عندما يطيش قلم الصحافي..

 14.01.29
بقلم/ سعيد بورجيع
 
عندما يطيش قلم الصحافي، فإنه يكتب ما تفرع من طيشه بشكل غير صافي، حيث يشبع نهمه بالنبش فيما لا يسعفه واقع ملموس تشهده العين التي لا تحابي أحدا، ولا تجافيه أبدا.
مناسبة هذا الكلام، ما خطته يمين أو يسار المدعو المهدي الكراوي على الصفحة الأخيرة من جريدة “المساء” عدد 2282 ليوم الإثنين 27/1/2014 في عموده: “طوق الحمامة” تحت عنوان: “تكبر وتنساها”، مستهلا إياه بالمقولة القديمة: “الحجرة من الحبيبة تفاحة”… ومتخذا من السيد نبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة، وأمين عام “حزب التقدم والاشتراكية”، وما تعرض له في حادث رميه بالحجارة في “آسا الزاك”… ذريعة لصب جام حنقه على الحكومة برمتها متعمدا خلط الأوراق، والتلاعب بالمصطلحات، والضرب على وتر متطلبات المغاربة المشروعة بشكل انتهازي… بنية إرباك المتلقي كي يبتلع بسهولة ما جادت به قريحته المتعطشة للنكران المقصود لعمل الحكومة، وذلك بوصفها أنها أخفقت في كل شيء، من قبيل:

عدم إنجار الرفاه الذي وعدت المجتمع به… وكأن الرفاه عنقود عنب، ما على الحكومة إلا أن تقطفه، وتضعه على طبق من ذهب على مائدة المجتمع المغربي –يا سلام- في تجاهل صارخ لواقع الأمور كيف هي، وكيف ينبغي لها أن تدبر؟

ومحاربة الريع والفساد… وهو يعلم كذلك ما ترتب عن مجرد تحريك أولى الخطوات في هذا الاتجاه، كيف “تقربلت” أوساط من لا مصلحة لهم في ذلك، وهم من هم -وهو يعرفهم كما يعرف نفسه- في عمق المجتمع… وبالمقابل كيف نزل متقمصا شخصية المدافع عن المواطنين بافتراء تهمة تهجمها على قدرتهم الشرائية –هكذا-، ومنع توظيف المعطلين، وتوقف الحوار الاجتماعي، وتجميد الأجور، وفرض زيادات على كل لوائح الأسعار –بلا حيا بلا حشمة- من غير دليل، وهو يعلم أن القدرة الشرائية للمواطنين لم يطلها ما يقصده هو بالتحديد، وأن المعطلين لم يمنعوا من التوظيف عن طريق المباراة دستوريا، وإنما طال عدم الإستجابة لمعطلي محضر 20 يوليوز الذي شابته خروقات، حسب الحكومة، ولا يستقيم مع مبدإ تكافؤ الفرص كما يحدده الدستور، وأن هذا الملف محال على القضاء الذي يملك وحده صلاحية البت فيه قانونا وبشكل نهائي، مما يمكن الحكومة من براءة التهمة الموجهة إليها، والمتمثلة في رفض توظيف هؤلاء توظيفا مباشرا…
وأما الحوار الاجتماعي فلم يتوقف، كما يدعي الكاتب، بقدر ما أن النقابات المحسوبة على المعارضة هي من تسيسه لصالح رؤاها المعارضة للحكومة تارة بالمقاطعة أو الانسحاب، وتارة بطرح مطالب تعجيزية قبل الجلوس إلى مائدة الحوار…

وكذلك تجميد الأجور… فطرحه بالشكل الذي تناوله صاحب العمود، مجرد خرافة سوف لن يعتقدها إلا المنجمون الذين يحلمون يقظة، ذلك أن حكايتها مرتبطة بالإصلاحات التي تستهدف جلب الاستثمارات الأجنبية والوطنية عبر تبسيط المساطر، وتحسين المداخيل الضريبية عبر توسيع أوعيتها… والأقبح مما سبق هو أن يدعي فرض زيادات على كل لوائح الأسعار… الشيء الذي لا يقول به عاقل يمشي في الأسواق، وهو يعلم أنها تخضع للحرية تبعا لما تعرفه هذه من حيث العرض والطلب، والأدهى والأمر من ذلك تجاهله لنفي الحكومة أي زيادة على المواد المدعمة والمحددة أصلا، وكونها تعرف إجراءات تعديلية تمكن من التخفيف على الخزينة العامة للدولة من عدة صعوبات عن طريق تفعيل نظام المقايسة وغيره…

وأخيرا، فإن ما يوضح بشكل جلي ويعري على نفسية الكاتب، وتأثيرها على قلمه الطائش، هو ذلك الهجوم السافر على وزراء “حزب العدالة والتنمية” بالخصوص… وتقمص شخصية النيابة عن المغاربة بغير وجه حق، من أنهم “طلع ليهم الخز” –هكذا بلغة الزنقة- وأن “الموس وصل العظم”، وبتصوير للأمور غاية في التشاؤم، مما لا يخدم بتاتا مصلحة الوطن،
وإلى أن نسمو بأنفسنا إلى مقام “ولا تبخسوا الناس أشياءهم” مبدأ شريفا يعطي لكل ذي حق حقه دون اللجوء إلى استغلال النفوذ الصحفي من خلال جريدة أو موقع أو قناة… نرجو أن ينكب الجميع على التواصي على الحق، ولا شيء غير الحق… كونه مزهق للباطل مهما استشرى في أي ذات بما في ذلك الجسم الصحافي!

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.