ثلاث أسئلة :نزهة الوفي ومقترح قانون حول مغاربة العالم والانتخابات

1)      السياق الذي انتج فيه مقترح القانون و ما هي الانتظارات التي يجيب عنها؟ 

    السياق هو أننا نعيش  مرحلة مهمة عمودها الفقري هو تنزيل  فعلي وديمقراطي للمقتضيات الدستورية  دون أي حسابات سياسيوية وأعتقد أن  أهم ما جاءت به الوثيقة الدستورية هي تلك التي خصت بها للمغاربة القاطنين بالخارج تعزيزا وتقديرا لهم، فقد خص الدستور المغربي هذه الفئة  بفصول بعينها 16و17و18و163 منطقها إدماجهم كقوة متميزة في ديناميكية المغرب الذي يبحث لإشراك مواطنيه في مقاربة تشاركية وإتاحة الفرصة لهم للمساهمة في تنمية المغرب والدفع بترسيخ  قيم دولة الحق واستعادة حقهم الدستوري للتخفيف من أزمة التمثيلية السياسية بالمغرب على اعتبار أن المواطنة  هي نتاج عقد اجتماعي يكون فيه الجميع للوطن والوطن للجميع بالداخل والخارج.

ثم أن المواطنة ليست مجرد صفة لوضعية تطلق فيها النصوص القانونية لدولة ما تسمية مواطنين على الأفراد الذين يحملون جنسيتها وتوحد بينهم مجموعة من القواسم المشتركة. إنها، فوق ذلك، عملية المشاركة النشيطة والعادلة لهؤلاء المواطنين في الحياة السياسية لجماعتهم ودولتهم أينما كانوا سواء بالداخل أو الخارج .

وفي هذا الإطار فالمواد التي جاء ت بها الوثيقة الدستورية لها أهمية خاصة على اعتبار تضمينها لمقتضيات  القرار الملكي  6 نونبر  2005 والذي يعتبر خطوة تصويب لتدبير ملف الهجرة ضمن منظور شمولي، حيث تضمن التعهد الملكي والذي ترجمته الوثيقة الدستورية رؤية إستراتيجية لدور المهاجر الذي سيستعيد بمقتضى المنطوق الملكي مقعده النيابي داخل المؤسسة التشريعية. حيث شكل هذا الخطاب التاريخي، محطة بارزة في تطور موضوع تنظيم المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج وتمثيلهم في المؤسسات الوطنية. ويمكن اختزال القرارات الواردة في الخطاب كما نص عليها الخطاب الملكي بشكل مباشر  في ما يلي:

ـ تمكين الأجيال الجديدة من حق التصويت والترشيح،

ـ تمكين المغاربة المهاجرين بتمثيلهم بمجلس النواب،

ـ إحداث دوائر تشريعية بالخارج،ـ منح الحق لكل مهاجر أن يكون ناخبا أو منتخبا سواء، بأرض الوطن أو بأرض المهجر،

وقد تلكأت الحكومات السابقة في تفعيل هذا القرار الملكي عملا بما سمي بـ”المقاربة المنهجية التدريجية” مما ادى الى عدم التقدم في الآليات الخاصة بتمثيلية المغاربة المقيمين بالخارج وهذا ما يفسره  البلاغ الذي أصدرته وزارة الداخلية بتاريخ 16 يونيو .2007

ومن أجل تحقيق المواطنة الحقة وإحقاق المزيد من جو الثقة المطلوب لأن الانتماء إلى الوطن يجب أن يعادله الحق في التصويت والترشيح للمواطنات والمواطنين كما هو الحال بدول متقدمة قريبة منا بحثت عن تمثيلية أبنائها في المهجر داخل مؤسساتها الوطنية والتي استطاعت أن تبتكر نماذج  وأن تساهم في تدبير جيد لملف الهجرة كالنموذج الإيطالي والإسباني وكذا النموذج البرتغالي والفرنسي  هذه النماذج التي أعطت مفهوما متجددا للمواطنة السياسية بالخارج. 

ثم أن المرحلة الحالية التي يمر بها تدبير قضايا الهجرة المغربية تحتم وجوب مناقشة تدبير ملف الجالية المغربية المقيمة بالخارج بمقاربة شمولية  بالنظر إلى التحولات المتسارعة التي تعرفها هذه الفئة من المواطنين وتجاوز النظرة السطحية والإحصائية والموسمية، الشئ الذي سيسمح من تقييم الأداء الحكومي وتقييم درجة الإنسجام والفاعلية والملائمة للسياسات العمومية الموجهة لخدمة هذه الفئة من المواطنين ومدى مطابقتها للانتظارات واحتياجات الجالية وهذا لا يتأتى إلا مشاركة نيابية لهذه الفئة بشكل مباشر من خلال المؤسسة التشريعية ومشاركتهم في رسم السياسات العمومية والمغرب لن يكون قويا إلا بمواطنيه في الداخل والخارج الذين يشتركون في رسم السياسات العمومية

2)     ماهي المضامين الكبرى لمقترح القانون ؟

أولا يجب التأكيد أن التجارب المقارنة توضح أن ممارسة المواطنة السياسية بالخارج فضلا عن الدور الذي لعبته في خلق  جسور مؤسساتية للتقارب والتعاون بين أفراد جاليات هذه البلدان وتطوير الاستفادة من الموارد البشرية خصوصا من الأجيال الصاعدة التي يمكن للمغرب الاستفادة منها فهي تسمح للمهاجر أن يكون فاعلا سياسيا ببلده يؤثر ايجابا في الحياة السياسية ببلده الأصل رغم البعد عن البلد، وفي هذا الإطار هناك تجارب أضحت نموذجا بالنسبة للدول التي تبحث عن تمثيلية أبنائها في المهجر داخل مؤسساتها الوطنية كما هو الحال بدول متقدمة قريبة منا والتي استطاعت أن تبتكر نماذج وأن تساهم في تدبير جيد لملف الهجرة كالنموذج الإيطالي والإسباني وكذا النموذج البرتغالي والتي من شأن المغرب أن يستفيد منها خصوصا وأن هذه النماذج أعطت مفهوما متجددا للمواطنة السياسية بالخارج أو ما يسمى  le transnationalisme politique التي ترتبط بالمواطن حقوقا وواجبات حيثما أقام هذا المواطن واليوم ينكب دارسون بوحدات علم الاجتماع السياسي بأوروبا على دراسة مجموعة من هذه النماذج  Jean-Michel Lafleur و Bertrand Badie باريس Marco Martiniello إيطاليا خاصة بعد أن توجه في 2006 أكثر من مليون إيطالي مقيم بالخارج لأول مرة بواسطة التصويت البريدي لممارسة حقهم الدستوري باختيار ممثليهم بالبرلمان بمناسبة الانتخابات التشريعية وبعد أشهر في يونيو توجه أكثر من 32.000  مكسيكي أغلبيتهم مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، لنفس الغرض وبنفس الطريقة، في 2007 توجه البلجيكيون المهاجرون للمرة الثانية من الخارج للمشاركة في الانتخابات الفيديرالية بواسطة أحد الطرق الخمسة التي أبدعتها بلجيكا لتتيح لمواطنيها الحق بالمشاركة السياسية، والفرنسيين الذين توجهوا يوم 7 يونيو 2009 لممارسة نفس الحق و لاختيار ممثليهم ب  l’Assemblée des Français de l’étranger(AFE) مجمع الفرنسيين بالخارج.

وإذ نؤكد على أهمية المكاسب التي حصل عليها مغاربة الخارج على مستوى المقتضيات الدستورية وحرص الحكومة على تفعيلها من خلال تنفيذ البرنامج الحكومي إلا أن الإرث الثقيل بسبب تعاقب سياسات عمومية غير متناغمة لم تستجب للإنتظارات المستعجلة لمغاربة الخارج فيما يخص مواكبة الاحتياجات والمطالب المستعجلة تدل على أن هناك ضرورة لتفعيل الفصل 17 من الدستور والذي ينص بشكل واضح على حق الترشيح و التصويت المباشر  انطلاقا من بلدان الإقامة:

يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات.ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية المحلية والجهوية والوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة.”

بالنسبة للمضامين لقد اقترحنا أربع دوائر انتخابية بالخارج بما لا يقل عن أربعة مقاعد ويتم دمج دوائر  دول الاستقبال التي لا تتوفر على 500 ألف مواطن مقيم على الأقل ببلد استقبال معين، بما يراعي المعيار  الديمغرافي في التمثيل النيابي وتناسبه بين الداخل والخارج. ثم اقترحنا أن تتضمن  اللائحة الوطنية مترشحات ومترشحين من المغاربة المقيمين بالخارج بشرط أن يحقق الترتيب نسبة لا تقل عن  5بالمائة من مقاعد اللائحة الوطنية.

3)     الخطوات التي قطعها المشروع والأفق الزمني المحتمل لإخراجه الى حيز الوجود ؟

مقترح القانون أخذ المسطرة العادية بمجلس النواب وننتظر برمجته بلجنة الداخلية من أجل البت بالصيغة المناسبة الضامنة للحق الدستوري لهذه الفئة من المواطنين بما يسمح وسيسمح بمساهمتهم المباشرة في رسم السياسات العمومية والبرامج الحكومية الموجهة لهم المفضية الى اتخاذ تدابير و آليات جديدة ونهج سياسة أكثر وعيا بالتحديات الجديدة وحلول مبدعة من أجل التعامل مع الظروف الحياتية للمهاجرين المغاربة خلال تواجدهم بأرض الوطن  بالشكل الذي يراعي ويخدم حجم الإكراهات الاجتماعية والقانونية المفروضة عليهم بالمهجر خاصة القضايا ذات الأولوية والحساسة

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.