خارج السياق: لكي لا تنسف جائحة الشعوذة التعبئة الوطنية ضد كورونا

المواجهة ضد كورونا هي مواجهة شاملة، ففضلا عن التدابير ذات الصلة بتعبئة المنظومة الصحية والاجتماعية والتعليمية والأمنية والقانونية والمنظومة المؤسساتية والمدنية، فإن التعبئة من أجل تحصين الوعي من اختراق الممارسات الخاطئة والدجل بكل أنواعه لا يقل أهمية،
وفي هذا الصدد تنتشر من حين لأخرى دعاوى خطيرة يدعي أصحابها أنهم توصلوا إلى أدوية ناجعة لعلاج حالات الإصابة بفيروس كورونا، بل إن بعضهم زعم ما لم تستطع أن تدعيه  المختبرات العالمية من أن لديه وصفة خارقة تتجاوز نسبة العلاج في استخدامها مائة في المائة، وأن فترة العلاج لا تتعدى ستة وثلاثين ساعة، و أن دولا عرضت عليه السفر إليها، والأخطر من ذلك أن الدواء تم تركيبه من  خلال بعض الآيات القرآنية!
لا نريد أن نتوسع في التفصيل في هذا الهذيان الذي تمتلئ به بعض الدعوات التي تتحدث عن خلطات عشبية وروحية مقاومة للفيروس القاتل، ولكن نود أن نركز على الأمور التالية :
-أن دعوى من هذا القبيل تشكك عمليا في كل جهود الدولة وتتهمها ضمنا بإهدار المال والوقت في القضاء على كورونا، والأمر أن هناك علاجا فعالا لم تجد به الأقدار إلا على أمثال هؤلاء الدجالين،  
-أنه في ضوء الهشاشة الفكرية والنفسية لبعض الفئات، وشيوع تخوف من الفيروس القاتل الذي ما زال يتحدي الجهود العلمية المبذولة للتوصل إلى الدواء أو اللقاح الفعال ضد كورونا، وفي ضوء ما يروج عند بعض الفئات في نطاق نظرية المؤامرة، فإنه من الوارد أن تميل بعض الفئات المجتمعية إلى الإعراض عن تدابير العزل الاجتماعي، ممن يشعرون ببعض الأعراض أو يشكون في إصابتهم بالفيروس أولئك الذين تأكدت إصابتهم أو حتى تأكد له الإصابة بالمرض، وأنه بدل الاتصال بالمصالح المختصة، سيتجهون إلى الإقبال على وصفات الشعوذة الشبيهة بتلك .
ولذلك فمن الواجهات التي ينبغي الاشتغال عليها، ومن التدابير الاحترازية التي يتعين العمل بها، التصدي لهذه الدعوات والتحذير منها، ورفع درجة التحصين الفكري والثقافي  في المعركة ضد كورونا، والعمل على مواصلة تنوير الرأي العام، والتحذير من هذه الشعوذة التي تتاجر في القلق الذي قد ينتاب الناس في مثل هذه الظروف،
وهو واجب علماء الدين والمثقفين والإعلاميين والمختصين في نشر الثقافة الصحية، كما أنه واجب السلطات المعنية أمنية وقضائية كل في نطاق اختصاصه، فإن ما هو أخطر من جائحة كورونا جائحة الجهل والشعوذة.

 

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.