصة على مستوى الأمن والسلام والتنمية المستدامة.
مقترح الحكم الذاتي في الميزان عندما طلبت الأمم المتحدة من جميع الأطراف تحريك وتفعيل ملف قضيتنا الوطنية لأنها ملت من الأطروحات المتقادمة والمشروخة، قدم المغرب مشروع الحكم الذاتي سنة 2007 بعد استشارات دولية وازنة. الذي نفح الروح التوافقية والسياسية في القضية المعروضة على أنظار الأمم المتحدة.
هذه الأخيرة أعطت -الإيزو- لهذا المشروع الذي وصفته بالجدية والواقعية والمصداقية. هذا المشروع غير منغلق بل هو مفتوح على كل التأويلات ووجهات نظر مختلفة. خاصة وانه مشروع يوازن بين ثنائية عادلة: الوحدة الترابية للمملكة المغربية وحق المناطق الصحراوية في تسيير وتدبير شؤونهم بذواتهم. فهي حرية الذات داخل مشروعية الجماعة. ومن أجل إثبات هذه المصداقية أعطى المغرب نموذجا واقعيا، حيث عاد إلى العائلة الإفريقية ، الإتحاد الإفريقي. ورغم انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية نظرا لانحراف سياسي وقع أنذاك بقبول البعض كيانا لا شكل له ولا لون لأنه مجرد صدى لدول وصية. فقد وقع المغرب مع الدول الشقيقة الإفريقية أكثر من 1000 اتفاقية وبروتوكول منذ سنة 2000 همت قطاعات متعددة.
والأمور تتحسن يوما بعد يوم. وفي هذا الإطار نمى المغرب المناطق الصحراوية وأصبحت نسبته تفوق الجهات الأخرى. وفي هذا الإطار خص المغرب لمناطقه الجنوبية ثمانية ملايير دولار. من أجل تنميتها. إضافة إلى المشاريع الكبرى التي بدأت تعرفها إفريقيا خدمة للقارة بناء على روح تضامنية عادلة “رابح رابح” وعلاقة جنوب جنوب. إذن نحن أمام صراع مفتعل من الواجب الاستمرار في مواجهته بالعمل السياسي الناضج، والحضور الاقتصادي الفاعل، والعمل البيئي المتوازن، وتعزيز الحضور الافريقي المتميز خدمة للصالح العام، والاستمرار في توطين نسب النمو المتطور، وتعزيز الاختيار الديمقراطي الصادق وبسط سياسة اجتماعية عادلة.
إن مشروع الحكم الذاتي مشروع فعال من أجل توفير الرفاهية للمنطقة خاصة إذا مورست الحكامة الجيدة وتم ربط المسؤولية بالمحاسبة. إنه مشروع من حيث قواعد القانون الدولي مشروع تقرير المصير. إن خصوم الوحدة يجب عليهم المقارنة بين وضعية الدولة الحاضنة حيث التراجع الكبير على جميع المستويات ودولتهم المغرب التي تشهد تقارير دولية أن الأمور تتحرك نحو وضعية مقبولة تحتاج إلى ضبط من حيث الحكامة.
ووعيهم هذا سيساهم في بسط الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة سيكون لها انعكاس إقليميا وقاريا وعالميا وسيحرر أخواتنا وإخواننا من العبودية التي تمارس عليهم بمخيمات الخزي والعار، وهذا متناقض للأعراف الدولية والقانون الإنساني. مخيمات تندوف ومنطق الاستعباد إن هذه المخيمات مؤشر لاإنساني تمارسه للأسف جبهة البوليساريو تحث غطاء جزائري واضح. لذلك تم رفض فتح الطريق أمام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من أجل الإحصاء والتسجيل رغم نداء الأمين العام ومجلس الأمن والمنظمات الحقوقية والإنسانية. ومما زاد الطين بلة هو أن المساعدات التي توجه إلى هذه المخيمات تحول إلى آليات للاستغناء غير المشروع والمكشوف.
تستفيد منه الفئات التي تدعي الدفاع عن القضية. وهذا ما أكدت علية التقارير الدولية والتي نوقشت في المؤسسات الحقوقية .إذن ماذا ننتظر من قوم يطمعون في مساعدات إنسانية ويأكلون السحت ويعتمدون التدليس أن يقدموا مشروعا ملموسا لهذه الفئات المظلومة؟ ومن أجل التوسع في هذه التجاوزات فيجب الاطلاع على التقارير الدولية نحو المكتب الأوربي لمكافحة الغش. وكونهم مستثمرين لهذا الوضع المأسوي. فإنهم للأسف يتماطلون في المساهمة في حل هذا المشكل الذي عمر أكثر من أربعين سنة.
وللإشارة فإن مجموعة من المواطنات والمواطنين داخل المخيمات يريدون العودة إلى وطنهم الأم لكن قوى الانتهازية الباطلة تحاصر هذه الفئات باعتبار أن تمديد حل القضية في صالحهم. مشاريع تنمية الأقاليم الجهوية منذ الإعلان عن المسيرة الخضراء والمغرب يبذل مجهودات متتالية من أجل تنمية أقاليمنا الجنوبية ومن أجل معرفة هذا التغيير يمكن المقارنة بين ما قبل السنة المذكورة وما بعدها بغض النظر عن تاريخية الإنجاز التي ناضل من أجلها الساكنة منذ القدم. صحيح أن هذا المسلسل التنموي عرف بعض الانحرافات على مستوى الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن عموما وقع تغيير كبير بالمنطقة خاصة على مستوى البنيات التحتية. وقد خصص مؤخرا لبرنامج تنمية أقاليمنا الجنوبية حوالي ثمانية مليار دولار.
وأعطى انطلاقته جلالة الملك سنة 2015 يهم جميع القطاعات. ومن أهدافه تنمية الناتج الاجمالي الجهوي والمحلي الممتد على تراب مناطقنا الجنوبية وله صدى على المستوى الوطني والعالمي. وقد خاض المغرب معارك كبيرة من أجل تطبيع مسارات الاختيار التنموي المحلي والتبادل التجاري العالمي. ونؤكد على مساعدة المسار الانتخابي في هذا الاتجاه، باعتبار أن المشروعية مرتبطة بالاختيار الديمقراطي، الذي اعتبر ثابتا من ثوابت الأمة المغربية. إذن هل ما ذكرنا بعضه وغيره كثير قادر على أن ينهي المشكل المصطنع لقضيتنا الوطنية على المستوى الأممي والضرب بعرض الحائط أطروحات الخصوم التي لا تسمن ولا تغني من جوع ؟