الناصري يُعدد التحديات الاقتصادية والاجتماعية للنموذج التنموي المغربي

خالد فاتيحي

قال الباحث في السياسات العمومية، وعضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، نوفل الناصري، إن المكتسبات التي حققتها المملكة خلال السنوات الأخيرة، مكنت من امتصاص الصدمات التي واجهت المغرب سواء منها الناتجة عن عوامل داخلية وعوامل خارجية كالأزمات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الاولية.

 الناصري، الذي كان يتحدث مطلع الأسبوع الجاري، في ندوة علمية حول “الاقتصاد المغربي والحاجة إلى نموذج تنموي جديد” ضمن فعاليات الدورة الثانية عشر لأكاديمية أطر الغد، سجل  أن “المغرب نجح في استقطاب استثمارات أجنبية مهمة في مجالات واعدة كالصناعة والطاقة، قبل أن يستدرك “غير أن هذا التقدم كان مصحوبا بتحديات اقتصادية وبتفاوتات اجتماعية ومفارقات مجالية، وهو الأمر الذي أكده جلالة الملك في عدة خطابات”.

النواقص الاقتصادية

 وأوضح المتحدث ذاته، أن من أوجه قصور النموذج التنموي الوطني في الشق الاقتصادي، تقلب معدل النمو  الاقتصادي بسبب اعتماده على قطاع الفلاحة بشكل كبير والذي يرتبط بدوره بنسبة تساقطات الأمطار، فضلا عن عدم اندماجية النمو، مشيرا إلى أنه في عام 2015، كان معدل النمو 4.5في المائة وتم إحداث فقط 33 ألف وظيفة فقط، حيث اعتبر أن “هذا الضعف في خلق فرص الشغل بالمغرب، يكتسي طابعا بنيويا في نموذجنا التنموي، ويتفاقم مع توالي السنوات”.

ويُعدّ انتشار القطاع غير المهيكل، -يردف الناصري- من أهم العقبات التي تؤثر على تحسين النمو الوطني، حيث يزداد تقريبا ب19 ألف وحدة سنويا، وهو الأمر الذي يُضيّع على خزينة الدولة مداخيل جبائية تقدر بـ 34 مليار درهم سنويا.

وسجل الباحث في السياسات العمومية، أن “تزايد عمليات التزوير، يؤثر سلبا على تنافسية الاقتصاد الوطني، حيث يقدر التزوير بما بين 6 و 12 مليار درهم في السوق المغربية، بنسبة تتراوح ما بين 0,7 في المائة و 1,3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي”، مضيفا أن “هذا الأمر تترتب عنه خسارة ضريبية تقدر بحوالي مليار درهم، ويحول دون توفير حوالي 30.000 منصب شغل”.

وأوضح الناصري، أنه “على الرغم من أن المغرب يحقق معدل استثمار يعد من بين أعلى المعدلات في العالم (33 في المائة من الناتج الداخلي) يظل تأثيره على معدل النمو دون المتوقع، كما أن حجم هذا الاستثمار لا يؤثر في التحول الهيكلي للاقتصاد الذي يبقى بطيئًا، بل على العكس هناك تراجع مستمر في مردودية الاستثمارات العمومية”.

وبحسب الناصري، فإن “الاقتصاد الوطني، لم يستفد من اتفاقيات التبادل الحر، حيث سُجل عجز مستمر في الميزان التجاري، كما لم يتم الارتقاء بالطلب الخارجي لجعله محركا حقيقيا للنمو الاقتصادي، مما دفع بلادنا للجوء إلى الطلب الداخلي والذي لا يمكنه، في ظل محدودية حجم السوق الوطنية وإكراهات التمويل”.

التحديات الاجتماعية

وبخصوص أوجه قصور النموذج التنموي الوطني في الشق الاجتماعي، أشار المحلل الاقتصادي، إلى أن المغرب احتل سنة 2018 المرتبة 123 من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تصنيفه للتنمية البشرية لعام 2018، وهو ما أدى بتصنيف المغرب ضمن البلدان ذات “التنمية البشرية المتوسطة”.

وأبرز أن “بطء الحركية الاجتماعية التصاعدية، التي لا تتجاوز 35 في المائة، حال دون تطوير وتوسيع حجم المستفيدين من الارتقاء الاجتماعي ومحاربة التوريث الجيلي للفقر، بمعنى أثر التنمية لا يرى في الواقع بالشكل المطلوب”.

وفي السياق ذاته، سجل الناصري، أن المغرب ما يزال يشكو في مجال التعليم، حيث يحتل المرتبة 153، ومعدل الالتحاق بالتعليم العالي بقي منخفضا في المغرب، ولم يتعد عتبة 30في المائة إلى حدود اليوم، في حين تصل النسبة إلى أكثر من 100في المائة في دول أخرى مثل تركيا

وبناء على ذلك، شدد المتحدث ذاته، على ضرورة بلورة رؤية مندمجة ومتعددة الأبعاد للنموذج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالمغرب، ولمنظومة الحكامة المركزية والترابية في كل أبعادها بشكل يتجاوز الإصلاحات القطاعية المعزولة، داعيا إلى جعل العنصر البشري الرهان الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال التركيز على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص لتمكين المواطنين من المساهمة في خلق الثروة والاستفادة من ثمارها بشكل عادل.

كما طالب بإرساء نظام حكامة فعال، قائم على تنسيق والتقائية السياسات والبرامج العمومية، مع الحرص على تتبعها وتقييم تنفيذها، فضلا عن تركيز المجهود الحكومي نحو تحفيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال ودعم المقولات الوطنية ، خصوصا الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، وكذا تقييم فعالية الاستثمارات وتوجيهها نحو المشاريع الأكثر مردودية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.