عمارة لــــ”المساء” : أحرص على النزاهة والشفافية في الوزارة

 

12-07-23

أكد عبد القادر اعمارة، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، أن تأثيرات الأزمة الاقتصادية الدولية على المغرب ستكون أكبر إذا لم تستطع الدول التي لدينا معها علاقات اقتصادية الدخول في مرحلة انتعاش اقتصادي ابتداء من 2013. وكشف اعمارة أن المغرب سيطلق خلال أشهر قليلة الجيل الرابع من الأنترنت، وسيكون قد سبق إسبانيا ببضعة أشهر، ليصبح واحدا من الدول الإفريقية القليلة التي تتوفر على الجيل الرابع. في هذا الحوار مع “المساء” يتحدث  اعمارة أيضا عن المرحلة الأولى من برنامج «رواج» و«مخطط المغرب الرقمي»، وحيثيات سفره إلى بوركينافاصو، وعدد من المحاور الأخرى.
– مازالت أوربا تعاني من الأزمة الاقتصادية. ما هي انعكاسات ذلك على القطاعات الاقتصادية المصدرة بالمغرب؟

< التأثير موجود، فمن الناحية المنهجية بدأ المغرب انفتاحه الاقتصادي منذ سنوات، ومعنى ذلك أنه ربط اقتصاده بالاقتصاد الدولي، ومن الطبيعي أنه عندما تكون هناك أزمة اقتصادية في العالم، يكون لها تأثير على المغرب. تأثير الأزمة الاقتصادية الدولية بدأ يظهر الآن، خاصة أن التجمع الاقتصادي الذي تأثر أكثر بالأزمة الاقتصادية هو أوربا، فهناك مشكل اليونان وإسبانيا، وإلى حد ما البرتغال وإيطاليا وهولندا، وكل هذه الدول، التي توجد في جنوب أوربا، لها علاقة مع المغرب، خاصة العلاقات القوية مع فرنسا ثم إسبانيا. التأثيرات موجودة لدينا الآن، وظهرت على مستوى عدد من القطاعات، ففي المجال الصناعي لدينا بعض التراجع على مستوى قطاع الأحذية، وقطاع الإلكترونيك، وأيضا بعض التراجع في قطاع النسيج، وأكيد أن هناك تأثيرات أخرى في مجال السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج ومجال العقار. لكن إلى حد الآن، تبقى هذه التأثيرات محدودة إذا تمكنت الدول التي لدينا معها علاقات من الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية، ودخلت في مرحلة انتعاش ابتداء من 2013، لكن إذا استمرت الأزمة في أوربا سنوات أخرى أكيد  سيكون التأثير  أكبر من هذا.

– هل استطعتم تطوير حضور المغرب في أسواق جديدة؟

< المغرب منذ سنوات كانت تراوده فكرة تنويع الأسواق المصدر إليها، ولدينا استراتيجية بدأنا فيها منذ مدة، وهي ما يسمى باستراتيجية «المغرب المصدر»، والغرض منها هو الوصول في أفق 2018 إلى حوالي 300 مليار درهم كرقم إجمالي للتصدير. لدينا أسواق تقليدية نحن موجودون فيها، على مستوى أوربا بالأساس، لكن داخل أوربا يجب توسيع الأسواق التي لا يوجد فيها المغرب بقوة، كنموذج ألمانيا التي تعتبر قوة اقتصادية هائلة جدا في أوربا، ويجب علينا أن نتوسع أيضا في الأسواق التي لا تعاني من الأزمة كالسوق الإنجليزي والدول الإسكندينافية، وأن نتوسع أكثر في السوق الإيطالي. المستوى الثاني هو الأسواق الواعدة، وهي دول «البريكس»، البرازيل والهند والصين وروسيا وجنوب إفريقيا، فمثلا عندما قمت مؤخرا بزيارة إلى روسيا وحضرت المنتدى الاقتصادي الروسي، لاحظت أن هذا السوق هائل جدا، بمعنى أن إمكانيات التوسع في هذا السوق كبيرة. فروسيا لوحدها تستورد حوالي 270 ألف طن من حوامض المغرب، وأكثر من 45 ألف طن من طماطم المغرب، وأكثر من 35 ألف طن من الأسماك، لكننا نستقطب منها فقط حوالي 45 ألف سائح، مع العلم أنها سوق يمكن لنا أن نرفع فيها حجم التصدير، ويمكن أن نجلب منها عددا كبيرا من السياح. وبالإضافة إلى هذه الأسواق الواعدة، هناك أسواق أخرى كالخليج والولايات المتحدة وكندا، وهذه لها خصوصية على اعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية لدينا معها اتفاقية التبادل الحر، وهي سوق هائلة جدا، ولحد الآن وبعد سبع سنوات من الاتفاقية، لم نستطع بكل صدق أن نوجد بقوة داخل هذا السوق، ثم هناك كندا التي يبقى وجودنا فيها محدودا.

 
– ألم تؤثر اتفاقيات التبادل الحر على الصناعات المحلية؟

< القول بأن اتفاقيات التبادل الحر ليس لها تأثير أمر غير صحيح، فالتأثير موجود ولكن قضية الاتفاقيات التجارية للتبادل الحر هي اتفاق استراتيجي،  فالمغرب عندما انخرط في هذه الاتفاقيات دخل بمنطق الربح والخسارة. لكن المسألة مرتبطة  بكيفية خلق توازن بين الربح والخسارة. ما نريد بطبيعة الحال أن نفعله في هذه المدة التي أتولى فيها مسؤولية هذا القطاع هو جعل هذه الاتفاقيات مع الولايات المتحدة أو تركيا أو الاتفاق الرباعي لأكادير أو بعض الاتفاقيات التفضيلية مع بعض الدول بإفريقيا جنوب الصحراء أو  حتى الشراكة مع الاتحاد الأوربي في إطار الوضع المتقدم، محط تقييم، خاصة أن هناك اتفاقيات كبيرة كالاتفاقية الأمريكية، لنعرف سبب عدم استفادتنا منها، هل هو راجع إلينا لأننا لم نكن في المستوى، أو أن عدم استفادتنا منها راجع إلى عوائق تضعها الدول التي وقعنا معها الاتفاقيات. وهذا التقييم سيفضي إلى أن تكون لدينا خارطة طريق حتى نستفيد. وقد طلبت من فرق العمل داخل الوزارة أن تنكب على هذه الاتفاقيات لنرى إلى أي حد يمكن أن نستفيد منها، وأن نقلل من الإشكاليات المرتبطة بها.

 
 – هل هذا يعني أن المغرب اكتسب تجربة في مجال التفاوض حول مثل هذه الاتفاقيات؟

< طبعا، نحن الآن بصدد اتفاق للتبادل الحر مع كندا، ولدينا تجربة حول كيفية التفاوض والاستفادة من الاتفاق. وأعتقد أن هذا الاتفاق سيكون لبنة أخرى، لكن ماهو مهم بالنسبة إلى اتفاقيات التبادل الحر هو أنها تضع تحديا على المقاولات المغربية، لأنه لا يمكن الآن للمقاولة المغربية أن تشتغل بنفس النمط الذي كانت تشتغل به في السابق، فوضع الاقتصاد الدولي يعرف متغيرات، ويفرض حدا كبيرا من القدرة على التنافسية، وهذا يستلزم التأهيل على مستوى التدبير والتسيير والموارد البشرية، ونقل التكنولوجيا واستعمالها، وإحداث الشراكات مع مختلف المستثمرين، والإيجابي في هذه الاتفاقيات هو أنها استطاعت أن تؤهل النسيج المقاولتي المغربي.


– هل هناك تدابير لتقويم عجز الميزان التجاري؟

< حقيقة، الميزان التجاري هو مرآة الاقتصاد، لكن الآن في ظل الاتفاقيات الدولية وفي ظل انفتاح الاقتصاد لا يمكن أن توقف الاستيراد إلا بمنطق الاتفاقيات، ولا يمكن منع أي شيء. مثلا المغرب يستورد حوالي مليار ونصف درهم من العطور، لأن هناك طلبا, ولا يمكن التدخل لوقف الاستيراد، لكن يجب أن تكون هناك القدرة العلمية والتقنية والمهنية حتى يمكن توقيف بعض الاستيرادات التي يمكن أن تضر بالاقتصاد، أو يمكن أن يكون فيها إغراق أو تخضع لتعويضات، وأن تكون منسجمة مع الاتفاقيات الدولية، وأن يكون هناك إحساس بالمسؤولية داخل المجتمع حتى يعرف المواطن ما يمكن أن يستهلكه، وما لا يمكن أن يستهلكه. وفي الجانب الآخر هناك التصدير، ففي السنوات الأخيرة دخل المغرب في الاستراتيجيات القطاعية، حيث أصبحنا نصدر منتوجات مثمنة، مثلا في قطاع السيارات نصدر حوالي 23 مليار درهم، وفي قطاع الإلكترونيك نصدر في السنة حوالي 6 مليارات درهم، وفي قطاع الأحذية نصدر حوالي 3 مليارات درهم. بمعنى أنه بمقدار ما هناك استراتيجيات قطاعية وبمقدار ما نبحث عن التثمين والبحث عن الرفع من سلم القيمة، يصبح الميزان التجاري إيجابيا. وبطبيعة الحال عندما نتحدث عن الاستيراد  نتحدث عن مواد موضوعية، فعندما نتحدث عن الطاقة ليس لدينا خيار غير الاستيراد، لأننا لسنا ببلد يتوفر على البترول، ولكن يمكن أن أؤكد أنه لدينا ميكانيزمات لتقليص كلفة الطاقة عبر ما نسميه بالفعالية الطاقية، وهذا مشروع كبير سيبدؤه المغرب.


– لكن قطاع الصناعة لا يحظى بنفس الاهتمام الذي تحظى به قطاعات أخرى كالعقار مثلا.

< هذا صحيح، وأنا متفق معك، ففي المجلس الحكومي السابق، وبمناسبة مناقشة مرسوم يتعلق بالفلاحة، قلت إنه ليس لدي مشكل أن تساند الدولة الفلاحة، لأنه قطاع كبير، ولكنني أتمنى أن يعطى لقطاع الصناعة  عُشر ما يقدم للقطاع الفلاحي. وأعتقد جازما بأن القطاع الصناعي المغربي له إمكانيات هائلة على مستوى مردود الاستثمار، ومعركتي خلال هذه الخمس سنوات تتمثل في كيفية جعل الدولة تهتم بهذا القطاع، وأن تعطي له الأولوية التي يستحقها، لأن ما هو أكيد على مستوى التجارب الدولية هو أنه ليست هناك أي دولة استطاعت أن تصبح دولة صاعدة وواعدة بدون صناعة. نحن نتوفر على هذه الإمكانيات وأنا أضغط في المجلس الحكومي لكي نعطي للقطاع الصناعي العناية التي يستحقها، ففي السنوات المقبلة سندخل أنشطة جديدة في مخطط الإقلاع الصناعي، خاصة قطاع صناعة الأدوية، ومجال الحديد والصلب.


– التجار الصغار يشتكون من منافسة الأسواق الكبرى. هل من تدابير بخصوص تجارة القرب؟

< قمنا بدارسة في هذا الشأن أظهرت أن المواطن المغربي يريد تاجر القرب، أي البقال، والمتاجر الممتازة، سواء كانت صغرى، متوسطة أو كبرى، ويريد أيضا المراكز التجارية الكبرى «المول»، لكن شريطة أن تكون كلها عصرية. الآن نحن نتحدث عن قطاع رقم معاملته أكثر من 350 مليار درهم، وبه حوالي مليون و300 ألف منصب شغل، ونسبة نموه في السنوات المقبلة ستتراوح بين %6 و7%، ولدينا الإمكانية في أفق 2020 لنحدث فيه أكثر من 360 ألف منصب شغل. ولهذا وضعنا استراتيجية تجعل التنمية ركيزة لمحاور هذا القطاع التجاري. ولهذا قمنا بإطلاق برنامج «رواج»، الذي صرفنا فيه إلى حد الآن حوالي 700 مليون درهم، وقمنا أيضا بمشروع التعمير التجاري. وعلى كل حال، فالمساحات الكبرى لا تتجاوز %10، أما %90 فهي تجارة للقرب. وهناك مسألة ثالثة مرتبطة بحل بعض المشاكل المرتبطة بأسواق الجملة لأنها حلقة من الحلقات التي مازالت ضعيفة، ثم حل مشكل الباعة المتجولين، فعددهم يتجاوز 250 ألف بائع متجول، وهذا يهدد التجار المستقرين، ولدينا تصور لكيفية حل هذه الإشكالية، ليس بالاعتماد على المقاربة الأمنية، ولكن بمنظور اقتصادي-اجتماعي.


– هل قمتم بتقييم لبرنامج «رواج»؟

< التجربة الأولى مشجعة، وجميع الأطراف التي شاركت تريد لهذا البرنامج أن يستمر. الآن أنهينا المرحلة الأولى بحوالي 650 مليون درهم، و20 ألف تاجر قرب تمت عصرنته، ولدينا الآن تقييم أولي يوضح أنه بدأ هناك نوع من الدينامية، لأن الهدف هو أن يعصرن التاجر محل بيعه،  فنحن نتحدث عن 900 ألف نقطة بيع، أغلبها تجارة قرب. لكن مع ذلك أفكر في إضافة مرحلة ثانية لـ«برنامج رواج»، ستكون فيها حوالي 20 ألف نقطة بيع، وسنخصص لها الإمكانيات للاستجابة  للطلبات الموجودة.


– ننتقل إلى قطاع  التكنولوجيات الحديثة. الأنترنت للجميع حلم يراودكم، كيف يمكن تحقيق ذلك؟

< هذا ليس حلما، بل ممكنا لأن الإشكاليات التي تطرح لدول أخرى في مجال التكنولوجيات الحديثة هي الموارد البشرية، وهذا بالنسبة إلينا لا يشكل عائقا.الذي ينقصنا في هذا المجال هو تشبيك الجهود. بمعنى آخر, قمنا بوضع مجموعة من المنتوجات التكنولوجية، فهناك خدمات تتم عبر الأنترنت، وهذه المنتوجات هي التي جعلتنا نربح 54 درجة على مستوى مؤشر الأمم المتحدة الخاص بالإدارة الإلكترونية. وما يلزمنا الآن هو التشبيك، أي أن تصبح الإدارة العمومية مشبكة، بمعنى أن المواطن يجب أن يجد على مستوى الأنترنت جميع الخدمات دون الانتقال إليها. وعلى مستوى البنيات التحتية، سنطلق في الأشهر المقبلة الجيل الرابع من الأنترنت، وسنكون قد سبقنا إسبانيا ببضعة أشهر، وسنكون إحدى الدول الإفريقية القليلة التي تتوفر على الجيل الرابع، وهذا سيسمح لنا برفع الصبيب. وسنشتغل أيضا على الألياف البصرية، ثم سنكمل ما بدأناه  فيما يخص الجامعات ومؤسسات التعليم العالمي والثانوي والابتدائي بإدخال الأنترنت، وهذا محور كبير نسميه «التحول الاجتماعي»، بمعنى أن نجعل المجتمع مستعملا للتكنولوجيات الحديثة. أما المستوى الثالث فهو مرتبط بالحكامة، فالتجربة التي راكمها المغرب في مجال الإدارة الإلكترونية كانت في إطار حكامة تشاركية، لكن تجارب الدول المتقدمة في مجال الإدارة الإلكترونية قامت بخلق هيئة أو وكالة متخصصة في الإدارة الإلكترونية وربطتها برئيس الحكومة، وهذا ما نفكر فيه، حتى يصبح للمسألة  طابع الإلزام المطلوب، ونعطي فعلا الأولوية لمجال الإدارة الإلكترونية.


– هل أنتم راضون عما تم تحقيقه في إطار المغرب الرقمي 2013؟

< المغرب الرقمي هو خيار استراتيجي، منجزاته مقبولة عموما، والآن نهيئ للمرحلة المقبلة التي سنركز فيها على  التشبيك والحكامة. وبطبيعة الحال سيكون المحور الأساسي هو الاقتصاد الرقمي الذي سنعطيه الأولوية، لأنه ليس فقط مكملا للاقتصاديات الأخرى، ولكنه في حد ذاته محدث لفرص الشغل والقيمة المضافة. ثم سنستمر في التحول الاجتماعي، لأن مؤسساتنا التعليمية بشكل خاص تحتاج إلى مصاحبة  لمدة ليست بالقصيرة، حتى يقع التحول في الذهنية وفي فكر الإنسان

-راجت بعض الأخبار عن وجود خلاف مع مدير مكتب التسويق والتصدير. هل هذا صحيح؟

< لا،  ليس لدي صراع مع أي أحد. أنا وزير في حكومة ومسؤول عن قطاع فيه مؤسسات عمومية، كلها تخضع لسياسة الدولة، ولا فرق بين فلان وعلان، والكل يشتغل معي على قدم المساواة فيما يخص المصالح الكبرى للبلاد. صحيح أنني  أحرص الآن على حد كبير من الفعالية والنزاهة والشفافية والمردودية، وهذه أشياء لا أخفيها. ومن لا يستطيع أن يشتغل بهذه الطريقة عليه أن يذهب إلى مكان آخر ليشتغل فيه.


– هل وجدتم بعض الاختلالات على مستوى الوزارة؟

< بعض الاختلالات البسيطة يمكن أن تكون، لكن لدي نفس إيجابي يحدد مذهبي في الحياة. أنا شخصيا أنصرف إلى الإيجابي ولا أقف عند السلبي، وأعتقد بأن الإيجابي كثير جدا ويجب التركيز عليه، أما القضايا الأخرى المرتبطة بالتدبير العام فلست مسؤولا عنها بشكل مباشر، بمعنى أنه إذا كانت هناك أشياء قد حدثت من قبل فأنا لست مسؤولا عنها والدولة لها مؤسساتها، كالمجلس الأعلى للحسابات، والمفتشية العامة للمالية، ومن أخطأ في مرحلة من المراحل سيكون مسؤولا عن أخطائه. لكنني جئت لأشتغل سنوات معينة، ولن أنشغل بالأمور السلبية وبالبحث عن هذه الاختلالات. وبالمناسبة، فأنا أشتغل من الثامنة صباحا إلى الحادية عشرة ليلا، وليس لدي وقت للبحث عن هذه الأمور.


– هل غيابكم عن وسائل الإعلام يعود إلى طبيعة القطاع الذي تشرف عليه، أم أنكم تعملون بمقولة عاش سعيدا من عمل في صمت؟

< شيء من كلا الأمرين، فحقيقة بدأت العمل السياسي منذ أكثر من 25 سنة، وقد عشت مع رئيس الحكومة تقريبا ثلاثين سنة، وفي هذه السنوات كلها لم أكن من الوجوه المعروفة إعلاميا، وربما هناك من لا يعرف بأنني من قيادات العدالة والتنمية. ولكن هذا الأمر لا يهمني بالمرة ولا أسعى إليه، وأكون مرتاحا خارج الإعلام. لكن عندما يتطلب الأمر أن أتواصل عبر وسائل الإعلام لأعلن عن معطيات جديدة أفعل ذلك. وطبيعة الوزارة التي أشرف عليها هي وزارة مستهلكة، فمن الثامنة صباحا إلى الحادية عشرة ليلا لا يكون لدي الوقت إلا للصلاة وتناول الطعام، وبالتالي فأنا منشغل ولدي مئات الملفات، حيث أشرف على التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة والتجارة الخارجية، وهذه كلها ملفات معقدة وملفات تفاصيل. وبالتالي لا أعتقد أنه لدي الوقت لأذهب «باش نتفطح شوية» في الإعلام، لكن إذا استدعت الضرورة توضيح بعض الأمور  أقوم بذلك. وفي نفس الإطار، لدي صفحة على الـ«فايسبوك» يتم تحيينها على الأقل ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع.


– ألا يتخوف حزب العدالة التنمية من أن يستنزف شعبيا في أفق الانتخابات الجماعية بسبب بعض القرارات غير الشعبية؟

< هذا صحيح، لكن الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة، كان واضحا وأكد أنه بالنسبة إلينا لا يمكن تحت أي مبرر أن نحافظ على شعبيتنا وألا نتخذ القرارات الضرورية للبلد، وبالتالي سيكون وجودنا كعدمه، ونحن لسنا مقتنعين بذلك. نحن نعتقد بأن شعبيتنا التي جاءت بنا إلى الحكومة يجب أن تؤهلنا لاتخاذ القرارات المعقولة، والتي ستجعل بلادنا تتفادى أوضاع البلدان التي أفلست، كاليونان الذي أصبح بلدا مفلسا، أو إسبانيا التي تعاني معاناة شديدة الآن. وبالتالي نحن نتحمل مسؤولياتنا في اتخاذ القرارات الضرورية والمطلوبة والمعقولة، وإذا كان لهذا تأثير على شعبيتنا فليكن. والمهم بالنسبة إلينا هو أن نكون قادرين على تنفيذ ما نتصور أنه معقول، وأن تكون لنا الشجاعة والجرأة السياسية لفعله.

 
 
لدي شهادات بأنه لم تدخل غرفتي قنينة خمر ولا شيء آخر
 ماذا وقع بالتحديد في بوركينافاسو؟

< بالنسبة إلي الملف لدى القضاء، وحسب ما بلغني مؤخرا فالشكاية أخذت طريقها، وأكيد أن القضاء في نهاية المطاف هو في مصلحة الجميع، لأنه سيكشف ما وقع. وبغض النظر عن أنني أعتبر الأمر تافها وأعتبر أن المواطن المغربي يجب أن ينشغل  بقضايا كبيرة جدا، وأن يسلط الضوء على ما قام به الوزير في زيارته لبوركيانافصو، حيث إنني قضيت 24 ساعة فقط هناك لأنه كان علي أن أنتقل إلى بلد آخر لأمثل بلدي، وقد نِمت في الطائرة، ولم أنم  في فندق خمس نجوم ولا ست نجوم. وحتى بالنسبة إلى الطعام، كنت أتناوله إما في منزل السفير أو مع المغاربة الموجودين هناك، حيث أقامت فيديرالية «الإليكتريك» حفل عشاء، والتقيت خمسة وزراء، والأهم من ذلك أنني جلست مع الأمين العام للاتحاد الاقتصادي والنقدي لإفرقيا الغربية نصف ساعة، والرجل من لطفه انتظرني عشرين دقيقة حتى أنهيت لقاء مع وزير بوركينابي لأكمل الحديث معه. فبدل أن يتم تسليط الضوء على إيجابيات الزيارة بالنسبة إلى المغرب، تم تسليط الضوء على شيء تافه ومختلق لأنه بشهادة الجميع، وأنا أتوفر على شهادات، لم تدخل غرفتي  قنينة خمر ولا شيء آخر، وما تناولته في تلك الغرفة هو فطور يوم الجمعة صباحا.

– هل تدخل الجهات التي اتهمتموها بالوقوف وراء هذه القضية ضمن فصيلة التماسيح والعفاريت؟

< يضحك لا. أنا لم أتحدث  عن عفاريت ولا تماسيح، فهذه الأشياء يتحدث عنها رئيس الحكومة. أما أنا فالقضاء بالنسبة إلي هو الذي سيوضح من كان وراء ذلك، ومن مصلحة الجميع أن يعرف من سعى إلى ذلك.

 
 حاوره: المهدي السجاري

  

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.