عدوي: التصويت السلبي على اتفاقية الصيد البحري كان سيؤثر سلبا على العلاقات الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوربي

12-02-29
أجرت أسبوعية “الوطن الآن” في عدد الأسبوع الجاري، استجوابا مع النائب البرلماني عن فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، وعضو اللجنة المغربية الأوروبية المؤقتة، حول الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد  الأوروبي،  وفي ما يل النص  الكامل  للمقابلة :
 *كاد البرلمان الأوروبي أن يصوت ضد اتفاقية الفلاحة مع المغرب حيث كان البرلمان الأوربي قاب قوسين أو آدنى من رقض الاتفاقية، لكن في آخر لحظة تمت الموافقة عليها، ما الذي حدث علما أنك كنت ضمن الوفد البرلماني المغربي بأوربا؟
**من الصعب القول إن الاتفاقية كانت بين قوسين، لأن التصويت السلبي على اتفاقية الصيد البحري كان له أثر في العلاقات الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوربي. ولفهم سياق التصويت الإيجابي على اتفاقية الفلاحة، لابد من استحضار المعطيات التالية: اتفاقية التعاون بين المغرب وأوروبا سنة 1976، توقيع اتفاقية الشراكة سنة 1996، مما يعني سياسة حسن الجوار مع المغرب، وهو ما توج بالوضع المتقدم للمغرب مع الاتحاد الأوروبي سنة 2008، وهو وضع ما بين شريك رئيسي وعضو داخل الاتحاد الأوربي أي منزلة بين المنزلتين. وبالتالي عند استحضار هذه الاتفاقيات، لنا أن نتساءل ماذا تريد أوروبا من المغرب؟ فالتصويت الإيجابي للبرلمان الأوربي على اتفاقية الفلاحة، جاء في سيرورة طبيعية لعلاقات التاريخية بين المغرب والاتحاد الأوربي. ولقد بذل مجهود كبير في إطار الدبلوماسية الرسمية، وهو نفس المجهود الذي بذلته الدبلوماسية البرلمانية، والتي أنا عضو فيها (اللجنة البرلمانية المشتركة بين البرلمانين الأوربي والمغربي)، حيث قمنا بزيارة ميدانية لبروكسيل حيث يوجد مقر الاتحاد الأوروبي، وعقدنا عددا من اللقاءات مع البرلمانيين بمختلف توجهاتهم السياسية، كما قمنا بزيارة أخرى لمدينة ستراسبورغ، حيث حاولنا في هذه اللقاءات أن نؤكد على هذه العلاقات الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وأن أي تصويت سلبي على الاتفاقية الفلاحية سيكون له أثر على مستقبل الطرفين. وبالتالي فهذا مسار طبيعي، ولو صوت سلبيا، لكان علينا إعادة تصور علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي..
*لماذا تأتينا كل المشاكل من البرلمان الأوروبي، وليس من اللجنة الأوروبية؟
**اللجنة الأوروبية هي الشق الرسمي للاتحاد الأوروبي، وهذا يعني أنها هي التي تنظم العلاقات بين الحكومات، لكن البرلمان الأوربي له خصوصيات في العمل والتزامات حزبية وشبكة علاقات.. وطبيعة البرلمان الأوروبي أنه ليس وطنيا، ويكون التصويت حرا، إذ قد نجد برلمانيا اشتراكيا من جزيرة صقلية يخالف في التصويت زميلا له في الحزب في دولة أخرى، لاعتبارات عديدة منها علاقته بدائرته الانتخابية، وكذا بالمنتجين أصحاب الضغط..
*إذا كانت اللجنة الأوربية تمثل الحكومات والدول ولا نواجه معها مشاكل كبرى، فلماذا إذن لايخلق البرلمان المغربي «لوبيات» لممارسة التوجيه لمصالح المغرب في عقر البرلمان الأوربي؟
**هذا ما قمنا به في مقر الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوربي قبل يوم التصويت على الاتفاقية الفلاحية، وبعد ترسيم مجلس النواب وتنصيب الحكومة، ينبغي تفعيل اللجنة المشتركة لتستمر في القيام بدورها الكبير في إطار تكريس الديبلوماسية البرلمانية، ومعالجة جميع الملفات المدرجة في البرلمان الأوروبي..
*ما الذي في نظرك سيربحه المغرب بعد مصادقة البرلمان الأوربي على اتفاقية الفلاحة؟
**أي اتفاقية فيها جوانب إيجابية وأخرى سلبية، وبالتالي ففي شموليتها يمكن القول إنها متوازنة وتسير في إطار الانفتاح المغربي والأوروبي على السوقين معا. وهذا الانفتاح سيراعي مجموعة من الاعتبارات منها الخصوصية الفلاحية المغربية، إذ هناك بعض المنتوجات ستتحرر مباشرة بعد المصادقة على الاتفاقية، وأخرى ستتحرر في أفق 5 إلى 10 سنوات. لكن حسب المعطيات المتوفرة اليوم، فإن نسبة الانفتاح الفلاحي بين الطرفين ستصل إلى نسبة 67 في المائة في أفق 10 سنوات، علما أنها اليوم لا تتجاوز 45 في المائة من الانفتاح، وبالتالي فإن فتح المجال للفلاحين المنتجين المغاربة لإمكانية تصدير مجموعة من المنتوجات منها الطماطم والبرتقال والتوت وغيرها من الخضر والفواكه… والحمد لله أن الفلاح المغربي يبدع فيها ويطورها بمواصفات عالمية، من شأنها أن تجد في هذه الاتفاقية مجالا للتسويق الخارجي، مما سيدر على الخزينة المغربية مدخولا أساسيا بفضل تزايد الصادرات
*وبالأرقام ما الذي سنجنيه من هذه الاتفاقية؟
** **حسب الأرقام المتوفرة، فإن المنتوجات الاستراتيجية التي يتفوق فيها المغرب كالطماطم فإن القيمة المالية المحصلة تتجاوز 250 مليون أورو، وبالنسبة لمادة «الخيار»، تتجاوز 2 مليون أورو، وبالنسبة لمادة «القرع» ستتجاوز تقريبا 42 مليون أورو، ومادة «الكليمونتين» تقريبا 70 مليون أورو، أما توت الأرض فتصل 36 مليون أورو، وهذه مداخيل مالية مهمة للمغرب، وستساهم في تطوير القطاع الفلاحي باعتباره محرك التنمية الاقتصادية، وأؤمن أن مستقبل المغرب في فلاحته إذ تساهم بين 15 و20 في المائة من الناتج الداخلي الخام زيادة على أنها تشغل 40 في المائة من اليد العاملة، من بينهم 80 في المائة من القرويين.. كل هذه معطيات تؤكد أن الفلاحة تشكل دعامة أساسية في الاقتصاد الوطني، مما يفرض علينا اتخاذ عدد من الإجراءات لنكون في مستوى التنافسية والانفتاح مع الاتحاد الأوربي..
*لماذا يصر المغرب على أن تبقى الفلاحة رهينة السوق الأوروبية عوض التوجه لأسواق خليجية إذ هاهي السعودية مثلا أو قطر آو الإمارات تتصارع لشراء الأراضي بالأرجنتين وبافريقيا لزراعة ما تحتاجه شعوبها لتصديره للخليج، لماذا لانستغل الفرصة لتنوع السوق؟
**إذا كانت الاتفاقية قد أبرمت مع الاتحاد الأوروبي،  فهذا لا يعني أن لا ننفتح على أسواق أخرى، فالاعتماد على السوق الأوربية وحدها غير كاف، لاسيما وأن هناك الأسواق العربية والمغاربية والصينية التي ينبغي التوجه لها، ولا ننسى السوق الوطنية بذات الأهمية، لكي نوفر للمواطن المغربي منتوجا فلاحيا بجودة عالية وسعر مناسب.
*بعض المنتجين يشتكون من صعوبة غزو مثل هذه الأسواق العالمية لكون المغرب لا يتوفر على «لوجستيك» من قبيل السفن وأسطول قوي لإيصال السلع والمنتوجات بسعر مقبول؟
**صحيح، ولهذا تستحوذ السوق الأوربية على أكثر من نصف المنتوجات المغربية، وذلك بفعل القرب، خاصة وأن طبيعة المنتوجات الفلاحية التي تتعرض أحيانا للتلف، مما يجعل العلاقة مع السوق الأوربية ميسرة جدا للطرفين مقارنة مع أسواق أخرى. وبالتالي فوضع كل الوسائل وتشجيع المنتجين الفلاحيين، وتوجيه السياسة التصديرية للفلاحة ودعمها بكل ما سبق من قبيل خلق الأساطيل والتحفيزات هو من مجالات اشتغال الحكومة الحالية..

عن جريدة الوطن الآن، العدد 463 —الخميس 1 مارس 2012

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.