صلاح مفيد يكتب: السياسة هي الكلمة

13.12.02
نشرت يومية أخبار اليوم المغربية في عدد الجمعة 29 نونبر 2013 مقال رأي للكاتب صلاح مفيد بعنوان: السياسة هي الكلمة، هذا نصه:
بقلم/ صلاح مفيد
عندما “زاد” السيد عبد الإله بنكيران في أسعار البنزين والغازوال والفيول الصناعي، في إطار تطبيق نظام المقايسة، بعد أن رُفض مشروعه لإصلاح صندوق المقاصة، لأسباب سياسية صرفة، بعيدا عن تداعيات الأزمة الاقتصادية، التي تمر منها البلاد، والتي تتطلب انخراط الجميع في البحث لها عن حلول، زايد عليه الجميع.. فأصدرت الكثير من الهيئات المدنية والسياسية البيانات المنددة، وكُتبت المقالات المنتقدة، لهذه الخطوة التي “تضرب في الصميم القدرة الشرائية لعموم المواطنين”.. ناهيك عن تعليقات المواطنين، في أحاديثهم اليومية أو على شبكات التواصل الاجتماعية.

كما أن السيد حميد شباط، في إطار الحرب المستمرة بين الزعيمين المفوهين، وجدها فرصة لتقطير الشمع على خصمه اللدود، ليخترع له لقبا جديدا هو “بن زيدان”…
لكن، عندما انخفضت أسعار المحروقات للمرة الأولى ثم للمرة الثانية، فإن الكل “ضرب الطم” بما فيهم المواطنين. فلم أسمع أحدا يبدي تعليقا ولو مقتضبا عن هذه الخطوة، وكأنهم يخافون أن “يضربوا أنفسهم بالعين”، وتعاود الأسعار في الارتفاع. أو كأنهم مع ما خبروه في حياتهم الطويلة لم يصدقوا الخبر، لأن الدولة، لم يسبق لها أن خفضت ثمن شيء رفعت سعره قبل ذلك.
وهذا ما كان سيحصل بالفعل، لولا أن رئيس حكومتنا “بقا عند كلمتو” التي قطعها على نفسه، عندما قال، قبل أن يطبق نظام المقايسة، أن الثمن سيتبع أسعار البترول في السوق الدولية صعودا وهبوطا.

فقد صرح السيد بنكيران، أن البعض نصحه (وا نصيحة زينا هذي) بعدم “النقصان” من ثمن المحروقات، لأن ذلك، سيسمح بربح مليارات من الدراهم، سيرقع بها خزينة الدولة، ويسد بعض الثقوب الكثيرة التي تتخللها وتجعلها كالغربال، لكنه رفض النصيحة المصيدة، مبديا في نفس الوقت موقفا يحسب له، ويدعم تفوق حزبه الأخلاقي على حد تعبير الأستاذ حسن طارق، عندما صرح في لقاء تواصلي مغلق مع مناضلي حزبه بمدينة سلا: “السياسة هي الكلمة”.
أعتقد أن هذه الكلمة التي لم تكن اعتباطية، وخرجت من فم رجل خبر حياتنا السياسية المعلنة منها والخفية هي المفتاح التي سيفتح مغاليق السياسة المغربية، المستعصية على الفهم والتحليل.

المواطنون المغاربة فقدوا الثقة في السياسة، لأن السياسيين “ما عندهم كلمة”، فهم أيام الانتخابات، يغرقوننا وعودا “تسيل لعابنا”، إلا أنه، مباشرة بعد فوزهم بالمقعد، يقتعدونه، ويقولون لنا، كما قيل لموسى من قبل: “فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون”، لنجد أنفسنا لوحدنا، في مواجهة غلاء المعيشة والبطالة والفقر وغيرها من المشاكل التي نتخبط فيها يوميا.
ولكي يعاود المواطنون المغاربة التصالح مع السياسة، فعلى السياسيين أن يكونوا “قد الفم قد الدراع”، وذلك بتطبيق البرامج التي وعدت أحزابهم بتطبيقها، حال الوصول إلى الحكومة، خاصة مع الصلاحيات الكثيرة التي أصبح يتمتع بها رئيس الحكومة في إطار دستور 2011. وقبل ذلك، وهذا هو الأهم، طرح برامج انتخابية واقعية وقابلة للتحقيق، لا أن يبيعوا لنا الوهم.
دون ذلك، سيبقى “سوء فهم كبير”، جاثما على حياتنا السياسية، ويطبع علاقة المواطنين بالسياسة والسياسيين، ويمنعنا من استعادة الثقة في طبقتنا السياسية، الضرورية لكل نهوض تنموي وحضاري مستقبلي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.