هذه تفاصيل الجلسة الثامنة لإعادة متابعة حامي الدين

اتجهت الأنظار، أمس الثلاثاء إلى محكمة الاستئناف بفاس، حيث أجريت أطوار الجلسة الثامنة لإعادة متابعة الدكتور عبد العلي حامي الدين، القيادي بحزب العدالة والتنمية، في قضية سبق أن قال فيها القضاء كلمته النهائية منذ 25 سنة بحكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به.

فبعد الدفوعات التي تقدمت بها هيئة دفاع حامي الدين، والتي تقر ببطلان الدعوى العمومية وبطلان قرار قاضي التحقيق، في جلسات “ماراطونية” تجاوزت العشرات من الساعات قدمت فيها الهيئة حججا دامغة قاطعة جازمة ومانعة، تؤكد بالفعل أن إحالة قاضي التحقيق الملف للمتابعة شابته خروقات قانونية جسيمة مست جوهر القانون من خلال الضرب في أسمى قاعدة، وهي سبقية البت في ملف انتهى منذ 25 سنة مضت.

Pjd.ma يعيد جمع خيوط الجلسة الثامنة من ملف أثار ردود الكثير من المتابعين من حقوقيين ورجال القانون والإعلام والفكر والسياسة، حيث أكدوا أن القضية خرجت من مسارها القانوني، وصارت ذات أبعاد سياسية محضة، والتي يتم من خلالها محاولة تصفية الحسابات السياسية مع شخص عبد العلي حامي الدين والهيئة السياسية التي ينتمي إليها.

شهبي: إعادة المتابعة سابقة في تاريخ المغرب

أكد النقيب محمد شهبي، عن هيئة دفاع الدكتور عبد العلي حامي الدين، أنه لم يسبق في تاريخ المغرب أن ملفا “أصدر فيه قاضي التحقيق قرارا بالمتابعة والإحالة وتمت المحاكمة والإدانة وقضى المعني بالأمر عقوبته، ثم أعاد قاضي التحقيق فتح الملف من جديد بعد ربع قرن !!”.
وأضاف شهبي، في تعقيب له على مرافعات النيابة العامة، موجها خطابه لهيئة الحكم، التي يترأسها محمد اللحية، قائلا: “شاء التاريخ أن يحملكم هذه المسؤولية –إذ بإقرار إعادة المتابعة- ستفتحون علينا بابا لا يمكن أن يغلق، فإذا فتح هذا الباب يمكن لكل من هب ودب أن يضع شكاية وكل قاضي تحقيق سيُصبِح ملزما أن يفتح أي ملف ويعاد التحقيق في حيثية أو حدث ونكون أمام إعادة فتح التحقيق في كل الملفات من جديد”.
وشدد المتحدث ذاته، في تعقيبه، على أن قاضي التحقيق لم يكن له أي سند قانوني في إعادة فتح ملف عبد العلي حامي الدين، وأن إعادة فتح الملف سيكون سابقة في تاريخ القضاء المغربي “لا ولا يجب أن يكون الأمر كذلك”، يقول شهبي بحرقة، موضحا أن هذا “سيدخلنا جميعا إلى المجهول، وسيفتح بابا لن يغلق أبدا في جميع الملفات والقضايا المطروحة والتي سبق البت فيها بحكم قضائي نهائي”.

شيخي: محاكمة تفتقر إلى الأساس القانوني

أكد نبيل شيخي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أنه مازالت لديه الثقة في هيئة الحكم من أجل أن ترجع الأمور إلى نصابها بخصوص قضية عبد العلي حامي الدين، مشيرا إلى ضرورة “عدم التمادي في هذا الملف الذي أثر على صورة بلادنا وله تكلفة كبيرة”.
وأضاف شيخي، في تصريح لـ pjd.ma، أن الدفوعات التي تقدم بها دفاع حامي الدين، اعتمدت على مجموعة من المستندات القانونية من القانون الجنائي والمرجع الدستوري والمواثيق الدولية، التي تؤكد أن هذه المحاكمة “تفتقر إلى الأساس القانوني لأنها مشمولة بسبقية البت”، مشددا، في المقابل، على أن دفوعات هيئة دفاع المطالب بالحق المدني “للأسف، كانت دفوعات متهافتة ولم تستطع أن تبين الأساس القانوني الذي استندت عليه”.
وتابع المتحدث ذاته، أن هذه المحاكمة “كما قلنا مرارا وتكرارا تسيء إلى صورة بلادنا التي عرفت أشواطا من الحريات والحقوق التي لا يجب أن نشوش عليها ونعطي فرصة لأولئك الذين يريدون تصفية حسابات سياسية مع أشخاص”، داعيا إلى ضرورة  “أن ترجع الروح الايجابية الذي كانت تسير فيها بلادنا بعد التصويت على دستور 2011”.

مؤازرة ودعم قضية عادلة

ظهر عبد العلي حامي الدين، القيادي بحزب العدالة والتنمية، كعادته في كل الجلسات، بمعنويات جد مرتفعة وهو المؤمن والواثق من عدالة قضيته، حيث بدا ثابتا واثقا من مجريات المحاكمة، التي تبين من خلال تفاصيل مرافعات هيئة دفاعه في الجلسات الثمانية، ومن خلال المرافعات الضعيفة والخارجة عن السياق لهيئة دفاع ما يسمى “المطالب بالحق المدني”، أن قضيته عادلة وما كان يجب حتى فتح ملفها المحسوم بحكم قضائي نهائي قطعي.
وعرفت الجلسة الثامنة لإعادة متابعة حامي الدين، حضور قيادات حزب العدالة والتنمية، ومؤازرة من طرف العشرات من أعضاء حزب العدالة والتنمية والمتعاطفين معه الذين استقبلوا حامي الدين بشعارات حماسية معبرين عن تضامنهم اللامشروط مع قضيته العادلة.

هذا، وحضر الجلسة الثامنة من قيادات الحزب كل من نبيل شيخي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، وعبد الله بووانو، نائب رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، ومحمد الطويل ونوفل الناصري، عضوي الأمانة العامة، وعبد الصمد سكال عضو الإدارة العامة للحزب، إضافة الى عبد الاله الحلوطي، الأمين العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وادريس الصقلي العدوي، رئيس منتدى التنمية للأطر والخبراء لحزب العدالة والتنمية وبرلمانيي مدينة فاس وعدد من أعضاء الفريق بمجلس المستشارين.

خطاب الكراهية وضعف في الدفوعات

تفاجأ متابعو ملف إعادة متابعة الدكتور عبد العلي حامي بالضعف والتهافت المشحون بخطاب الحقد والكراهية الذي أبانت عنه هيئة دفاع ما يسمى “المطالب بالحق المدني”، ففي الوقت الذي كان منتظرا أن يناقش دفاع أصحاب الشكاية الكيدية  القضية من منطلق القانون ومواجهة الحجة القانونية بالحجة القانونية، وتترافع في صميم دحض الحجج المتماسكة لهيئة دفاع حامي الدين، أبان هؤلاء من جديد، في مرافعاتهم، على أنهم لا يستندون إلى أي معطيات ذات طبيعة قانونية.

وبينت مرافعات دفاع الطرف الآخر على الفراغ المهول في المضامين القانونية، وانزياحها المفضوح إلى خطاب خارج السياق، مليء بالحقد والضغينة والكراهية، في محاولة لتصفية الحسابات السياسية من خلال استهداف حامي الدين كشخص واستهداف الهيئة السياسية التي ينتمي إليها في عمليات شبيهة بإطلاق طلقات فارغة في الهواء.

فعوض أن يناقشوا جوهر القضية من زاوية قانونية بالعمق الذي تناولت به هيئة دفاع حامي الدين الملف، فضل جواد التويمي بنجلون، مناقشة هيئة المحكمة في موضوع  تسمية عبد العلي حامي الدين بالدكتور أو وصفه بالمستشار البرلماني !!، في هروب مكشوف ومفضوح إلى هوامش النقاش بعد العجز التام والجاحظ العينين عن مجابهة المرافعات المتماسكة لدفاع حامي الدين، التي شكلت بالفعل مائدة قانونية دسمة في الترافع مستندة إلى قوانين وطنية ودولية والقانون المقارن، ثم إلى مستندات ومراجع واجتهادات بعمق في التحليل والمقاربة.

وشكلت هذه القفزات الفارغة عنوان ضعف ودليل جازم على أن حتى المقارنة بين دفوعات دفاع حامي الدين ودفاع المطالب بالحق المدني لا يستقيم، وهذا ما جعل النقيب محمد شهبي، عن هيئة دفاع حامي الدين، في جلسة أمس، لا يكلف نفسه عناء الرد على مرافعات هيئة دفاع المطالب بالحق المدني، حين أكد أنه سيرد على مرافعة النيابة العامة لأنها “اتجهت إلى القانون وتستحق الرد، فرغم اختلافي معها فإنها على الأقل تبقى محترمة وإن كانت لم تقدم أي مستند قانوني ترتكز عليه عملية إعادة المحاكمة”.

البت في الدفوعات الشكلية

يذكر أن محمد اللحية، رئيس هيئة الحكم المكلفة بملف إعادة متابعة عبد العلي حامي الدين في قضية “آيت الجيد”، أعلن بعد نهاية الدفوعات والردود والتعقيبات، دخول القضية للتداول والنظر في الدفوعات الشكلية التي تقدم بها دفاع حامي الدين التي تدفع ببطلان الدعوى العمومية لقاضي التحقيق والإعلان عن الحكم في فاتح أكتوبر القادم، وبشكل أثار الكثير من التساؤلات أشار رئيس الجلسة إلى تاريخ 3 نونبر للنظر في الموضوع، وهو ما من شأنه إثارة الشكوك حول وجود مسار قضائي محدد سلفا في هذه القضية المفتعلة من اساسها.

وجاءت الجلسة الثامنة، بعد تأجيل سبع جلسات سابقة، والتي قدم فيها دفاع عبد العلي حامي الدين دفوعات متماسكة في اتجاه بطلان الدعوى العمومية لقاضي التحقيق في ملف أعيد فتحه من جديد ضربا في كل المرجعيات القانونية، الجنائية منها الحقوقية الوطنية والدولية ، بل ضربا في المرجع الدستوري، في قضية إن استمرت فإنها “ستفتح بابا على المجهول، يصعب إغلاقه من بعد”، بتعبير النقيب محمد شهبي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.