ثلاث أسئلة مع شيات: الاتفاق النووي الايراني الغربي سيعزز الهيمنة الايرانية في مقابل تهميش دور االدول العربية

حاوره محمد شلاي

شهدت الساعات الأولى لصباح اليوم الثلاثاء حدثا تاريخيا سيكون له ما بعده في العلاقات الدولية وخاصة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم الاتفاق بين إيران والدول الغربية أو ما يعرف خمسة زائد واحد بخصوص البرنامج النووي الإيراني، وهو ما يعني رفع العقوبات الاقتصادية على الدولة الفارسية مما  سيعزز من تواجد ودور إيران في المنطقة العربية.

وفي هذا السياق، أجرى الموقع الإلكتروني حوارا مع الدكتور خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة حول تأثير التقارب الإيراني الغربي على الثورات في سوريا واليمن وكذا الوضع في العراق، إضافة إلى انعكاس هذا الحدث الدولي التاريخي على دول المنطقة وخاصة دول الخليج.

أولا: من الرابح والخاسر في هذا الاتفاق؟

المستفيد طبعا كلا الطرفين رغم أن هناك من يستفيد أكثر سواء فيما يخص إيران في مقابل كتلة الدول الغربية أو في داخل نفس الكتلة السابقة، وهذا الأمر سيعطي شحنة قوية للساسة الإيرانيين داخليا وإقليميا ودوليا. فعلى المستوى الداخلي عزز النظام قبضته على المشهد السياسي وخرج في حلة المنتصر. وهذا يعني أن خطط الحراك الداخلي أصبحت متجاوزة. إقليميا سيعزز ذلك المواقف الإيرانية وأدواتها في الشرق الأوسط لأنها ستصبح أقوى اقتصاديا.

فالاقتصاد الإيراني سيتعزز بعد رفع العقوبات المفروضة على قطاعات مهمة وهي القطاع المالي والبنك والطاقة والطيران على الأقل. ويصعب مجاراة إيران بأسس اقتصادية كتلك من طرف دول إقليمية خاصة وهي في وضع وهن تام بفعل الفوضى السياسية بالمنطقة بعد الحراك. فحين استطاعت تركيا أن تحافظ على مسافة مقبولة مع إيران وهو ما يعني أن خيارات التعاون قائمة وتهميش الدول العربية أكثر ورودا.

ثانياً :  كيف سينعكس هذا الاتفاق على الدول العربية وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي؟

هناك أزمات سياسية ستعرف تحولا ليس لرفع العقوبات فقط ولكن الترابط الذي سيحصل بين القوى الاقتصادية الغربية وإيران وقد تم التمهيد له منذ مدة لصد التواجد الروسي المؤثر في إيران. وهذا يعني أن الخاسر الأكبر هي الدول العربية التي لا تستطيع أن تضع سياسات إقليمية بديلة في صلب الوضع الحالي. وسيبقى أمامها للاسف باب فريد للتحالف مع “إسرائيل” للتفاهم حول الأدوار المتجددة اقتصاديا وسياسيا بالمنطقة. وذلك لا محالة سيؤثر على طبيعة الخريطة السياسية وطبيعة القوى الجديدة بالشرق الأوسط.

ثالثا: هذا يجرنا للحديث عن مستقبل الثورة السورية واليمنية وأيضا المصرية، دون إغفال الوضع العراقي جراء الدور؟

هناك  دور محوري تلعبه طهران في هذه الملفات، في سوريا ستعمل إيران على جعل دورها مدمجا في القضية، ولن تكون هناك عقبة سوى تركيا التي قد تتم مفاهمات معها في موضوع كردستان العراق. فعلى العموم تركيا ليست لها غايات استراتيجية سياسية في المنطقة العربية بالقدر الذي تريد فيه مكاسب اقتصادية. 

وهو أمر وارد جدا. وسيبقى العقبة هي المجال والنطاقات الذي تريد أن تفرضه إيران خاصة مع وجود منتجها القديم على حدود فلسطين المحتلة. وهذا سيدفع إيران في نظري لتحويل الدور الذي يقوم به حزب الله عسكريا لسوريا.

أما الأزمة اليمنية فلا تخالف كثيرا. فالثبات الذي أبان عنه الحوثيون مدعومون بقوات علي عبد الله صالح، سيعطل أي حسم عسكري وشيك ويدفع إلى إعادة التقسيم كحل وارد أو إدامة الصراع الى مالا نهاية.

وسيكون على الدول العربية أن تفكر من جديد في فك حصار ايراني مرتقب في الكويت والبحرين والمملكة السعودية. وهي أمور ستطرح من جديد على طاولة الساسة الإيرانيين بعد سنة على أبعد تقدير أي مع جني أولى ثمار رفع الحظر.

يبقى أن الدول العربية لديها امتدادات استراتيجية يمكن أن تستعملها وهي ملزمة لإعادة المنظومات الشعبية للسلطة خاصة في مصر التي تعتبر الوحيدة القادرة على إيجاد توازن مع القوة الايرانية، لكن اختيارات نظام السيسي غير المحسوبة مع إسرائيل وإيران نفسها ستقوم بأدوارها أكثر في المديين القريب والمتوسط. فالعمل الاستراتيجي العربي يبدأ من إعادة الحماس للفهم الديمقراطي للسلطة وربطها بالشعوب وهي الضمانة الأساسية لبناء نموذج متكاثف لصد التهديدات الكبيرة التي أصبحت تشكلها إيران انطلاقا من فهمها الاسترتيجي لمفهوم الحكومة العالمية التي هي من أدبياتها الدينية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.