بوليف لـــ”المساء” : عزيمتنا وعزيمة المغاربة كبيرة وسنتغلب على الصعاب

12-09-26
أكد محمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة،
في حواره مع «المساء»، أن الحكومة في مرحلة إعادة النظر في تركيبة أسعار المواد المدعمة لتقليص كلفة المقاصة، وأنها ملتزمة بضمان الأسعار الحالية, سواء لدقيق القمح اللين أو مشتقاته من الخبز العادي المحدد سعره في 1.20 درهم، وأوضح أن إعداد تقييم عملي موضوعي لاتفاقيات التبادل الحر سيمكن من توجيه الاستراتيجية المغربية في هذا المجال.

–  هل أنتم راضون عن عملكم الحكومي بعد هذه الفترة؟ وهل يمكن القول إن تحمل المسؤولية في هذه الظروف يؤثر على طموحاتكم؟
لا يمكن لمن يملك طموحا كبيرا أن يكون راضيا عن عمله، لقد جئنا في فترة حرجة وأنجزنا إنجازا أوليا هو تمكين المغرب من القيام بنقلة ديمقراطية نوعية، سلمية.. بلدنا الآن يعرف والحمد لله استقرارا واضحا، وهذا أمر من شأنه جلب الثقة بالمغرب وهو الأمر الضروري لرؤوس الأموال  .. أقول دائما : يجب إخلاص النية والعمل بكل ما بوسعنا للإصلاح (رغم المقاومة والظروف)، وللشعب كامل الحرية في قول كلمته الفصل في الاستحقاقات المقبلة… لقد جاء «أوباما» بوعود؛ وجاء «هولاند» بوعود وجاء «الحزب اليميني الإسباني» بوعود، لكن هل تحققت كلها؟؟ هذا هو السؤال، الوضع الحالي فيه صعوبة مرتبطة بإكراهات متعددة الأبعاد لكن عزيمتنا وعزيمة المغاربة كبيرة وسنتغلب على الصعاب بحمل الهم جميعا، في إطار الشراكة والمسؤولية والشفافية والمواطنة.


–  كانت لحزب العدالة والتنمية عدة توقعات من قبيل تحقيق نسبة نمو 7 في المائة في 2016 والرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم، هل لازالت لديكم نفس التوقعات؟
نحن الآن حكومة مكونة من 4 أحزاب، وقد كان لكل حزب برنامجه الانتخابي. لكن منذ تكوين الائتلاف الحكومي أصبح هناك برنامج حكومي موحد هو الأصل والمعتمد حاليا في متابعة عمل الحكومة نحن لدينا 5 سنوات لبلوغ الأهداف المسطرة في البرنامج الحكومي، وسنة 2012 عرفت إشكالات خارجية وإكراهات اقتصادية ومالية  عالمية إضافة إلى  ظروف طبيعية غير ملائمة بالنسبة للموسم الفلاحي تتعلق بالجفاف، وبالتالي لا يمكن اعتمادها كمرجع للحديث عن تراجعات، لقد قمنا بإصلاحات عدة تتعلق بذوي الدخل المحدود من قبيل «صندوق التكافل» والزيادة في منح الطلبة والزيادة في المعاشات الدنيا وتعميم  «الراميد»..وغيرها … وكلها لصالح الفئات المهمشة.

– تباشر الحكومة حاليا وضع اللمسات الأخيرة على مشروع القانون المالي 2013، هل لنا أن نعرف ما هي أهم المرتكزات التي سيبنى عليها المشروع؟
بالنسبة لمشروع قانون المالية لسنة 2013 ستعمل الحكومة على تبني الاسترجاع التدريجي للتوازنات الماكرو اقتصادية، سواء تعلق الأمر بتجاوز عجز الميزانية أو العمل على الحفاظ على مستوى الموجودات الخارجية والعملة الصعبة، حيث إن تحقيق هذا التوازن سيمكن من خلق أجواء من الثقة لدى الفاعلين ويعزز الاستثمار ويمكن الحكومة من المضي في السياسات الاجتماعية. كما أن الميزانية المقبلة ستعمل على  التركيز على تنافسية المقاولة والتركيز على الشغل في القطاع الخاص والاهتمام بالفئات الاجتماعية وبالمجالات الترابية الأكثر تهميشا.

– صرحتم مؤخرا أن 2013 ستكون سنة الإصلاح الضريبي خصوصا الضريبة على الشركات وعلى القيمة المضافة، كيف ستتم أجرأة ذلك؟
سينطلق حوار مجتمعي في سنة 2013 حول الإصلاح الجبائي… وسيمكن هذا الحوار من إبداء وجهات نظر جميع الفاعلين، آنذاك ستعمل الحكومة على وضع سياسة جبائية ملائمة تخدم مستقبل البلاد…

– أين وصل إصلاح نظام المقاصة، وما هي التجارب العالمية التي تم الاستئناس بها؟
في البداية، أود أن أذكر بأن إصلاح المقاصة يعتبر ورشا رئيسيا في البرنامج الحكومي، ليس بالنظر إلى كلفته الباهظة وتأثيرها على الاستثمار فقط، بل من أجل إرساء العدالة الاجتماعية في عملية الاستفادة من هذا النظام. فكما يعلم الجميع، فنظام المقاصة ببلادنا أصبح يتميز بعمومية الاستفادة منه، ذلك أن جميع الطبقات الاجتماعية وجميع القطاعات الاقتصادية تستفيد منه مما جعله يزيغ عن الهدف الرئيسي الذي أنشئ من أجله ألا وهو دعم القدرة الشرائية للطبقات المعوزة.
وعليه، فقد سطرنا برنامج عمل لإصلاح هذا النظام وحددنا له أجندة واضحة المعالم. بحيث إننا الآن في مرحلة إعادة النظر في تركيبة أسعار المواد المدعمة لتقليص كلفة المقاصة وكذا إعادة تنظيم القطاعات الإنتاجية المعنية بالمواد  المدعمة من أجل تهييئها لمرحلة تحرير الأسعار وذلك بغية خلق تنافسية ما بين الفاعلين للرفع من المردودية وتحسين الجودة وبالتالي تخفيض تكاليف الإنتاج والأسعار.
كما أننا نشتغل على ورش آخر مواز وهو، دراسة مدى تأثير الإصلاح التدريجي للمقاصة على المستفيدين سواء المستهلكين أو الفاعلين الاقتصاديين وكذلك تحديد الفئات المستهدفة من مشروع الدعم النقدي المباشر، مرتكزين في هذا الباب على تجارب بعض الدول كالبرازيل، المكسيك، الشيلي، إيران، أندونيسيا وكذلك التجارب المحلية كبرامج تيسير، والمساعدة الطبية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

– متى سيبدأ تنزيل هذا الإصلاح، وما هي أولى الخطوات في هذا الباب ؟
بدأنا العمل من أجل ترشيد تكاليف المقاصة وإعادة تنظيم القطاعات ونعقد حاليا اجتماعات تشاورية مع جميع المتدخلين ابتداء من 21 شتنبر 2012 من أجل تدارس سبل تنزيل الإجراءات المحددة من طرف اللجن الوزاراتية المختصة، وذلك في أفق بدء تنفيذها بداية من شهر يناير 2013 إذا استطعنا توفير اللوجستيك الضروري للتنزيل كإعداد البطاقة المغناطيسية مثلا لدعم الأسر.
- كيف ستواجهون عجز الميزانية الذي وصل عند نهاية شهر يوليوز المنصرم إلى 23.6 مليار درهم؟
< التصدي لعجز الميزانية يمر عبر الرفع من المداخيل، عبر التفكير في إطار لإصلاح منظومة الضرائب وكذا الرجوع إلى التوازنات الماكرواقتصادية الكفيلة ببعث مناخ الثقة وتحريك عجلة الاقتصاد من ناحية وترشيد النفقات منها على الخصوص نفقات التسيير من جهة أخرى.

– هل ستواصل الحكومة سياسة الاقتراض من الخارج مع ما يستتبع ذلك من تبعات وفوائد، حيث كان آخر قرض صادقت عليه الحكومة أكثر من 320 مليار سنتيم من البنك الدولي للإنشاء والتعمير؟
من الناحية النظرية، إذا كان الاقتراض من أجل الاستثمار وخلق فرص الشغل والزيادة في نسب النمو، فلا مانع من وجوده..الإشكال الخطير هو أن يكون الاقتراض الخارجي بهدف الاستهلاك ولمواجهة نفقات التسيير العادية، وأظن أن المغرب يوجد في الحالة الأولى فيما يتعلق بمخرجاته في السوق الدولي.

– وماذا عن ملف إصلاح التقاعد؟
صعوبة الظرفية الحالية تحتم ضرورة الإصلاح ومن ثم تم إنشاء لجنة تقنية عليا تشتغل مع جميع الفرقاء الاجتماعيين حيث تم تقديم سيناريوهات مختلفة للحكومة للنظر فيها.

– ذكرتم سابقا أن هناك إجراءات قامت بها الحكومة لصالح المواطن البسيط٬ هل يعتبر ذلك كافيا؟
لقد جعلنا من النهوض بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين عموما وللمواطنين البسطاء خصوصا هدفا استراتيجيا لتحصينهم من كل ما قد يضر بقدرتهم الشرائية وبكرامتهم. ولقد ذكرتم بالبعض منها. إلا أنها ليست الوحيدة بل هناك البرامج الأخرى التي تروم الرفع من مؤشرات التنمية الاجتماعية ببلادنا كتيسير، راميد، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، صندوق التماسك الاجتماعي إلى غير ذلك.

   بالموازاة مع هذه البرامج كلها، سنعمل على المدى القريب على تنزيل برنامج الدعم المباشر الموازي لبرنامج إصلاح نظام المقاصة.

– تم تطمين ممثلي أرباب المخابز مؤخرا بخصوص مشاكل التموين في الدقيق، وضبط تداعيات تقلب أسعار القمح بالأسواق العالمية، هل الأمر متحكم فيه؟
يعد ضمان التموين العادي والمنتظم للأسواق الوطنية بجميع المواد الاستهلاكية وليس فقط الدقيق اهتماما يوميا للحكومة بحيث يتم التتبع المسترسل لعمليات التزويد وكذا تقلبات الأسعار من طرف لجن وزاراتية  محلية ومركزية. وفي حالة رصد أي اختلال ، تتدخل الحكومة بشكل استباقي من أجل تصحيحه. والحمد لله، فبلادنا تتسم باستقرار أسواقها بالرغم من تقلبات العرض الدولي للمواد الاستهلاكية وانعكاسها على الأسعار الدولية.
بخصوص الحبوب ومشتقاتها من الدقيق، فالمخزون المتوفر حاليا يلبي حاجيات الاستهلاك لأكثر من ثلاثة أشهر، بدون احتساب الواردات المستقبلية. وقد صادقت الحكومة يوم 20 شتنبر الجاري على مرسوم وقف استيفاء الرسوم الجمركية على القمح اللين ابتداء من فاتح يناير 2013. وعليه، إنني أود أن أؤكد أن الحكومة ملتزمة بضمان الأسعار الحالية سواء لدقيق القمح اللين أو مشتقاته من الخبز العادي المحدد سعره في 1.20 درهم للوحدة. كما أن الحكومة ستوفر قدر المستطاع الوسائل والإمكانيات الضامنة لاستقرار أسعار القمح اللين والخبز العادي كيفما كانت مستويات الأسعار الدولية .


– بعد 3 أشهر ونصف من رفع الحكومة أسعار الوقود، هل هناك مؤشرات على استفادة صندوق المقاصة من ذلك؟
لابد من الإشارة في هذا الباب إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات ليست إلا مراجعة جزئية للأسعار، حيث لازالت الدولة تتحمل عبئا ماليا مهما كفارق بين الأسعار الدولية والداخلية (بتاريخ 20/09/2012: يقدم الصندوق دعما حوالي 3.5 دراهم للتر الغازوال و 90 درهما لقنينة الغاز).إلا أنه بالفعل، فقد مكنت المراجعة الجزئية للأسعار الأخيرة من التخفيف من كلفة دعم تلك المواد بحوالي 5 مليارات درهم سنويا والتي بدونها لتفاقمت الكلفة بشكل كبير.


– لكن رغم قرار الزيادة في أسعار المحروقات، فالملاحظ هو أن نفقات صندوق المقاصة لا تزال في ارتفاع؟
بالفعل، فبحكم ارتفاع أسعار المواد الأولية سواء النفطية أو الغذائية (سعر البترول بتاريخ 18/09/2012 هو 116 دولارا للبرميل، علما أن الميزانية وضعت على أساس 100 دولار) في الأسواق الدولية وتقلبات أسعار الصرف بالموازاة مع نمو الاستهلاك الوطني للمواد المدعمة وعدم الزيادة في أسعارها الداخلية، فكلفة المقاصة ترتفع بوتيرة هامة مما يحتم علينا الإسراع في إصلاح نظام المقاصة.


– ما هي توقعاتكم لنفقات صندوق المقاصة عند نهاية هذه السنة؟
  وفق المعطيات الجيوستراتيجية العالمية لا يمكن إلا أن ترتفع ويصعب الآن تحديد مستواها عند نهاية السنة، كما يصعب علينا كذلك تقييم ذلك المستوى بالنظر إلى تقلبات العرض والطلب الدوليين وانعكاساتها على الأسعار. وللإشارة، فالتوجه الحالي للأسعار غير موضوعي لأنه في ظل الأزمة وتراجع الطلب، من المفروض أن تنخفض الأسعار وبالتالي فإن المضاربات هي أساس الارتفاع.

– وهل  بالفعل ستقوم الحكومة بالتأمين على ارتفاع أسعار النفط؟
 هذه فرضية تدرس الآن داخل الحكومة، وفي حالة ما إذا بينت الدراسات الجارية إيجابياتها، فسنعمل على تطبيقها.
- أعلنت الحكومة عن صندوق التماسك الاجتماعي خلال القانون المالي 2012، هل الموارد كافية لتطبيق أهداف الصندوق، وكم ستبلغ موارده خلال 2012؟
< إن موارد صندوق دعم التماسك الاجتماعي، برسم السنة المالية 2012، قدرت بـ 2.5 مليار درهم. ومن أجل ضمان موارد كافية لهذا الصندوق تم إحداث مساهمة برسم قانون المالية لسنة 2012 تتحملها الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات في جميع القطاعات بنسبة 1.5 بالمائة للشركات التي تحقق أرباحا صافية من 50  مليون درهم إلى أقل من 100 مليون درهم و 2.5 بالمائة بالنسبة للشركات التي تحقق ربحا يساوي أو يفوق 100 مليون درهم. كما سيتم كذلك تعزيز التآزر والتضامن الاجتماعي بين مختلف الطبقات عبر المساهمة المباشرة أو استرجاع الدعم من طرف بعض المستعملين للمواد المدعمة، فاعلين صناعيين أو أفرادا بالإضافة إلى مساهمة صندوق تضامن مؤسسات التأمين لفائدة الصندوق المستفيد واقتطاع 1.6 بالمائة من ثمن البيع، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة، على السجائر.

– هل سيستمر هذا الصندوق مستقبلا، باعتبار أن الباطرونا في شخص محمد حوراني، الرئيس السابق، كان قد صرح بأنهم قبلوا دعم الصندوق لكن لسنة واحدة، كيف سيكون دعم الصندوق مستقبلا؟
كما قلت سابقا، فهناك موارد أخرى قارة للصندوق ستعمل الحكومة على تفعيلها من أجل استمراريته، كما أن هناك عدة برامج اجتماعية مواكبة ومتكاملة لعمل هذا الصندوق.

– كانت للحكومة تصريحات حول مدى جدوى اتفاقيات التبادل الحر على الميزان التجاري الذي لا يزال مختلا، هل تفكرون في إلغاء أو تغيير بعض بنود هذه الاتفاقيات؟
نعتقد أن سياسة الانفتاح الاقتصادي التي نهجها المغرب واعتمدها تحتم إبرام اتفاقيات للتبادل الحر في ظل عولمة اقتصادية على أساس رابح – رابح. فسياسة المغرب في المجال الاقتصادي تروم جعل المغرب منطقة للاستثمار والتصدير في المنطقة بين الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وكذا المغرب العربي.
ما يجب فعله للاستفادة من هذه الاتفاقيات هو تكثيف الجهود في مجال دعم التنافسية المقاولاتية، والابتكار والبحث عن أسواق بديلة، ولا شك أن إعداد تقييم عملي موضوعي لهاته الاتفاقيات سيمكننا من توجيه الإستراتيجية المغربية في هذا المجال.

– أين وصل مشروع قانون الأبناك الإسلامية؟ وهل هناك أبناك إسلامية عبرت عن رغبتها في الاستقرار بالمغرب؟
في بداية هذا الشهر تم نشر مشروع تعديل القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها الصادر بتاريخ 14 فبراير 2006 (أو القانون البنكي) بموقع الأمانة العامة للحكومة قصد إتاحة الإمكانية للأشخاص المهتمين لإبداء تعاليق بشأنه، وتطرق هذا المشروع في بابه الثالث إلى الأبناك التشاركية، وأهم المحاور التي تمت معالجتها في هذا الباب المبادئ الأساسية، التعريف بالمفاهيم و صيغ العقود، مجال التطبيق والأنشطة المسموح بمزاولتها، الإطار المؤسساتي حيث تم إنشاء لجنة الشريعة للمالية المخول لها البت في مطابقة العمليات والمنتوجات المقدمة للجمهور للشريعة، ممارسة الرقابة من طرف بنك المغرب على البنوك التشاركية، وبالإضافة إلى الأبناك التشاركية فإن مشروع قانون البنوك الجديد تضمن مجموعة من الإصلاحات العميقة على رأسها تقوية القواعد الاحتياطية للنظام المصرفي، تعزيز نظم الرقابة والوقاية من الأزمات وإدارتها، محاربة الأنشطة غير السليمة مثل غسل الأموال، توسيع نطاق البنوك ليشمل كل الخدمات المصرفية بما فيها الخدمات الاستثمارية بعد أن كان يقتصر فقط على مؤسسات الائتمان، وبعد أشهر من هذا الإعلان، ستتم دراسة المقترحات، وإدخال التعديلات الضرورية ثم يعرض المشروع على مجلس الحكومة  ثم على البرلمان، واعتبارا لكون ملف المصادقة على التراخيص يدخل في اختصاص بنك المغرب، وحسب ما توصلنا به من معلومات فقد تقدمت أربعة بنوك بطلبات لدى والي بنك المغرب من أجل الترخيص لها بالعمل فوق التراب الوطني وهي «بنك البركة البحريني» و«بنك الاستثمار الكويتي» و«بنك قطر الوطني» و«بنك فيصل الإسلامي السعودي»، لكن هناك بنوك متعددة أبدت اهتماما كبيرا لهذا الملف، و تتابعه عن كثب.

– عرفت سنة 2012 تراجعا في عدد السياح وكذا في أعداد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مما أثر سلبا على مخزون بنك المغرب من العملة الصعبة، ما هي حلول الحكومة تجاه ذلك؟
  لابد من التأكيد على أن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية كانت لها تداعيات سلبية على جل اقتصادات الدول، خاصة النامية منها، فالمغرب وبالنظر لسياسة الانفتاح الاقتصادي التي نهجها من خلال تحرير الاقتصاد وكذا إبرام اتفاقيات للتبادل الحر وارتباطه بالشريك الأوروبي جعل اقتصاده يتأثر، بسبب تراجع طفيف في مداخيل الجالية وانخفاض مداخيل السياحة وضعف الصادرات وكلفة الواردات خاصة منها المتعلقة بالطاقة مما من شأنه التأثير على مخزون العملة الصعبة والحفاظ على مبلغ 140 مليار درهم أو أربعة أشهر من الاحتياط، حيث على الحكومة القيام بمجموعة من الإجراءات الاستباقية على المدى القصير والمتوسط. ولهذا الغرض، سيتم السهر على ضمان تعبئة التمويلات الخارجية الموجودة  واتخاذ الإجراءات القانونية لفائدة الإنتاج المحلي ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع تنافسيتها وأسواق أخرى.
كما ستركز الحكومة مجهوداتها على تحسين تنافسية الصادرات وذلك عبر التسريع من أجرأة المخططات الإستراتيجية القطاعية وتفعيل واستغلال المناطق الصناعية المندمجة المحدثة وكذا تشجيع الإستثمار في المهن العالمية الجديدة.
فتنافسية المنتوج المغربي رهينة بخفض كلفة الإنتاج وتأهيل الموارد البشرية إلى جانب تقليص الكلفة اللوجستيكية. كما سيتم البحث عن أسواق جديدة، خاصة بالدول المغاربية والإفريقية ولهذا الغرض ستعمل الحكومة على ضمان تطوير تأمين الصادرات خاصة للأسواق الإفريقية.
الحكومة تتعهد أيضا بالحد من ارتفاع الواردات واتخاذ الإجراءات القانونية والحمائية المسموح بها من طرف منظمة التجارة العالمية للحد من سياسة إغراق السوق، كما ستعتمد بشكل صريح مبدأ «الأفضلية الوطنية» في الصفقات العمومية وفق ما تقتضيه المواثيق الدولية. إضافة إلى تسريع برنامج تقليص الكلفة الطاقية. وبموازاة مع هذا ستواصل الحكومة مجهوداتها في ظل الظروف الحالية من تحسين مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمارات في ظل الامتيازات التي يوفرها المغرب من الجانب الجغرافي والاستقرار السياسي و الاجتماعي والانفتاح الدولي.
ولتخفيض العجز لابد من إقرار حكامة جيدة وعقلنة في ترشيد النفقات بالإدارة خاصة كلفة التسيير والدراسات. كما أن الاستثمارات الحكومية يجب أن تكون مرهونة بمستوى, انجازها مع تقديم برامج بأهداف وكلفة وآجال تنفيذ واضحة ومحددة.

–  قانون الأبناك الإسلامية؟ وهل هناك أبناك إسلامية عبرت عن رغبتها في الاستقرار بالمغرب؟
في بداية هذا الشهر تم نشر مشروع تعديل القانون رقم 34.03 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها الصادر بتاريخ 14 فبراير 2006 (أو القانون البنكي) بموقع الأمانة العامة للحكومة قصد إتاحة الإمكانية للأشخاص المهتمين لإبداء تعاليق بشأنه، وتطرق هذا المشروع في بابه الثالث إلى الأبناك التشاركية، وأهم المحاور التي تمت معالجتها في هذا الباب المبادئ الأساسية، التعريف بالمفاهيم و صيغ العقود، مجال التطبيق والأنشطة المسموح بمزاولتها، الإطار المؤسساتي حيث تم إنشاء لجنة الشريعة للمالية المخول لها البت في مطابقة العمليات والمنتوجات المقدمة للجمهور للشريعة، ممارسة الرقابة من طرف بنك المغرب على البنوك التشاركية، وبالإضافة إلى الأبناك التشاركية فإن مشروع قانون البنوك الجديد تضمن مجموعة من الإصلاحات العميقة على رأسها تقوية القواعد الاحتياطية للنظام المصرفي، تعزيز نظم الرقابة والوقاية من الأزمات وإدارتها، محاربة الأنشطة غير السليمة مثل غسل الأموال، توسيع نطاق البنوك ليشمل كل الخدمات المصرفية بما فيها الخدمات الاستثمارية بعد أن كان يقتصر فقط على مؤسسات الإئتمان، وبعد أشهر من هذا الإعلان، ستتم دراسة المقترحات، وإدخال التعديلات الضرورية ثم يعرض المشروع على مجلس الحكومة ثم على البرلمان، واعتبارا لكون ملف المصادقة على التراخيص يدخل في اختصاص بنك المغرب، وحسب ما توصلنا به من معلومات فقد تقدمت أربعة بنوك بطلبات لدى والي بنك المغرب من أجل الترخيص لها بالعمل فوق التراب الوطني وهي «بنك البركة البحريني» و«بنك الاستثمار الكويتي» و«بنك قطر الوطني» و«بنك فيصل الإسلامي السعودي»، لكن هناك بنوك متعددة أبدت اهتماما كبيرا لهذا الملف، و تتابعه عن كثب.

– هل بالفعل تفكر الحكومة في مشروع قانون يتعلق بالتأمين على الكوارث الطبيعية؟ وهل المغرب قادر على دفع فاتورة التأمين في هذه الظروف؟
في إطار وضع استراتيجية شاملة ومتكاملة للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية تعمل الحكومة الآن على وضع مشروع قانون للتأمين ضد مخاطر الكوارث الطبيعية. لقد سبق وتقدمت الحكومة للبرلمان بمشروع قانون بخصوص هذا الموضوع (34-08) في 2010 إلا أنه تم سحبه بعد التغيير الحكومي لتتم صياغته طبقا لمقتضيات المدونة الجديدة. هذا المشروع يقترح شراكة بين الدولة والقطاع الخاص (قطاع التأمين) لتمويل التغطية ضد الكوارث الطبيعية. والحكومة بصدد دراسة طرق التمويل الممكنة والتي من ضمنها إدماج إجبارية التأمين ضد الكوارث الطبيعية في عقود التأمين موازاة مع خلق صندوق للتضامن لتعويض بعض ضحايا الكوارث الطبيعية من الفئات التي لا تتوفر على عقود تأمين.

حاوره/ سعيد الطواف- المساء عدد  الثلاثاء 25 شتنبر 2012

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.