العلوي يكشف لـ pjd.ma تفاصيل “حوار المجتمع المدني” بعد انتهاء الندوات الجهوية

14.01.24

بعدما أثير في الساحة السياسية والجمعوية عدد من النقاشات بشأن الحوار حول المجتمع المدني، أجرى الموقع الالكتروني pjd.ma     مقابلة في هذا الموضوع، مع رئيس اللجنة الوطنية مولاي إسماعيل العلوي، همت مختلف الجوانب، ننشره كالآتي: 

1.      تم الانتهاء من مرحلة مهمة من إدارة الحوار حول المجتمعي المدني الذي أشرفت عليه اللجنة الوطنية لإدارة الحوار الوطني حول المجتمع المدني وهي الندوات الجهوية، ما تقييمكم العام لهذه المرحلة؟  

في الواقع أنهينا الندوات الجهوية، لكن هذا لا يعني أننا انهينا الندوات العامة والأكاديمية التي تتطرق إلى مواضيع مختلفة. عموما قمنا بما يربو عن 18 زيارة إلى الجهات في إطار الندوات الجهوية.. ستقول لماذا 18 ونحن لدينا فقط 16 جهة؟ سأقول لك قمنا بذلك لشساعة بعض الجهات ولكثافة التنظيمات الجمعوية بهذه الجهات. هناك بعض الجهات زرناها مرتين ومازلنا لحد اليوم نزورها أحيانا بطلب من الجمعيات، ويقوم بعض الإخوة والأخوات من المكتب الوطني للجنة بتأطيرها.  

هذه الاجتماعات والندوات الجهوية كانت مفيدة جدا، لأنها جعلتنا نتصل مباشرة بعدد كبير من جمعيات المجتمع المدني على اختلاق مشاربها والمواضيع التي تهتم بها. من قبيل حقوق الإنسان والتنمية والنمو الاقتصادي وأخرى ثقافية    .. واللقاءات التي نظمناها كانت عبارة عن عمليات إنصات.. والتوجهات العامة كانت تعرض على الحاضرين، وبعد ذلك كنا نتوزع على ورشات. وفي هذه الورشات كل جمعية كانت تعبر عن رأيها بوضوح   ..

إذن كان عملا ايجابيا جدا. والآن نحن بصدد جمع هذه المعطيات كلها من أجل بلورتها في عرض تركيبي مفصل، سنتقدم به إلى الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني وإلى الحكومة، وسنضع كل المواضيع التي جمعناها من خلال هذه الندوات التي نظمناها في “أرشيف المغرب”، وهذا قرار اتخذناه، كما سنضعها في موقعنا نحن كلجنة وطنية حول المجتمع المدني، وننشئ الآن موقعا خاصا بالمجتمع المدني وسنضع رهن إشارة الجميع هذه المعطيات، لاسيما المخرجات الأساسية التي سنصل إليها، حتى يساهم الجميع في مناقشتها، ولنا الأمل في أن تضع الحكومة نفسها مشاريع قوانين تنظيمية والقوانين الأخرى التي تهم المجتمع المدني على هذه المواقع من أجل مناقشتها من قبل الجمهور قبل صياغة النصوص النهائية وتقديمها إلى البرلمان ليناقشها كذلك منتخبو الأمة. إذن العمل سيستمر بعدما ننهي عملنا نحن. حيث من المقرر أن ننهي هذا العمل يوم 13 مارس 2014. لكن بدون شك سنستمر في الاشتغال إلى غاية منتصف أبريل أو نهايته بهدف تجويد بعض الجوانب من هذا العمل وإخبار الجمهور المغربي والجمعيات بما وصلنا إليه من نتائج.

إذن العمل أوشك على نهايته، وعلى المجتمع المدني بجميع جمعياته وهيئاته أن يستمر من أجل تتبع ما سنصل إليه لتجويد ما سنصل إليه ولإرغام ذوي القرار برلمانا وحكومة على العناية أكثر بالمجتمع المدني ككل.

 2.      ما هي أبرز خلاصات وحصيلة هذه الندوات؟

لابد أن نؤكد على أن هذه الندوات ركزت أساسا على الحياة الجمعوية، ولم تتطرق بعمق إلى القوانين التنظيمية المطلوبة منا، وبالتالي نعوض ذلك بهذه اللقاءات التي سميتها باللقاءات الموضوعاتية مع مختصين وخبراء في إطار التعرف على التجارب المثلى في بلدان وشعوب أخرى، لكي نستطيع أن نتقدم بصيغ مرضية مهمة تسير في اتجاه المزيد من دمقرطة الحياة الجمعوية. فهذا يهم أساسا القانونين التنظيميين الخاص بالعرائض الشعبية والمتعلق بالملتمسات التشريعية الشعبية..

إذن إلى جانب هذين القانونين نحن منكبين كذلك على معرفة أحوال المجتمع المدني انطلاقا من الملاحظات التي تفضل بها المساهمون، وتقديم المقترحات لتحسينها، تلك التي تتصل بالمجتمع المدني، كقانون الحريات وتمويل الجمعيات بقضايا الجبايات وقضايا العلاقات مع مختلف ممثلي الإدارة والسلطة والدولة. ولن نقتصر على هذا الأمر فقط في مخرجاتنا بل سننكب على دور القطاع الخصوصي الذي يساهم في حياة المجتمع المدني عن طريق الهبات أو العلاوات إن صح هذا التعبير، أو الدعم، حيث هناك ولله الحمد بعض المقاولات في بلادنا أصبحت تدرك أهمية مفهوم المقاولة المواطنة، وتريد أن تساهم في تطوير أوضاع المجتمع، إما على مستوى التجهيز الأساسي أو السكن أو التثقيف أو على مستوى مرفق من مرافق الحياة.

 3.      تداول الرأي العام الوطني وعبر عن ذلك عدد من رجالات الدولة أن الشخصية التي تترأس اللجنة الوطنية حول المجتمع المدني شخصية من نوع خاص، هل تعتقدون أنكم نجحتم في إدارة الحوار؟

أولا أملي أن أكون عند حسن ظن الذين اعتبروا شخص العلوي من طينة خاصة ويتميز بخصال معينة، وهذا يزيد من ثقل المسؤولية التي على عاتقي، طبعا إن إدارة اللجنة الوطنية للحوار حول المجتمع المدني يتطلب التحلي بالكثير من سعة الصدر ونوع من الاستكانة، حتى يستطيع الكل التعبير عن آرائه. وأن لا يجد أي كان نفسه في موقف حرج، ولكي يستطيع أن يرضي أغلبية الآراء التي تظهر من خلال النقاشات. طبعا الكمال لله ولا يمكن أبدا أن يرقى المرء إلى ما يصبو إليه أو يحقق المستحيل بالنسبة للبشر أو الإنسان. مما لاشك فيه أن هناك هفوات وأخطاء أقوم بها، ولذلك ألتمس العذر من الجميع، وأتمنى أن لا تسجل هذه الهفوات في صحيفتي بشكل سلبي حتى أبقى شخصيا مرتاحا. وقد يبدو ذلك فيه نزعة أنانية، لكن في النهاية من منا نحن البشر من ليس فيه نزعة أنانية لأننا لسنا ملائكة.. فهذا حالنا…(يضحك).  

4.      أعتقد أن لقاءات اللجنة طبعتها خلافات.. كيف كنتم تديرون هذه الخلافات؟

في الواقع ليس هناك خلافات عميقة وجوهرية داخل اللجنة. الجميع يصبو إلى أحسن ما يمكن أن نصل إليه. طبعا هناك تفاوت في السعي إلى ما هو أحسن. وهناك من يريد أن يكتفي بما هو موجود، وهناك من يريد أن يأتي بالجديد، وهناك من يريد أن يقع بين موقعين.

إذا أخذنا مثلا بسيطا، ذلك المتعلق بمن يجب أن يتسلم الإشعار بإنشاء الجمعيات: فهناك من يقول بأنه من الأفيد أن تبقى بيد ممثل السلطة الترابية، وهناك من ينادي بأن يكون الأمر بين يدي العدالة، وهناك من يطالب بهيئة مستقلة لتقوم بهذا العمل.. قد يبدو هذا المثل بسيطا ولكنه يعبر عن هذا التوجه المشار إليه. لكن هناك المحافظون الذين يريدون أن تبقى الأمور على ما هو عليه الآن. وهناك من يريد الإصلاح بالتي هي أحسن، وهناك من يرغب في أن نتقدم على الأوضاع التي نحن عليها الآن. طبعا لا بد في عملنا التقييمي لهذه الآراء أن ندرك مغازي الدستور الذي أصبح يتحكم في حياتنا الوطنية، وهذا الدستور متقدم جدا.. فهو دستور واعد ويَلزمنا إدراك روحه أكثر من إدراك منطوقه. أنا شخصيا لدي ميل بأن نذهب إلى أكثر ما يمكن أن نذهب إليه في اتجاه دمقرطة الحياة الجمعوية، وفي نفس الوقت يجب أن نكون واقعيين وموضوعيين في الكثير من الأمور.

 5.      فلسفة الحوار الوطني بنيت على ضرورة الجواب عن أسئلة دستورية دقيقة من خلال إخراج قوانين، هل تعتقدون أن اللجنة بمعية الجمعيات التي حضرت الندوات استطاعت التوصل إلى هذه الأجوبة بشكل عام؟

سيكون من باب الغرور الجواب بنعم. صحيح أننا اجتهدنا في هذا الاتجاه، لكن هل فعلا وصلنا إلى ما نصبو إليه بشكل كامل، فهذا الأمر ما سنراه في مارس من دون شك. أما روح الدستور وفلسفته هي كما قلت روح متقدمة، ويجب أن ندرك أحيانا أوضاعنا الموضوعية كشعب تجعلنا لم نستطع الارتقاء إلى مضمون ومفهوم هذا الدستور، ولكن أنا من أولئك الذين يبنون منطقهم على المثل الفرنسي الذي يقول “سأصبح حدادا بممارسة الحدادة”. لا أظن أن هناك شعب ناضج مائة بالمائة، وله القابلية والقدرة على الوصول إلى قمم دمقرطة حياته بين يوم وآخر. ولكن في نفس الوقت سنكون مصرين على أن نصل إلى أقصى ما يمكن أن نصل إليه..

6.      هل تريد أن تقول بأن المجتمع المغربي بكل مكوناته المدنية والسياسية وغيرها غير مؤهل أو ليس في مستوى مواكبة تطلعات الدستور؟

لا يمكن أن نقول بأنه غير مؤهل.. أبدا.. لا يمكن أن أقول هذا الأمر. فكل الشعب مؤهل للوصول إلى أرفع المواقع. لكن لابد أن نقول بأن تفعيل الديمقراطية بجميع مضامينها ليس بالشيء الهين، لا يوجد شعب في العالم استطاع أن يصل إلى هذا الأمر .. كلما اقتربنا مما نظن أنه الهدف تبين لنا أنه أبعد من ذلك، ويمكن أن نصل إلى ما هو أفضل.. طبعا من دون شك أننا كشعب لنا معيقات كوننا، مثلا، لم نستطيع بعد 60 سنة من الاستقلال أن نجعل كل المواطنين والمواطنات في نفس المستوى في ميدان التمكن من المعارف كلها، سواء المدرسية أو غير المدرسية. أظن أن هذا أمر خطير. ليس خطيرا في حد ذاته فقط، بل خطير بانعكاساته أيضا إن صح التعبير، وعلينا طبعا أن ندرك أولا مسؤوليتنا كمواطنين، وأن ندرك مسؤوليتنا كجيل كان عليه أن يضمن هذا الأمر ولم يستطع. وأنا من هذا الجيل الذي لم يستطع أن يحقق هدف تعميم المعرفة والقضاء على الجهل والقضاء على جوانب التخلف الفكري في وطننا، لكن الآن هذا واقع. لا يمكن أبدا أن نرتقي إلى ما هو أفضل إذا لم نأخذ بعين الاعتبار الواقع كما هو لا كما نريد أن يكون. أظن أنه بالممارسة سنستطيع أن نحقق هذا الأمر. وفيما يخص تعميم المعارف والمعرفة أتمنى أن نستدرك ما ضاع من الوقت في هذا المضمار، وأن نعيد النظر في قطاع تعليمنا وفي أساليب تعميم المعرفة وفي برامجنا وفي المناهج التي علينا أن نسلكها من أجل إيصال شعبنا إلى ما نطمح إليه جميعا بدون شك.

7.      هل تعتقدون أن المنهجية التي اتبعتموها في إدارة الحوار الوطني حول المجتمع المدني، والتي وضعتمونها قبل انطلاق الحوار، منهجية سليمة بعدما انتهيتم من الندوات التشاورية؟

في الواقع لم نضع المنهجية قبل الشروع في الحوار الوطني أو قبل أن تعطى الانطلاقة لهذا الحوار، وإلا سنكون إلى حد ما مغرورين. المنهجية وضعناها وكان بودنا أن نضعها بشكل جماعي، وهذا ما حصل في نقاشات مع أعضاء اللجنة. طبعا كان هناك تصور لكل واحد منا بدون شك كمواطنين واعين لهم تصوراتهم لهذا الأمر. أنا شخصيا كان لدي تصور، وبدون شك كانت هناك تصورات أخرى لأشخاص مختلفين. طبعا لاشيء يبتدئ من لاشيء، لابد أن تكون هناك بداية، وخطوات البداية تعود إلى ماض بعيد. أنا مثلا كناشط جمعوي كانت لي معرفة ببعض الجوانب المتعلقة بالحياة الجمعية، لكني تعلمت الكثير من خلال هذه السنة التي قضيتها كمسؤول على هذه اللجنة، ومن دون شك هذا ينطبق على جميع مكونات هذه اللجنة التي سهرت على الحوار حول المجتمع المدني ومع المجتمع المدني.

8.      تعتبر الحكامة قاعدة دستورية قوية، هل وجدتم الجمعيات التي حضرت اللقاءات الجهوية مستعدة للعمل بهذا المبدأ؟ 

الرغبة النظرية موجودة. لكن الرغبة الإجرائية شيء آخر. من دون شك معظم الفاعلين الجمعويين والجمعيات يريدون تحسين الحكامة في إطار الحياة الجمعوية، ولكن نعلم جميعا أن الجمعيات متفاوتة في مستوى وعيها بأشكال الحكامة ومختلفة في أصولها إن صح هذا التعبير.

الآن عدد الجمعيات ببلادنا وصل إلى ما يقارب 100 ألف، وهذه الجمعيات تزايدت مع انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 2005. إذن هناك سبب لتزايد هذه الجمعيات، لكن هل هذا السبب يعود إلى ارتقاء الوعي لدى الجميع أم ناتج عن انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي خصصت أموالا هامة للعمل الجمعوي، أم هما الاثنين.. الله أعلم. لا يمكن أن أحكم.. لكن هناك جمعيات ظهرت ولم تكن من صنف الجمعيات التي لها حكامة مضبوطة، لا عند النشأة ولا عند الممارسة. نعلم أن هناك عددا كبيرا من الجمعيات أحيانا أنشئت من قبل بعض الأشخاص الذين يعرفون بعضهم بل من نفس الأسرة حتى. وهناك جمعيات أنشئت دون أن تحترم حتى القوانين الأساسية التي وضعتها لنفسها، كما لم تنظم جموعها العامة في وقتها أو لم تنظمها أصلا، كما لم تجدد مكاتبها. كما يوجد نوع من الاحتكار للقرار داخل هذه الجمعيات. وهذا طبعا يدل على عدم ضبط مفهوم الحكامة بالمفهوم الإيجابي الديمقراطي. فهذا الأمر مطروح ولابد أن ننظر إليه ونتمعن فيه ونصححه.. لابد من تطبيق القانون الموجود الآن في البلاد، لكي نجعل الجمعيات تعي ضرورة احترام القوانين الحالية، أو القوانين التي ستأتي. علما أن الهدف من القانون ليس الزجر ولا كبت المبادرات ولا تقليل اندفاع الفاعلين الجمعويين، أبدا. لكن القانون يجب أن يضع في اعتباره كل هذه النقائص التي أشرنا إليها ويسعى إلى تصحيحها، وعلى الجميع أن يحترم النصوص القانونية التي تسير على أساسها حياتنا الوطنية.

9.      بررت جمعيات مقاطعتها للحوار بمبررات مختلفة منها التحكم وعدم الإشراك ومبررات أخرى، هل تعتقدون أن هذه المبررات معقولة؟ أم أن هناك خلفيات أخرى وراء المقاطعة؟ ما هي؟

من دون شك أنه لكل تبرير خلفيات، هذا أمر موضوعي وصحيح.. لكن ما أريد أن أقوله هو أن الحوار لا يمكن أن يكون حكرا على اللجنة الوطنية ولا على أي كان من الهيئات الموجودة في الساحة. لأن الحوار وطني، ويعني الجميع، ولذلك على الجميع أن يسهموا فيه، سعيا إلى الوصول إلى أشياء مرضية. طبعا نتائج الحوار يمكن أن تتجلى في النصوص القانونية، ويمكن أن تتجلى كذلك في مطالب جديدة حتى بعد صدور هذه النصوص، إما من أجل تفعيليها أو تجاوزها نحو الأحسن.

أتأسف لكون بعض الإخوة والأخوات الذين لهم باع ولهم تجربة رفضوا الإسهام المباشر في إطار هذه اللجنة لحسابات أو لآراء خاصة بهم. لكن الموضوع لا يجب أن نضعه في خانة النزاعات السياسوية التي تحدث. كان عليهم، وهذا رأيي وأستسمح إن أدليت به، (كان عليهم) أن يرتقوا لمستوى أرفع، وأن يتجاوزوا حساسيتهم ومرجعيتهم من أجل المساهمة في الاقتراب من الكمال رغم أننا لن نصل أبدا إلى الكمال.

مع كل الأسف، هناك بعض العاملين الجمعويين الذين لديهم باع طويل وتجربة قوية يعتبرون أن التصريح الذي وقعوا عليه في وقت ما، وهو تصريح الرباط، يمنعهم من المساهمة في الحوار في إطار هذه اللجنة الوطنية، هذا رأي، وعلينا أن نحترمه. لكن لا أتصور أن هناك تصريح يمنع من تفعيل حتى مضامين هذا التصريح نفسه. كان يمكن أن نصل إلى نتيجة إيجابية بمساهمة الجميع. وكان يمكن أن نصل إلى نتيجة أكثر إيجابية لو ساهم معنا هؤلاء الإخوة والأخوات.

10. ألا يمكن القول أن هناك لوبيا قويا حاول عرقلة الحوار؟

لا أريد أن أسقط في هذا الوسواس. طبعا الحياة الجمعوية والمجتمع بشكل عام مطبوعة بوجود قوى ومجموعات ضغط وتصورات مختلفة، فهذا أمر طبيعي، لكن لا أظن أن هناك لوبيات تسعى بشكل مبيت لعرقلة أشياء من هذا القبيل، وإن كانت فالحياة معركة، ويجب أن نجابه هذه اللوبيات، وأن نبين لها أنه رغم وجودها لا تستطيع أن تكبت تطور المجتمع نحو الأحسن.

 11. رغبة الحكومة والأغلبية في عقلنة تلقي الجمعيات الدعم من الخارج هو الآخر أغضب بعض الجمعيات لماذا في نظركم؟

لا أظن ذلك، لأنه حتى المساعدات التي تأتي من الخارج على الدولة أن تتخذ بشأنها كل التدابير لمعرفة بالضبط ما يدخل، ولها الإمكانات للقيام بذلك. وعمليا تقوم بذلك. وأظن أن هذا الدعم الذي يأتي من الخارج مقيد بأحكام تهم الدول والهيئات المانحة، لأنه عندما، على سبيل المثال، تتسلم جمعية أموالا من هيئة أجنبية، فهذه الأخيرة نفسها تطالب بضبط الحسابات وتُسائل، وهي نفسها مُساءَلة من قبل الوطن الذي تنتمي إليه. يجب أن لا ننسى هذا الأمر. وبالتالي ربما إذا كانت الأمور تتم بشفافية تامة، وفي إطار الحكامة، فمن دون شك هذا الأمر سيصبح لاغ بحكم الواقع. طبعا هذا لا يعني أنه ليس هناك من تبيض خفي للأموال تأتي من الخارج. فرغم وجود القوانين الوطنية الخاصة بمحاربة تبييض الأموال ووسائل مراقبة الرواج النقدي والمالي إلا أن الأمر ليس بالهين، مما يجعل هذا الجانب قابلاللمزيد من الضبط. هذا كل ما يمكن أن أدلي به، لأني لا أملك إلا هذه المعطيات التي أشرت إليها.

 12. اعتبر البعض بأن الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني كانت توجه وتتحكم في إدارة النقاش حول المجتمع المدني، هل هذا صحيح؟

ستهيمن هذا كلام غير صحيح، لأنني شخصيا أحرص على أن تبقى اللجنة مستقلة تمام الاستقلال عن أيٍّ كان، بما فيها الوزارة المكلفة بالمجتمع المدني. ما أظن أن هذا حدث، لكن طبعا هذا عمل يهم المجتمع وبالتالي يمكن أن تكون هناك آراء مختلفة، بما فيها الآراء التي تمثل رأي الحكومة الحالية، لكن في اعتقادي كل هذا الحوار الذي عشناه في إطار اللقاءات الجهوية كان مستقلا ولم تتدخل لا الحكومة ولا الوزارة المكلفة بالقطاع بأي شيء من أجل تحريفه أو جعله يميل إلى رأي معين غير الرأي الذي يقرره المجتمع المدني. إذن هذا الأمر غير وارد، وهناك من يعتبر بأنه لا مبرر لوجود وزارة مكلفة بالعلاقة مع المجتمع المدني ظنا منهم أنها ستهيمن على المجتمع المدني. ولذلك علينا أن نتساءل هل الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان تهيمن على البرلمان؟ أبدا.. ليس لها أي قوة ولا قدرة ولا استطاعة للهيمنة على البرلمان، وبالتالي ما هو صحيح بالنسبة للبرلمان صحيح بالنسبة للمجتمع المدني، لكن الوزارة هي صلة وصل بين السلطة التنفيذية وهذه السلطة الجديدة وهي المجتمع المدني. فهذا مجرد نوع من التمفصل فيما يخص كل مكونات الدولة في مجملها. فهي شبيهة بتلك العلاقات التي تربط بين البرلمان والحكومة، ثم القضاء والحكومة والبرلمان. إذن هناك علاقة لابد أن توجد تلقائيا بين المجتمع المدني والحكومة. هذه العلاقة لا تلغي استقلالية كل سلطة من هذه السلط.

إن استقلال المجتمع المدني رهين بإرادة المجتمع المدني في الاستقلال. إذا كانت الإرادة قوية فلن يتسلط أي أحد على هذه السلطة الجديدة.

13. ما العلاقة التي كانت تربط اللجنة التي تترأسها بالضبط بالوزارة المكلفة بالقطاع؟

في الواقع ما كان يربطنا بالوزارة كونها وضعت رهن إشارتنا بعض الأوليات العامة الإدارية الضرورية، كما تحملت الوزارة كل مصاريفنا كلجنة، لكن نحن كلجنة لا نتدخل أبدا في مالية هذه العملية. طبعا لدينا معطيات ومعلومات. ونعلم لحد اليوم أن الحكومة هي التي تحملت كل المصاريف التي فُرضت علينا كلجنة. أما الدعم الذي سيأتي من هيئات دولية لم يحصل لحد الآن بأي شكل على المستوى المالي، لا من قبل البنك العالمي ولا من قبل البنك الإفريقي، نظرا للمساطر الخاصة بهاتين المؤسستين.

14. تؤكد أنكم لم تتوصلو بأي دعم من البنكين رغم أنهم وعدوا بذلك؟

لم نتوصل بأي دعم لحد الآن. لكن هذا الأمر يخص الحكومة. لكن لا بد أن نعترف أن البنك العالمي ساعدنا على تنظيم لقاءات في استقدام خبراء على نفقته من الخارج، من أجل عرض تجارب تحياها شعوب أخرى في مجال تفعيل الديمقراطية التشاركية. فغير هذا الأمر ليس هناك أي مساعدة مالية توصلنا بها، وما هو مشار إليه في تدخلات السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ما زال فقط أمراافتراضياأكثر ما هو موجود في أرض الواقع. بعد نهاية اجتماعات اللجنة وعملها حينئذ يمكن أن يقرر البنك العالمي والإفريقي في تقديم هذه المساعدة النقدية، وسنكون قد انتهينا من عملنا.

15. هل هذه المؤسسات قدمت التزاما بتقديم هذا الدعم أم أن الأمر مجرد وعد؟

أظن أنه وعد. والوعد مسؤول دائما. وبالتالي عندما يقع هذا الوعد من هذا الصنف فهو التزام. لكن هذا أمر يهم الحكومة مع هاتين الهيئتين الدوليتن.

 16. المرحلة التي ستتلو الندوات بدون شك أنها مرحلة صياغة التوصيات.. ما هي المنهجية التي ستعتمدونها؟ وما هي المراحل التي ستمر منها هذه التوصيات؟

في الواقع نحن أمام مقترحات وليس توصيات. هذه المقترحات ستقدم للحكومة والتي عليها أن تنظر في صياغتها من جديد قبل عرضها على البرلمان. هناك زخم وكبّة من المقترحات المصاغة بشكل مقبول. ستعرض على الحكومة وعلى الأمانة العامة للحكومة، من دون شك، التي ستنظر في هذا الأمر، لأنها هي المسؤولة على صياغة النصوص القانونية، وستناقش في إطار الاجتماع الحكومي، ثم ترفع إلى مجلس الوزراء بحضور جلالة الملك، وإذا ما حصل الاتفاق على مضمونها ستعرض آنذاك على البرلمان بغرفتيه، وللبرلمان كامل الحرية والسلطة لأن يعيد النظر في تلك المقترحات بشكل شامل. بعد هذا طبعا ستدخل حيز التطبيق.

وهذا لا يلغي أبدا دور المجتمع المدني أولا في هذه الفترة أو الفترات التي أشرت إليها. وسيثير الانتباه إلى بعض النقائص إن وجدت. وأكيد ستكون موجودة. وبعد حتى صدور النصوص القانونية والتنظيمية، على المجتمع المدني أن يحرص على أن تسير الأمور نحو الأفضل باستمرار. إذن هذه مهمة منوطة بهذه السلطة التي سميت بالمجتمع المدني، وعلى الجمعيات والنشطاء والمناضلين الجمعويين أن يكونوا حريصين على ذلك.

وفي هذه الفترة التي نحن بصددها طالبنا بالتحاق بعض الخبراء والأساتذة الذين لهم خبرة في الميدان، وخاصة في مجال القانون الدستوري والقانون السياسي العام، لكي يواكبوا عمل اللجنة ويساعدوها على استخراج لبّ ما وصلنا إليه من خلاصات، من خلال إما اللقاءات الجهوية أو الندوات المختلفة. التي لا نزال ننظمها إلى آخر رمق من حياة هذه اللجنة.

 17. هذا يعني أنكم لم تنتهوا بعد من تجميع المقترحات والتوصيات رغم انتهاء الندوات الجهوية؟

أجل، مازلنا ننظم ندوات موضوعاتية، لكن بطلب من الجمعيات التي تريد أن تعمق النقاش، وهذه الجمعيات هي التي تنظم وتشرف على هذه اللقاءات. ونحن مستعدون لبعث بعض إخواننا وأخواتنا لتأطير هذه اللقاءات. كما لا تزال اجتماعات وجلسات للإنصات قائمة من أجل الاستماع إلى عروض خبراء مغاربة وأجانب لتعميق وتدقيق بعض الأشياء أكثر.

 18. ما رسالتكم الأخيرة للجميع؟

أتمنى أن يتحلى الجميع بالحذر الضروري حتى نصل إن شاء الله إلى ما نصبو إليه جميعا من تقدم في مسيرة شعبنا نحو المزيد من دمقرطة الحياة الجمعوية..

أجرى الحوار: عبد اللطيف حيدة

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.