أبودرار لـ‪pjd.ma ‬ : العمل بدفاتر التحملات يساهم في تقليص مظاهر اقتصاد الريع

12-12-07
 
“صورة المغرب على المستوى الدولي في مجال مكافحة الفساد تحسنت وهذا واضح”،  هذه واحدة من العبارات التي أكد عليها عبد السلام بودرار، رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، في حوار مع الموقع الإلكتروني (‪pjd.ma‬)، مبرهنا عليها بقوله “أن العديد من الخبراء يرون في التجربة المغربية خاصة من خلال عمل الهيئة المركزية نموذجا جيدا في المنطقة العربية”.
وأرجع أبو درار ما سجله المغرب من تقدم طفيف في نتائج مؤشر إدراك الرشوة لهذه السنة، إلى الأوراش الإصلاحية التي تم إطلاقها خلال الفترة الأخيرة، واعتبر قيام الحكومة بنشر عدد من لوائح مستغلي بعض مطلوبا اعتبارا لمطلب الشفافية في تدبير الشأن العام  مؤكدا بأن العمل بدفاتر التحملات وطلبات العروض بما يضمن احترام مبادئ التنافس الشريف من شأنه أن يساهم في تقليص مظاهر اقتصاد الريع الذي يعتبر واحدا من الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الرشوة.
وفيما يلي النص الكامل للحوار :


12-12-07
· تنظمون نهاية الأسبوع الجاري ورشة دولية  في موضوع “تضارب المصالح”، ما هي أهمية انعقاد هذه الورشة في المغرب؟ وما هي النتائج التي تنتظرونها منها ؟
تندرج هذه الورشة في سياق المقتضيات الدستورية الجديدة التي تنص على معاقبة تضارب المصالح. واعتبارا لكون هذا الموضوع متشابكا، وفي ظل غياب تعريف محدد للمفهوم نفسه، نسعى من خلال هذا اللقاء الذي سيتم فيه طرح أرضية أولية أعدتها الهيئة بهذا الخصوص إلى تعميق النقاش وإثرائه من قبل ثلة من الخبراء المغاربة والأجانب.
 
إلا أن الهدف الأساسي يبقى هو الوصول إلى صياغة مشروع نص قانوني يوضح المفهوم والحالات ويتضمن المقتضيات القانونية والزجرية للوقاية من تضارب المصالح ومنعه، وهذا سيتطلب بكل تأكيد نقاشا موسعا في إطار لقاءات أخرى نعتزم تنظيمها خلال السنة المقبلة.
 
·  يرى بعض المسؤولين في هيئتكم، أن بلادنا  سجلت  تقدماً مقارنةً بالعام الماضي  حيث حصلنا على تنقيط أفضل، بفضلِ ما تمَّ إطلاقه من إصلاحات في مجال مكافحة الفساد، هل من توضيح مفصل لهذه النقطة ؟
إذا نظرنا إلى النقطة التي حصل عليها المغرب في نتائج مؤشر إدراك الرشوة لهذه السنة نلاحظ أنه سجل بعض التقدم الطفيف الراجع بكل تأكيد إلى الأوراش الإصلاحية التي تم إطلاقها خلال الفترة الأخيرة.
هذا المعطى بالرغم من أهميته فهو لا يمنع من التأكيد على أن هناك الكثير من العمل يجب القيام به من أجل الخروج من وضعية المراوحة التي يوجد فيها المغرب، ونعتبر أن التقرير الأخير للهيئة المركزية يتضمن العديد من الاقتراحات التي من شأن تفعيلها المساهمة في تحسين وضعية بلادنا في مجال مكافحة الفساد، وليس في تصنيف مؤشر إدراك الرشوة فقط، لأن هذا المؤشر بالرغم من أهميته يعكس فقط انطباعات المستجوبين.

· غير أن آخر تقرير أصدرته منظمة الشفافية الدولية، حمل إلينا الخبر التالي (حلَّ المغربُ في المرتبة الــ88 من بينَ 176 دولةً جرى تصنيفها برسمِ عام 2012 ضمنَ مؤشر إدراك الرشوة العالمي)، كيف هي –في ضوء هذا التقرير- صورة المغرب دوليا في ما يتعلق بمكافحة الفساد، تحسنت أم تراجعت؟
صورة المغرب على المستوى الدولي في مجال مكافحة الفساد تحسنت وهذا واضح، بل إن العديد من الخبراء يرون في التجربة المغربية خاصة من خلال عمل الهيئة المركزية نموذجا جيدا في المنطقة العربية. وقد عزز هذا التحسن انفتاح المغرب دون أي شروط على المجتمع الدولي المعني بموضوع مكافحة الفساد ويتجلى ذلك بشكل خاص في القبول باستعراض الأقران وبنشر التقرير الذي سينجز بناء على هذا الاستعراض بالإضافة إلى توفر عنصر الإرادة السياسية على أعلى مستوى في البلاد للانخراط في الدينامية الدولية المتعلقة بمكافحة الظاهرة.
‪ ‬
· إلى أي حد، يُمكن أن تكون المرحلة الجديدة مناسبة للقطع مع آفة الرشوة، سيما أن بعض الأحزاب وعدت  بمحاربة الفساد خلال حملتها الانتخابية الأخيرة؟
أعود للتأكيد على أن مكافحة الرشوة ليس عمل يوم وليلة، بل تحتاج إلى نفس طويل وصبر، وإلى انخراط جميع مكونات المجتمع في هذا الورش بما في ذلك جميع الأحزاب السياسية، على أن يبدأ ذلك بتبني الحكومة لاستراتيجية وطنية متكاملة ومندمجة تتضمن أهدافا واضحة وبرنامج عمل مرافق ومؤشرات للقياس وآجالا مع تحديد المسؤوليات وتوفير الوسائل المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية. وقد فصلنا كل هذا في تقريرنا الأول برسم سنة 2009 وكذا في تقريرنا الثاني برسم سنتي 2010 و 2011.

· يظهر  أن الحكومة تشتغل عل قدم وساق، من أجل اتخاذ اجراءات تحد من الرشوة، على سبيل المثال دفاتر التحملات في الاعلام وفي باقي المجالات الاقتصادية، المقالع الخ، كيف تتابعون هذه الحركية ؟
لقد قامت الحكومة بنشر عدد من لوائح مستغلي بعض الرخص، وعبرت عن نيتها في القطع مع نظام الرخص واستبداله بدفاتر التحملات، وأعتقد أن هذا النشر مطلوب اعتبارا لمطلب الشفافية في تدبير الشأن العام، وإن كان غير كاف في حد ذاته في انتظار المرور إلى إجراءات لاحقة. كما أن العمل بدفاتر التحملات وطلبات العروض بما يضمن احترام مبادئ التنافس الشريف من شأنه أن يساهم في تقليص مظاهر اقتصاد الريع الذي يعتبر واحدا من الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الرشوة.

· في موضوع متصل، ماهي حدود عمل الهيئة (حاليا، وفي نسختها المقبلة)، وعمل الحكومة؟
مهام واختصاصات الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة واضحة في مرسوم إحداثها، وهي اختصاصات تضمن لها الاشتغال في إطار من الاستقلالية الوظيفية، وتتضمن هذه المهام اقتراح التوجهات الاستراتيجية لسياسات مكافحة الرشوة وتقييم الإجراءات الحكومية المتخذة وتضمين ذلك في تقريرٍ نهايةَ كل سنة، بالإضافة إلى تلقي الشكايات وإحالتها، عند الاقتضاء، على السلطات القضائية.
أما عمل الحكومة فهو إعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد والسهر على تنفيذها بما يعنيه ذلك من إجراءات وإصلاحات قانونية ومؤسساتية، وهذا بالإضافة إلى سلطات إنفاذ القانون المخول لها إطلاق المتابعات والزجر.
أما بالنسبة للهيئة في صيغتها المرتقبة بعد المصادقة على القانون المنظم لها وفقا للمقتضيات الدستورية فستنضاف إلى الصلاحيات الوقائية الحالية صلاحيات أخرى تتعلق بالمكافحة وهي كما نص عليها الدستور، صلاحيات التصدي المباشر والتحقيق والتحري، إضافة إلى توسيع مجالات تدخلها ليشمل جميع أنواع الفساد.
‪ ‬
·هل من تنسيق مع القطاعات التي – بالنظر لطبيعتها- والتي من المحتمل أن تبني الرشوة أعشاشا فيها ؟
لدى الهيئة اتفاقيات للشراكة موقعة مع أربعة قطاعات وزارية (التربية الوطنية، الصحة، النقل والتجهيز، الإسكان)، كما أنجزت الهيئة دراستين قطاعيتين حول الرشوة في قطاعي الصحة والنقل الطرقي وهما متاحتان للعموم على موقع الهيئة ‪www.icpc.ma ‬، وتأتي هذه الاتفاقيات في إطار اقتناعنا بأن مكافحة الفساد تحتاج إلى جهود الجميع وأن التنسيق بين مختلف الفاعلين من شأنه أن يعطي النتائج المتوخاة.
وبالنسبة لقطاعات أخرى فهناك أوجه أخرى للتعاون مثل مشاركة الهيئة في تنشيط دورات تكوينية لفائدة الأطر العاملة فيها، وكذلك من خلال الاقتراحات التي تمت بلورتها في إطار تقريريْ الهيئة أو في إطار وثائق خاصة كما هو الشأن مثلا بالنسبة للصفقات العمومية وإصلاح القضاء.
 
·يتفق الجميع على أن محاربة الرشوة ليست قضية قانونية صرفة، بل هي أيضا مرتبطة ببعض “العادات” التي يمكن المجازفة بالقول بأنها تفرض نفسها في المجتمع، (ادهن السير، اكحب، دور معايا، الحلاوة، الكاضو…) كيف يمكن التصدي لمثل هذه المعيقات الثقافية؟
أعتقد أن التعايش مع الرشوة، أخطر ما يواجه سياسات مكافحتها سواء كان هذا التعايش مرتبطا بما أسميته بالعادات أو باستسلام قدري للظاهرة بدعوى عدم إمكانية محاربتها، لهذا فإن تغيير العقليات تظل مطلبا أساسيا بالرغم من صعوبته، إلا أنه وكما أشرت سابقا، إذا اقتنع الجميع بأن مكافحة الفساد تستلزم نفسا طويلا وصبرا، وأن الحد من انتشارها ومحاصرتها أمر ممكن فسيتحقق ذلك. ويحتاج تغيير العقليات إلى الإجراءات الزجرية الرادعة وإلى مؤسسات قوية وكذلك إلى حملات للتوعية والتحسيس وإلى برامج تربوية وتكوينية.
‪ ‬
· هل للمواطنين دور للحد من الفساد، وماهي حدود حمايتهم عند التبليغ ؟
عندما نتحدث عن المواطن في هذا الشأن فإما أنه فاعل أو ضحية أو شاهد على فعل من أفعال الرشوة. وبالتالي فإن مساهمته في الحد من الرشوة يتجلى من جهة في الامتناع عن المشاركة في الفعل بدفع أو أخذ الرشوة، وإذا كان ضحية أو شاهدا فعليه أن يبلغ عن ذلك، خاصة أن هناك نصا قانونيا يتعلق بحماية الشهود والضحايا والخبراء في مجال الفساد، وهذا النص يسمح له باللجوء إلى السلطات القضائية المعنية وطلب الحماية للإدلاء بإفادته، مع إمكانية استفادته من الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون بما في ذلك إخفاء هويته.
 
· في نظركم، ماهي أهم المقتضيات التي ينبغي أن يتضمنها قانون الولوج إلى المعلومات التي من شأنها الحد من الرشوة؟
من بين ما يجب التنصيص عليه في القانون المرتقب حول الحق في الولوج إلى المعلومات أولا ترسيخ مبدأ الحصول على المعلومات ثم ضبط الاستثناءات وتدقيقها بما في ذلك توضيح ماهية السر المهني المنصوص عليه في قانون الوظيفة العمومية.
 
حاوره/ حسن الهيثمي

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.