الأزمي الإدريسي لــ le matin: مشروع مالية 2014 جاء باختيارات واضحة

13.11.05

 أجرت يومية   le Matin حوار مع إدريس الأزمي الإدريسي نشر في عدد 30 أكتوبر المنصرم هذا نصه:

ما ردكم على موقف المعارضة التي تعيب على الحكومة كونها ابتدعت مشروع ميزانية 2014 بمنهجية محاسباتية صرفة؟ 

 مشروع قانون المالية ليس محاسباتي صرف بقدر ما يهدف إلى تسريع وتيرة الإصلاحات وخاصة التي ما يهم إصلاح صندوق المقاصة ومنظومة العدالة والنظام الضريبي. كما يهدف إلى تعزيز النمو والتشغيل والتماسك الاجتماعي.

كان يجب أن نقوم باختيارات واضحة بهدف إعادة التوازنات الماكرو اقتصادية بما هي اختيارات سياسية في العمق. فهذه التوازنات تمكن من إقرار وضع سليم عبر تخفيض الديون لصالح الأجيال المقبلة لتجد ظروفا جيدة للنمو وخلق الثروة وفرص الشغل. كما راعينا في هذه الاختيارات تعزيز الشفافية في فرض الضريبة على القيمة المضافة على الشركات. مما يجعل الرؤى واضحة بالنسبة للفاعلين السياسيين والاقتصاديين على السواء.

كما أن مشروع قانون مالية 2014 يتيح إمكانية جذب الاستثمارات الأجنبية للمغرب ويجعله في مستوى التنافسية.

إن مشروع قانون المالية لسنة 2014 يعد مشروع إصلاحات حقيقية.. تهدف لتحقيق نمو اقتصادي وتماسك اجتماعي، دون التفريط في الاختيارات السياسية الواضحة المعالم التي اتخذتها الحكومة في ظل هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة. الأمر يتعلق بالتوفيق بين الإكراهات والانتظارات.. اختياراتنا في إطار مشروع قانون المالية تتسم بالصراحة والمسؤولية. 

ميزانية الإستثمار لبعض القطاعات الإجتماعية كالصحة والتربية سجلت انخفاضا بالمقارنة مع 2013. كيف تعللون هذا الوضع في الوقت الذي تقول الحكومة إنها تنهج مقاربة اجتماعية؟

فيما يتعلق بالميزانية العامة، فإن الميزانية المخصصة للقطاعات الإجتماعية تمثل أزيد من 133 مليار درهم؛ وهو ما يعادل أزيد من 53 في المائة من الميزانية المفتوحة، فعندما يتعلق الأمر بالتعليم أو بالصحة فإن الاستثمارات يجب أن تتجه مباشرة إلى الجهات المعنية عن طريق الأكاديميات الجهوية والجامعات بدل من صرفها مركزيا. وبالتالي الربط بين ميزانية الوزارة الوصية وميزانية الأكاديميات الجهوية والجامعات. إذن المقاربة المتخذة من قبل الحكومة مقاربة شمولية.

أما بخصوص إنعاش الاستثمارات فإننا من خلال مشروع قانون مالية 2014 اخترنا دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة من خلال برامج دعم المقاولات كــ “مساندة” و “امتياز”، بالإضافة إلى دعم التصدير باعتباره أحد أولوياتنا. كما إننا دخلنا من خلال المشروع الحالي مرحلة السرعة الفائقة فيما يخص استراتيجية مغرب التصدير من خلال التكوين على مهن التصدير ومواكبة المقاولات.

نقطة أخرى بالغة الأهمية شرعنا في تنفيذها وهي تحديد نسبة 20 بالمائة من الصفقات العمومية لصالح المقاولات الصغرى والمتوسطة تستفيد منها.  

دخل هذا الإجراء حيز التنفيذ في شتنبر الماضي.. أليس كذلك؟

عمليا، فقد بدأ فعليا العمل بالتفضيلية الوطنية على مستوى الوزارة الوصية مع القطاعات المعنية، وهو أصلا السبب في التأخير الحاصل، بعدما كان مقررا العمل به في فاتح شتنبر كما أشرتم، حيث أرجأنا العمل به لأربعة أشهر أخرى كي نستطيع إنجاز عمل تكويني ومواكب وإعدادي وتحسيسي قبل وضع المرسوم بهذا الخصوص. فعشرون بالمائة ليست سوى العتبة الأدنى. ما يعني أنه يمكن للمقاولات الصغرى والمتوسطة أن تحصل على أكثر من هذه النسبة.

كما قمنا بتبسيط ملفات الإعلان عن طلبات العروض، ونهج شفافية الصفقات وتكريس التنافسية سواء من خلال الإعلان عن طلبات العروض عبر المواقع الإلكترونية أو بالنسبة للوثائق المطلوبة في هذا الصدد. فالملف الإداري المطلوب بهذا الشأن الآن أصبح جد بسيط. أما الملف الكامل فإنه يتم الحصول عليه من الشركة المكلفة بطلبات العروض. هذه الطريقة تهدف في النهاية إلى تسهيل مهمة المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تجد صعوبة في ولوج طلبات العروض الخاصة بالصفقات العمومية.

تعرضت الإجراءات الجبائية إلى العديد من النقد. على أي أساس أقمتم اختياركم بهذا الخصوص ؟ 

لابد من الإشارة إلى أن النظام الجبائي يحتل مكانة مهمة في مشروع قانون المالية لــ 2014.  من جهة فقد اعتمدنا تحسين مداخيل الدولة طبقا لتوصيات المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي. وعلى مستوى توسيع قاعدة الوعاء الضريبي، فلن يكون هناك إعفاءات جديدة. وقد بدأ العمل بوثيرة تصاعدية من أجل استرجاع مستحقات الإعفاءات حسب المنفعة الإقتصادية والإجتماعية. وفيما يخص الضريبة على الفلاحة سوف يتم تطبيق القانون بكيفية تدريجية مع الأخذ بعين الإعتبار خصوصية القطاع والأهداف المسطرة في استراتيجية المغرب الأخضر.      

كيف تعتزمون تطبيق الضريبة على الفلاحة مع العلم أن عددا من المقاولات الفلاحية غير مهيكلة؟

توسيع قاعدة الوعاء الضريبي وسن ضرائب جديدة ليس دائما أمرا هينا. فيما يخص الفلاحين ستكون السنة المقبلة 2014 موعدا لانطلاق هذا الإجراء،  ولكن لن تخضع الأرباح لهذه الضريبة إلا مع حلول سنة 2015 على أساس مداخيل سنة 2014. وسيكون بإمكاننا الاستفادة من هذه المدة الفاصلة لأننا سنبتدئ برقم معاملات جد مرتفع، وهو 35 مليون درهم؛ على أن ننزل في أفق 2020 إلى عتبة خمسة ملايين درهم. يخص هذا التدريج رقم المعاملات وكذلك النسبة التي سيتعين تطبيقها. أما سعر الرسم الجماعي فلن يتم تطبيقه إلا بعد مرحلة انتقالية تصل إلى خمس سنوات. سوف نبدأ بسعر منخفض بالنظر إلى خصوصية القطاع. ويجب الحرص على أن يساعد النظام الضريبي  في مواكبة الفلاحين لأجل تحقيق أهداف وغايات المغرب الأخضر الذي يبلغ نهايته مطلع سنة 2020.

ما هو الأساس الذي اعتمدته الحكومة لكي تحدد عتبة الضريبة على الفلاحة؟

من المهم جدا إثارة الانتباه إلى كون رقم المعاملات ليس هو الأساس الذي يخول سن الضريبة. إنه معيار العملية الجبائية فقط. المقاولات التي تحقق رقم معاملات معين هي التي ستخضع للواجب الضريبي. سوف نبتدئ برقم معاملات 35 مليون درهم. ثم 20 مليون درهم. ثم 10 مليون درهم ثم 5 مليون درهم. فرقم المعاملات ليس معيارا للحساب أو لأداء مستحقات الضريبة. رقم المعاملات فقط يحدد المساحة الفلاحية والإنتاجية والحصيلة لضيعة فلاحية معينة. ثم إن الضريبة لن تكون جزافية. سوف تنبني العملية الجبائية على أساس الأرباح. من يربح يؤدي ومن لا يربح لا يؤدي.

كما أن الربح يعطي فكرة عن مستوى الإنتاج الذي تنتجه الأرض المزروعة، وكذلك يعطي صورة عن الظروف المناخية. فهذا المعيار هو الأقرب إلى واقع المقاولة الفلاحية المغربية.   

إخضاع عملية شراء المعدات الفلاحية للضريبة أثار جدلا كبيرا في صفوف المهنيين. ألا ترون أن هذا الإجراء سوف يضر كذلك بصغار الفلاحين؟

 فرض الضريبة على القيمة المضافة على المعدات الفلاحية سوف يطبق تدريجيا وبدون تسرع. لحد الآن سن هذه الضريبة لا يهم سوى قسم محدود من المعدات. لقد وقع الاختيار بالاعتماد على مجموعة من المعايير أهمها الحاجة الملحة لهذه المعدات بالنسبة لمخطط المغرب الأخضر من جهة، ومدى تقدم وعصرنة هذه الآلات وتعميمها من جهة أخرى.

فسن الضريبة على القيمة المضافة فيما يخص المعدات الفلاحية يدخل ضمن منهجية شمولية تأخد بعين الاعتبار إصلاح هذا النوع من الضرائب، لأنها إحدى التوصيات الأكثر أهمية التي أوصت بها المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي.

وتجدر الإشارة إلى أن الضريبة على القيمة المضافة المعتمدة حاليا تؤثر سلبا على المقاولة بوجه عام والمستهلك بوجه خاص؛ خصوصا على مستوي بعض القطاعات التي تعرف تنوع الأسعار سواء منها القبلية أو البعدية. وهذا ما يفسر وجود الضريبة على رقم المعاملات. فهذه الوضعية الشائكة تضر بكلفة الإنتاج للمقاولة وتنعكس مباشرة على المستهلك. فكرة الإصلاح تتجه نحو تحقيق نسبتين: معدل 10 بالمائة ومعدل 20 بالمائة. فبتخفيض عدد المعدلات نتجه نحو ضريبة نهائية على القيمة المضافة؛ وبتخفيض المخلفات السلبية على مستوي سلسلة الإنتاج نتجه نحو إنتاج بأقل تكلفة. بهذه الطريقة نجعل المقاولة تستفيد من السيولة اللازمة بفضل رفع الحواجز التي تعيق من جهة، ونوفر جهد البحث المضني عن مصادر تمويل أخرى قد تأتي ولا تأتي.     

المعارضة وبعض الاقتصاديين لا يرون إصلاح الضريبة على القيمة المضافة بنفس المنظور. بل يرون أن توسيع قاعدة الوعاء الضريبي سوف ينعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين. ما رأيكم؟

كل شيئ مرتبط بنظرة كل منا للأشياء وكيف نرى الإصلاح. لا يتعلق الأمر بزيادات في نسب المعدلات. فتغيير المعدلات المرتبطة بالضريبة على القيمة المضافة يدخل ضمن منطق شمولي. سنتوجه تدريجيا نحو معدلين فقط، لأن هذان المعدلان يساعدان المقاولة على توفير سيولة مالية قارة. ونشرع في ذلك ابتداء من السنة الحالية، وذلك بحذف قاعدة تغيير النظام الزمني للمقاولة. هذا الإصلاح يتطلب غلافا ماليا يقدر بثلاثة ملايير درهم، وسينجز على مدى خمس سنوات بسبب التكاليف المكلفة لميزانية الدولة. وهو ما يعادل تحرير 600 مليون درهم سنويا لمدة خمس سنوات متتالية. سيدخل المعدلان 10 و20 بالمائة حيز التطبيق وفي المقابل سوف يتم حذف المعدلات الأخرى تدريجيا، وسيتم التغلب على باقي المعيقات التي تعيق تكلفة الإنتاج.

بالرغم من الإنتقادات احتفظت الحسابات الخاصة للخزينة بمكانها داخل مشروع قانون المالية. ما جديد إصلاح هذه الحسابات الخاصة التي تسمي الصناديق السوداء؟

 تسير الحسابات الخاصة للخزينة، مثلها مثل الميزانية العامة للدولة وخدمات الدولة، بطريقة مستقلة.

هل تخضع للمراقبة؟

بالطبع تخضع للمراقبة. مرحلة البرمجة لهذه الحسابات الخصوصية تشبه مرحلة إنجاز الميزانية العامة. وجمع المداخيل المنصوص عليها في المادة 1 من قانون المالية تجري تماما كما هو الحال لجمع مستحقات الضرائب. ميزانية الحسابات يصادق عليها البرلمان كما هو الحال للميزانية العامة للدولة.

ولتحقيق الشفافية يتم تحرير تقرير سنوي حول هذه الحسابات. فيما يخص النفقات تقريبا يتم تطبيق نفس القواعد التي تطبق على الميزانية العامة للدولة. ولكل هذه الإعتبارات فالحسابات الخاصة للخزينة ليست صناديق سوداء.   

ترجمة pjd.ma

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.