بالمختصر المفيد: لا إصلاح بدون مصلحين صالحين

من المعلوم أن أدبيات الحزب قد عملت على تدقيق مفهوم المرجعية الإسلامية من خلال اجتهادات تضمنتها وثائقه وكتابات قياديه بحيث حررتها من أي صورة من صور الاحتكار والمصادرة، وأكدت أن الأمر لا يتعلق بمرجعية خاصة بل بمرجعية الدولة والمجتمع كما هي محددة دستوريا ومن تم  فهي مرجعية موحدة وليست مميزة أو مفرقة.

المسألة الثانية أن المرجعية الاسلامية في تصور الحزب وممارسته ليست مجرد خطاب وشعارات، بل إنها منظومة فكرية وقيمية وسلوكية.. منظومة أصبحت  تتجسد في ممارسات حزب العدالة والتنمية وهذه بعض من مظاهرها:

–       تنظيميا  يقدم حزب العدالة والتنمية نموذجا قيميا عاليا يجسد قيم العمل المؤسساتي وهو ما يتجلى في انتظام انعقاد هيئاته التقريرية العليا من قبيل المؤتمر الوطني، ومجالسه الوطنية وهيئاته المجالية والموازية، والنجاح المنقطع النظير الذي توجت به هذه المحطات التنظيمية وما ينتج عنها من تداول سلس على المسؤوليات التنظيمية والانتدابية والتدبيرية،  في وقت كان البعض يتوقع أن يتحول الحزب إلى أجنحة متناحرة أو أن يسري عليه قانون الانقسامية الذي يكاد يكون قانونا مطردا في التاريخ السياسي الحديث للمغرب .

–       سريان نفس عام قائم على حرية التعبير ووجود مساحة مقدرة للاختلاف لا تفسد للود قضية مع قدرة على تدبير ذلك الخلاف من خلال آليات التناظر الفكري كما تجسد ذلك في ندوات الحوار الداخلي التي نظمت خلال سنة 2019.

–       حصانة مشهودة ضد اختراق ممارسات الفساد، حيث تدل الممارسة على سلامة الجسد الحزبي في مكوناته الأساسية من ذلك الاختراق .

–       حس عالي في الاضطلاع بمسؤولياته الانتدابية كما يدل على ذلك التزام برلمانييه باحترام تعاقدهم مع المواطنين من خلال التواصل المتواصل معهم من خلال مكاتب الاتصال البرلمانية أو من خلال الأنشطة المنتظمة ل” قافلة المصباح” التي هي إبداع خاص بفريق العدالة والتنمية فضلا عن انتظام حضور أشغال المجلسين بنِسَب عالية .

–       يحق لحزب العدالة والتنمية كذلك أن يعتز بأن مروره لولايتين متتاليتين من المسؤلية الحكومية لم يترتب عنه تحول مشبوه في ثروات وزرائه أو تغير مثير في وضعهم الاجتماعي، ونفس الشيء بالنسبة لمسؤوليه على مستوى تدبير الشأن المحلي وهو المجال الذي يكون فيه المسؤولون أكثر عرضة للإغراء.

–       يحق لرئيس الحكومة ووزراء الحزب أن يفتخروا بأنهم لم يتعاملوا بمنطق الزبونية الحزبية في إدارة التعيينات في المناصب العليا على الرغم من التضليل الذي يسعى البعض عبثا القيام به والذي تشهد على عكسه الوقائع والأرقام.

–       هل يعني ذلك أن حزب العدالة والتنمية حزب من الملائكة؟ وهل يعني ذلك أنه محصن حصانة نهائيا ضد اختراق الفساد؟.

لم يدع الحزب ذلك في يوم من الأيام، ومناضلوه بشر ممن خلق، يمكن أن يسري عليهم ما يسري على غيرهم، ولذلك ما فتىء مسؤولوا الحزب بدءا من الأمين العام نزولا إلى مختلف مراتب المسؤولية الحزبية مركزيا ومجاليا يبسطون هذا الفهم للمرجعية الذي يساوي الاستقامة والتجرد في خدمة الصالح العام وتجسيد المرجعية بالمعنى الذي تمت الإشارة إليه .

 ثانيا فإن الحزب كما هو معلوم قد أحدث لجنة للنزاهة والشفافية تدقق في كل ما قد يروج حول مسؤولي الحزب وممثليه في مختلف المسؤوليات الانتدابية، وهو ما يعني أن الحزب إن كان ليس مستعدا للتخلي عن مسؤوليه أو ممثليه حين تكون الاتهامات الموجهة لهم اتهامات ظالمة، أو ناتجة عن أحكام قضائية مكتسبة لقوة الشيء المقضي به، فإنه لا يمكن أن يتساهل مع أي مظهر من مظاهر الإخلال بميثاق النزاهة والشفافية الذي ألزم به مسؤوليه وممثليه في المهام الانتدابية.

وبذلك يكون الحزب قد رفع عاليا سقف المنافسة على اعتبار أنه مدرسة رائدة في التخليق، وأن منافسته ينبغي أولا أن تكون على هذا المستوى وليس بالادعاءات، لأنه مقتنع تمام أنه لا إصلاح بدون مصلحين صالحين، ولأن “الله لا يصلح عمل المفسدين”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.