العثماني: في نزاع الصحراء.. المغرب في موقف قوة ومتقدم جدا

14.03.08 

أجرى الموقع الالكتروني “شد أخبار الصحراء” حوارا مع سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية ووزير الخارجية السابق، هذا نصه:

أولا سعادة الدكتور نرحب بكم وننتهز فرصة وجودكم معنا بالداخلة، لنوجه لكم بعض الأسئلة التي قد تدور بذهن القارئ الصحراوي، أول هذه الأسئلة، بوصفكم كنتم على رأس الدبلوماسية المغربية، إلى أين يتجه في نظركم نزاع الصحراء؟ 

.. [هنيهة تفكير] نزاع الصحراء الغربية المغربية، في يد الأمم المتحدة، يتابعه مجلس الأمن ويرعاه الأمين العام للأمم المتحدة شخصيا، ولديه ممثل شخصي مكلف بالملف، يقوم بزيارات للمنطقة وبالإشراف على الخطوات العملية لحل هذا النزاع، لكن مادام هناك خصوم للمغرب والوحدة الترابية، فإن النزاع قد يطول، ليس بيد المغرب وحده مسؤولية إنهاء هذا النزاع، المغرب لديه مسؤولية، وهي أن يبذل جهده ويقوم بالمبادرات الكفيلة بحل النزاع، ولكن النتائج لا تتعلق بالمغرب وحده .

المهم اليوم أنه على المستوى السياسي، أو في الشأن السياسي لهذا النزاع، في رأيي المغرب في موقف قوة وفي وضع متقدم جدا، خصوصا منذ قدم مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية الجنوبية، وهو مقترح لقي ترحاب مجلس الأمن أولا، لأن مجلس الأمن في أبريل 2007 سجل المبادرة المغربية، وأتبع في إشارته إلى هذه المبادرة تحيته للمغرب على الجهود التي بذلها، والتي تميزت بالجدية والمصداقية لحل هذا النزاع، وبقيت هذه العبارة في جميع قرارات مجلس الأمن منذ 2007 حتى اليوم، وأظن أنها ستبقى، وهو اعتراف من المجلس والمنتظم الدولي بجدية المبادرة المغربية لحل النزاع، وهو ما أدى إلى أن أثنى أعضاء مجلس الأمن أفرادا كانوا أو جماعات على جدية  المبادرة المغربية، وكان آخر ذلك البيان المشترك الصادر عن البيت الأبيض من جهة، وجلالة الملك من جهة ثانية، إبان زيارة جلالته لواشنطن، والذي أيضا أكد على أن المبادرة المغربية هي مبادرة واقعية وذات مصداقية وجادة لحل هذا النزاع، وطبعا دول كثيرة أخرى عبرت عن نفس الموقف، فإذا على المستوى السياسي المغرب عنده مبادرة ولديه موقف متقدم وفي وضع جيد، لكن بطبيعة الحال الموقف الجيد للمغرب لا يكفي وحده لحل المشكل، كما قلت مادام هناك خصوم للمغرب ولوحدته الوطنية والترابية، فلذلك كما لاحظنا جبهة الانفصاليين دائما تثير العديد من القضايا غير قضايا العمق السياسي، مثل قضايا حقوق الإنسان وأخرى، من أجل تشويه المغرب إلى آخره، وهذا يبرهن على أن هؤلاء سياسيا لم تعد لديهم أية أفكار جديدة، ولا أي براهين يمكن أن يحاجوا بها على المستوى الدولي .

قدمتم أمس عرضا مفصلا حول الجهوية المتقدمة وآفاق التنمية ، فهلا تفضلتم ،بتوضيح للقراء يبن لهم ماهو الفرق بين الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي؟

الجهوية المتقدمة بالمغرب اليوم أصبحت معطى دستوريا لا رجعة فيه، فالفصل الأول من الدستور أكد على أن التدبير الترابي للمملكة يرتكز على الجهوية المتقدمة، كما أن الدستور أعطى مجموعة من المحددات لهذه الجهوية، سواء على المستوى الإداري أو المالي أو المجالس الجهوية المنتخبة بالاقتراع العام المباشر، وغير ذلك من الأمور الموجهة، والتي يجب أن تجد صداها في  القانون التنظيمي للجهات والجماعات الترابية الذي سيفصل هذه المواجهات الدستورية، وأنا في رأيي ليس هناك فرق بين الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي، فقط الحكم الذاتي هو أعلى مراحل الجهوية المتقدمة، ففي الجهوية المتقدمة توجد عدة مستويات، يمكن أن تبدأ من مستوى أدنى تكون فيه الصلاحيات المخولة للمجالس المنتخبة محدودة، ويمكن أن تصل لأعلى درجة حين تكون جهوية متقدمة ذات طابع سياسي، ذات برلمان جهوي وحكومة جهوية بمجلس تشريع جهوي بإمكانه إصدار قوانين في مجالات يحددها الدستور، في مالا يتعارض والقوانين الوطنية، كما هو موجود في دول أخرى.

فنحن اليوم في نظري، يجب أن نعمل على تنفيذ وتطبيق الجهوية المتقدمة على المستوى الوطني عموما، وخاصة بجهة الصحراء، ونترك تنفيذ الحكم الذاتي كأعلى مراحل الجهوية المتقدمة للمفاوضات في ما بعد.

اعترفت الدولة بالنقص الحاصل في التنمية بالأقاليم الجنوبية، مقارنة بمثيلاتها في الشمال من خلال تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فهل ترون بأن الحل يكمن في التعجيل بتطبيق هذه الجهوية أو الحكم الذاتي كما قلتم؟

بداية أريد أن أحيي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على التقرير والنموذج التنموي الذي أصدره، أحييه على الجرأة والشجاعة في التقييم الذي لامس من خلاله العديد من الاختلالات، وفي مقدمتها، كونه أظهر أن النموذج التنموي السابق لم يكن مندمجا ولا شاملا. وهذا التقرير الجديد وقف عند الخصاص الاجتماعي الموجود بالمنطقة، كارتفاع البطالة الذي قارب ضعف نسبة البطالة على المستوى الوطني، وخصوصا بين الشباب وحملة الشواهد العليا، وكذلك النقص الحاصل في الخدمات الصحية، ففي جهة واد الذهب لكويرة مثلا، جاء في التقرير بأن هناك سرير طبي واحد لكل 3000 مريض، كذلك نقص في الأطر الصحية من أطباء وممرضين .

فالتقرير الجديد حاول أن يكون مندمجا وشاملا في اقتراحاته بانسجام بين مختلف المؤسسات المتدخلة في تنمية الجهة، والمطلوب الآن هو أنه حتى قبل أن نبدأ في تطبيق الجهوية المتقدمة، يجب أن تبدأ المؤسسات المعنية وتبادر الحكومة إلى تطبيق هذا النموذج التنموي، ليكون مرحلة إعدادية للجهوية المتقدمة المنشودة، في انتظار أن يصدر القانون التنظيمي للجهات، وفي انتظار الانتخابات المقبلة، والتي يمكننا بعدها تطبيق الجهوية المتقدمة، لأنها تعني انتخاب رؤساء جهات جدد بطريقة تنسجم مع المعطيات الدستورية الجديدة.

هل للفتور الحالي في العلاقات المغربية الفرنسية تأثير على الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المساند لمبادرة الحكم الذاتي حسب رأيكم؟

أولا العلاقات مع فرنسا هي علاقات تاريخية وعميقة، فالاختلاف في تدبير ملف معين، وإصرار طرف ما على الحفاظ على مصالحه، والدفاع عن نفسه يجب أن لا يؤثر على علاقات تاريخية متينة، ولذلك أنا أظن وأتمنى أن يكون هذا المشكل مشكلا عابرا، مع تأكيدي بأنه لا يمكن للمغرب أن يسمح بالاعتداء عليه وعلى سمعته وحقوقه ومواطنيه، ونحن يجب أن نتحكم دائما في هذه الملفات التي تحترم سيادة الدول، لذلك المغرب الآن يدافع عن سيادته، من دون أن يسعى إلى توتير العلاقات بين البلدين، وقريبا ستستعيد هذه العلاقات عافيتها .

أنتم رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية، ماذا عن الخلافات أو الملاسنات الدائرة بين حزبكم وخصومه في المعارضة؟

طبيعة البشر الاختلاف، في المقاربات ووجهات النظر واقتراح الحلول، وليس من المعقول أن نطالب جميع الناس بالتفكير بنفس الطريقة، هذا بالنسبة للأفراد فما بالك بالأحزاب .

نحن نعتقد بأن الحكومة لن تكون قوية ما لم تكن المعارضة قوية، هكذا تقتضي الديمقراطية، لابد من التوازن، وبالتالي فنحن لا يزعجنا أبدا الانتقادات والاستدراكات المعارضة من قبل أحزاب المعارضة، ففي النهاية نحن جميعا مغاربة، يجب أن نتحاور وتكون روابطنا مستمرة، ولكل منا رأيه يدافع عنه بقوة، ولن نحدد اليوم من هو الصائب أو الأقوى شعبيا، إنما في 2011 قالت الانتخابات كلمتها، أما اليوم فنحن ننتظر الانتخابات القادمة وماذا ستقول، وهذه أمور عادية في عالم السياسة على ما أعتقد، يجب أن لا تشعرنا بالقلق أو الارتباك .

أين يجد الدكتور سعد الدين العثماني نفسه .. كدكتور طبيب نفسي أم مفكر إسلامي أم سياسي ورجل دولة؟

أجد نفسي في كل هذه النعوت، فلكل منها زمان ومكان لدي.

شكرا سعادة الدكتور هل من كلمة أخيرة؟

فاجأني جدا خلال النشاطات التي حضرتها هذه الأيام بمدينة الداخلة، الاهتمام الكبير  لساكنة المدينة، بالشأن العام، والحضور المكثف للقاءات والندوات التي حضرتها، وتفاعل الجمهور داخل القاعة مع ما قدم من أطروحات، مع اختلاف الآراء والانتماءات، إضافة إلى الصبر على متابعة الندوات المقدمة داخل القاعة، وأحيي جمهور الداخلة على ذلك بمختلف انتماءاته، فلم يكن الحاضرون كلهم من حزب العدالة والتنمية، ومرة أخرى أشكر جمهور مدينة الداخلة.. وأشكركم على إتاحة الفرصة وشكرا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.