أي دور للدبلوماسية البرلمانية في الترافع عن القضايا الوطنية؟

عمِل البرلمان المغربي، خلال دورة أكتوبر 2019 المنتهية، على تكثيف اتصالاته وعلاقته الخارجية في جميع أبعادها الثنائية والمتعددة الأطراف، وذلك في إطار مواصلة تعزيز مكانة المملكة المغربية على الصعيد الدولي والجهوي والإقليمي، للتعريف بمرتكزات سياستها الخارجية.

ووفق حصيلة أشغال مجلسي البرلمان، في مجال العلاقات الخارجية والدبلوماسية البرلمانية، فقد ركزت الأنشطة البرلمانية خلال الدورة الخريفية، التي اختتمت الأسبوع الماضي، على الدفاع بشكل أساسي عن القضايا الحيوية للمملكة، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية والتعريف بالطاقات التي يزخر بها المغرب، كما استأثر اهتمام الدبلوماسية البرلمانية المغربية بعدد من القضايا الدولية.

حصيلة متميزة

وفي هذا الإطار، وصف يوسف غربي، رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، حصيلة الدبلوماسية البرلمانية، خلال الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة، بـ “الجيدة والمتميزة”، مؤكدا أن “البرلمان المغربي واصل على غرار الدورات السابقة انفتاحه على مختلف البرلمانيات الدولية”.

وتوقّف غربي، في تصريح لـ” pjd.ma” عند عمل لجنة الخارجية بمجلس النواب، التي تعتبر في طليعة العمل الدبلوماسي البرلماني،  حيث سجل أنه عمل جيد على جميع الأصعدة، سواء تعلق الأمر بالاتصالات مع الوفود الإفريقية أو الأسيوية أو الأوربية، لافتا في السياق ذاته، إلى استقبال البرلمان المغربي خلال هذه الدورة لعدد من السفارات الأجنبية خاصة من دول آسيا وأمريكا اللاتينية.

وأشار غربي، إلى أن ثُلثي مشاريع القوانين المتعلقة، بعدد من الاتفاقيات الدولية، تمت المصادقة عليها داخل لجنة الخارجية بمجلس النواب خلال هذه الدورة (حوالي 20 اتفاقية دولية )  مبرزا الدور المحوري الذي تفتحه هذه الاتفاقيات في تعزيز علاقات التعاون مع عدد من الدول، وتعزيز أداء الدبلوماسية الرسمية

ولفت المتحدث ذاته، إلى انفتاح  البرلمان المغربي على الجانب الأوربي، بالإضافة إلى الحضور المستمر في المنتديات الرسمية التي يشارك فيها أعضاء من مجلسي البرلمان، معتبرا أن “هذه المشاركة كانت في عمومها مميزة، بحيث يجري الإعداد لها بشكل جيد وبأهداف واضحة محددة”.

ونتج عن ذلك، -يسترسل رئيس لجنة الخارجية بالغرفة الأولى- حصول المغرب على عضوية عدد من المنتديات البرلمانية، كما هو الحال بالنسبة  للجمعية البرلمانية للفرانكفونية، التي تمكن البرلمان المغربي، من الحصول فيها على نائب رئيس ضمن مكتب الجمعية، بالإضافة إلى نيابة في لجنة التعاون الاقتصادي.

تعزيز تموقع المغرب

وسجّل عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن هذه الحركية التي بصمت عليها الدبلوماسية البرلمانية المغربية، أنتجت أيضا حضورا وتموقعا جيدا للمغرب، منوها في السياق ذاته، بالجهد الدبلوماسي الذي يبدله ممثلو البرلمان المغربي على صعيد  البرلمان الإفريقي، والذي أفضى إلى تهميش ومحاصرة خصوم الوحدة الترابية على صعيد مجموعة من اللجن.

وحول بعض الانتقادات التي توجه بين الفينة والأخرى للدبلوماسية البرلمانية، أوضح غربي أن هناك صورا نمطية يتم الترويج لها ولا تمت إلى الواقع بصلة، علاوة على كونها تخالف المجهود الجبار الذي يقوم به أعضاء البرلمان في الترافع عن القضايا الوطنية في المحافل الدولة، مشيرا إلى أنه يمكن أن تكون هناك حالات استثنائية معزولة، لكن  الحالة الغالبة (بحوالي 98 في المائة) تطبعها  الجدية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الوطنية الأولى.

حضور ملف الصحراء

وارتباطا بالترافع البرلماني، عن مغربية الصحراء، قال غربي، إن  “الدبلوماسية البرلمانية هي دبلوماسية موازية وداعمة ومساندة للدبلوماسية الرسمية، وموجهة في بعض الحالات، بحيث أنها تتمكن من فتح أبوابٍ تكون أحيانا عصيّة على الدبلوماسية الرسمية وتقوم ببعض الأدوار التي لا تستطيع الدبلوماسية الرسمية الاضطلاع بها”.

وسجل رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، أن القضية الوطنية، كانت حاضرة بقوة في صلب النقاشات التي دارت مع مختلف الوفود البرلمانية سواء داخل المغرب أو خارجه

وتابع أن الدور الذي تقوم به الدبلوماسية البرلمانية على هذا المستوى مهم جدا، لاسيما عندما يتسلح بالعلم والمعرفة والإدراك الجيد لطبيعة الملفات التي يتعاطى معها نواب الأمة بهذا الخصوص، مضيفا “هناك وعيٌ، بدأ يتأسس داخل صفوف البرلمانيين المغاربة، ويتعلق الأمر بضرورة التسلح بمعرفة دقيقة بملف القضية الوطنية في تاريخه ومختلف تفاصيله ومستجداته ومآلاته.

نتائج دبلوماسية ملموسة

وبخصوص نتائج أداء الدبلوماسية البرلمانية، أكد المتحدث ذاته، أن الكثير من الوفود البرلمانية الأجنبية، التي يتم استقبالها مؤخرا بالمغرب، بدأت تعي جيدا الحقائق التي كانت مغيبة في ملف الوحدة الترابية للمملكة في علاقة بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، نتيجة العمل النوعي الذي جسدته مشاركة البرلمانيين المغاربة في عدد من المنتديات والمحافل الدولية.

وخلص رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب، إلى أن عمل الدبلوماسية البرلمانية، بدأ يُعطي ثماره، حيث هناك عدد مهم من ممثلي البرلمانات الأجنبية، خاصة في الدول الإفريقية والأسيوية، “ممن توصلوا إلى قناعة تفيد بأن هذا النزاع قضية مصطنعة وأنها تخدم أجندات معينة، وهو عمل يحسب في رصيد الدبلوماسية البرلمانية التي تقوم بدور تمهيدي ومساعد مهم”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.