بالمختصر المفيد

الفساد الذي يحارب الإصلاح

لا أعرف على جهة التدقيق ما معنى مكر التاريخ، لكني متيقن أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله، فلم تهمل الصدف الماكرة، أولنقل بلغة الإيمان الاقدار المكتوبة، برلماني الحزب المعلوم، الذي امتشق لسان الوعظ، وتدثر بلبوس الاصلاح، واستل سيف التقريع، ليحاضر في الشرف أمام رئيس الحكومة، في الجلسة الدستورية المتعلقة بمساءلة رئيس الحكومة في موضوع محاربة الفساد، أمس بمجلس المستشارين، حتى نزل خبر اعتقال برلماني ورئيس جماعة نواحي مراكش من ذات الحزب، متلبسا بالارتشاء، ليجرف معه كل أكوام الكلام الذي قيل من على منصة المجلس، ويعري زيفه وتهافته المبين.

لقد كان جواب العثماني ،أن الفساد هو من يحارب الاصلاح، في قمة البلاغة والبيان، في توصيف حالة الصراع بين إرادات الصلاح والإفساد، واستقواء هذه الأخيرة بمواقع أصحابها في الادارة والاقتصاد والاحزاب أيضا، وهو ما كشفته نازلة التلبس التي وقعت بمراكش، وقبلها عشرات الحالات، ولن تكون آخرها فرار رئيس الفريق المعلوم واختفاء أثر الملايين التي قيل إنها ” طارت” من ميزانية الفريق.

ليس كل مدع للفضيلة فاضلا، ولا كل بائع للكلام صادقا، وأن المغاربة لهم من القدرة ما به يميزون بين المعدن الصافي، وبين المزيف، ولهذا كانت الارادة الشعبية حاسمة في واقعتي الرابع من شتنبر 2015، والسابع من أكتوبر 2016، ولم تفلح كل الحملات ولا حتى المسيرات في خداع فراسة هذا الشعب الذكي الذي يعرف جيدا كيف يتفرس في الوجوه وبالدقة اللازمة وفي الوقت المناسب كما سبق للأمين العام السابق عبد الإله بن كيران أن نبه ذات يوم من على نفس المنبر .

إن المغاربة يعرفون جيدا كيف يقرأون ما توحي به الملامح والقسمات، ويعرفون جيدا من أصبح بالسياسة من علية القوم، بأرصدة مالية مثخمة، وعقارات وشركات وما لذ وطاب من حطام الدنيا، وبين من كان كل رصيده منها، عفاف معجون بالنضال، واستقامة ممهورة بالبذل والتضحيات، فليحذر من يوزع اليوم صكوك الاتهام يمنة ويسرة ويدعي الصلاح، فالزمن كشاف، والأيام دول، والدائرة تدور، وإن غدا لناظره لقريب.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.