العمراني يبرز رهانات الأمازيغية في سياق التحولات السياسية والمجتمعية

اتجهت الأنظار الأسبوع الماضي إلى مدينة أكادير، حيث عقدت الجامعة الصيفية في دورتها الـ 15 في الفترة ما بين 11 و 14 يوليوز، والتي تعتبر محطة  للنقاش الفكري والعلمي حول مستقبل الأمازيغية ورهاناتها، فمنذ تأسيس  الجامعة الصيفية بأكادير سنة 1979 وإطلاق دينامية العمل الثقافي الأمازيغي،  تواترت دورات الجامعة بشكل مستمر لتجمع ثلة من الباحثين والفاعلين في المشهد الأمازيغي.

المحطة العلمية الفكرية للجامعة الصيفية، كانت فرصة لسليمان العمراني، النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وفي إطار مشاركته في ندوة “الأمازيغية والفاعل السياسي”، نهاية الأسبوع المنصرم، ليعرج على محطات وأشواط قطعتها الأمازيغية في معركة الترسيم الدستوري والاعتراف بها كمكون أصلي وأصيل، وكانت فرصة كذلك، ليجدد موقف حزب العدالة والتنمية من الأمازيغية، مع استشرافه لمستقبل الأمازيغية في سياق تحولات نوعية شكلت المصادقة على القانونين التنظيميين للأمازيغية أبرزها على الإطلاق.

مسار الاعتراف بالأمازيغية …

أكد العمراني، في مداخلته، التي توصل موقع pjd.ma بورقتها العلمية، أن  الأمازيغية قطعت أشواطا مهمة في مسار الاعتراف، دشنها روادها الأوائل  كإبراهيم أخياط رحمة الله عليه ومحمد شفيق وغيرهما، حيث تميزت تلك المرحلة  بدينامية النسيج المدني التي تجسدت بالخصوص في تأسيس أول جمعية أمازيغية  سنة 1967 على يد ابراهيم أخياط وهي الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي.

هذه الدينامية المجتمعية التي شكلت الجمعيات نواتها الرئيسية، يقول  العمراني، واكبتها خطوات رسمية مهمة، تجسدت في إعلان، الراحل جلالة الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه، في خطاب غشت 1994 قرار تعليم الأمازيغية في  أسلاك التعليم الأولي وإصدار العفو عن جميع المعتقلين الأمازيغيين.

وتابع أن هذه القرارات الرسمية تبعها اعتراف التصريح الحكومي لسنة 1998 بتعددية الهوية المغربية، وأن الأمازيغية مكون مركزي فيها، ليأتي خطاب أجدير التاريخي لسنة 2001، ليكون محطة كبرى في النقلات التي تحققت لإقرار  فعلي ورسمي للأمازيغية، بحيث تم الإعلان عن تأسيس المعهد الملكي للثقافة  الأمازيغية بقرار الملك محمد السادس في ذات الخطاب.

الدستور الجديد والأمازيغية …

اعتبر العمراني، الزخم المجتمعي الذي عرفته محطة ما قبل إقرار دستور 2011 وما تلاها بعد ذلك من الخطاب الملكي لـ 9 مارس 2011 وإقرار الدستور الجديد “محطات مهمة ونوعية”، حيث جعل الخطاب الملكي الأمازيغية ضمن المرتكزات السبعة التي تضمنتها مبادرته لتعديل الدستور، حيث شدد على “التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية كرصيد لجميع المغاربة”.

وتابع نائب الأمين العام لحزب “المصباح” أن الدستور، الذي تمت المصادقة عليه في يوليوز 2011، أقر رسمية اللغة الأمازيغية، حيث نص لأول مرة على التعدد اللغوي، وأكد في الفصل الخامس منه على أن “الأمازيغية تعد أيضا لغة 
رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”، وبعد ذلك تم اعتماد البرلمان للقانون التنظيمي رقم 16.26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والقانون التنظيمي رقم 04.16 يحدد مهام 
المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

الأمازيغية في المجتمع ..

يرى العمراني، أن هناك أربعة مداخل أساسة لتطبيع الأمازيغية في المجتمع، مرتبطة أساسا بالمدخل السياسي، والقانوني المؤسساتي، والإعلامي، ثم الأكاديمي العلمي، مسجلا في هذا الجانب “ضرورة التمييز بين الأمازيغية  كمكون ثقافي ومجتمعي قائم لا يحتاج إلى تطبيع، وبين الأمازيغية كلغة مُمَعيرة “.

وبخصوص المدخل السياسي، فشدد المتحدث ذاته، على ضرورة تعزيز إجماع القوى الحية والنأي عن الاستثمار السياسي والانتخابي في القضية، مع التركيز على العمل البرلماني القائم على المراقبة والتشريع، دون إغفال أدوار النسيج 
المدني الأمازيغي في ظل مكانة المجتمع المدني في الدستور الجديد والعمل على التشبيك الجمعوي من أجل الترافع بشكل أقوى وأنجع على القضية لدى مؤسسات الدولة.

وبخصوص المدخل القانوني والمؤسساتي، فأوضح العمراني، أن تفعيل القانونين التنظيميين يعتبر “أداة فعلية لهذا المدخل”، حيث أكد القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي على إدماج الأمازيغية في جميع مناحي الحياة في 15 سنة، مع تعميم تدريس الأمازيغية في الإعدادي والثانوي خلال 10 سنوات، وضمان حق التقاضي باستعمال اللغة الأمازيغية في غضون 10 سنوات.

وأردف أن القانون نفسه أكد على إدماج الأمازيغية في 7 مجالات حيوية وهي مجال التعليم، ومجال التشريع والعمل البرلماني، ومجال الإعلام والاتصال، ومجالات الإبداع الثقافي والفني، والإدارة وسائر المرافق العمومية، ومجال  الفضاء العام، ثم مجال التقاضي، مشددا على ضرورة تفعيل المادة 34 من القانون، التي أكدت على ضرورة أن تُحدث لدى رئيس الحكومة لجنة وزارية دائمة يعهد إليها بمهام وتقييم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، مع إخراج المراسيم التطبيقية للقانون.

أما المدخل الثالث، فهو المدخل الإعلامي باعتباره مدخلا أساسيا، وذلك بـ “تثمين المكتسبات التي حققتها قناة “تمازيغت” ودعمها ماليا ولوجستيا لأداء أدوار القرب الإعلامي وتعزيز حضور الأمازيغية في قنوات القطب العمومي”،  فبالإعلام، يؤكد العمراني، سيتم “فعلا تحقيق تطبيع الأمازيغية في عمق المجتمع من خلال تنويع العرض المقدم وإيصاله إلى كل الشرائح المجتمعية”.

إلى ذلك، أكد المتحدث ذاته، على أهمية المدخل الأكاديمي العلمي، من خلال تعزيز الزخم الفكري لفعاليات الحركة الأمازيغية بجميع أطيافها وألوانها، من خلال تنشيط حقل البحوث والدراسات وتأطير الندوات واللقاءات العلمية،  مستحضرا في ذلك دينامية المرحوم إبراهيم أخياط الذي يعتبر “نموذجا للمثقف العضوي الملتحم بهموم القضية والحاضر في عمق المجتمع”.

موقف العدالة والتنمية

وعرج العمراني في ذات الندوة، التي عرفت حضور ممثلين عن أحزاب سياسية وأكاديميين وباحثين في المجال، على مواقف حزب العدالة والتنمية إلى جانب باقي القوى الحية في المجتمع، والتي تجسدت في ” المجهودات الترافعية لفريق الحزب في قبة البرلمان حول الكثير من القضايا التي تهم الأمازيغية”.

وفي هذا الصدد، أشار المتحدث ذاته، إلى دعوة الأمين العام الحالي، لما كان وزيرا للخارجية إلى إطلاق “الاتحاد المغاربي” على “اتحاد المغرب العربي”، وذلك في فبراير 2012 “.

وأبرز العمراني مجهودات الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية، حيث عقد الفريق يوما دراسيا أطرته نخبة من الأطر حول القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة  المغربية، مبينا أن فريق العدالة والتنمية هو “أول من قدم ملتمسا باعتماد ترسيم عطلة رأس السنة الأمازيغية يوم 13 يناير حيث قدم ملتمسه في يناير 2014 وجدد الطلب إلى جانب باقي الفرق البرلمانية في يوليوز 2016”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.