“جائحة كورونا”..العدالة والتنمية يقدم رؤية متكاملة لإنعاش الاقتصاد الوطني

أكد حزب العدالة والتنمية، أن الأزمة الصحية، المرتبطة بفيروس كورونا، أثرت بقوة على جميع القطاعات الإنتاجية للاقتصاد الوطني، وعلى المالية العمومية وعلى الحساب الجاري لميزان الأداءات وعلى مصادر المغرب من العملة الصعبة.

وأضاف الحزب في مذكرة، رفعها إلى رئيس الحكومة في إطار مشاوراته مع الأحزاب السياسية، أن الصدقية والواقعية، تفترض أن “نأخذ في الحسبان وأن ندرك أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بعد الأزمة سيكون صعبًا للغاية ويصعب تدبيره على مستوى الاقتصاد الوطني في شقيه الكلي والجزئي”.

واعتبر حزب “المصباح”، أن خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، ينبغي أن تنبني على تعبئة كبيرة وشاملة لتسريع وتيرة إنجاز الإصلاحات الهيكلية والقطاعية وتنفيذ الأوراش ذات الأولوية والمشاريع الكبرى لتنشيط الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستثمار وإنعاش سوق الشغل وتوسيع الحماية الاجتماعية وتقليص الفوارق.

وشددت المذكرة، على ضرورة  أن “تكون الأجوبة المقدمة لضمان الاستئناف والانتعاش الناجح بطريقة متضافرة وشاملة ومنظمة وتأخذ في الاعتبار ثلاث مستويات متكاملة، وهي الأوراش ذات الأولوية، ودعم العرض والطلب، ودعم المقاولات وفرص الشغل”.

الأوراش ذات الأولوية

وعلى هذا المستوى، سجلت مذكرة “المصباح”، أن عدة  مشاريع ملحة وذات الأولوية لتعزيز الرأس المال البشري، من خلال مواصلة دعم مجموعة من القطاعات الاجتماعية وذات الإنتاجية والمردودية التنموية من مثل الصحة، والتعليم، والبحث العلمي والابتكار، وتوسيع شبكات الأمان  الاجتماعية وتعميم الحماية الاجتماعية، وتوسيع وتعزيز القطاع الاقتصادي المنظم وكذا مواصلة تنفيذ برامج تقليص الفوارق المجالية والعدالة الاجتماعية ومواصلة مجهودات التنمية البشرية.

وبخصوص المنظومة الصحية، أكدت المذكرة، أن الأمر، يتطلب الاسترسال في تعزيز ودعم هذه المنظومة وتجويد حكامتها  ومواصلة الإجراءات المتخذة لصالحها إبان مواجهة جائحة كورونا، مع تحفيز وتعزيز الموارد البشرية العاملة في هذه المنظومة بالرفع من مردوديتها ومضاعفة أعدادها، وكذا إطلاق برنامج خاص ومكثف بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة أو الخطيرة، لتدبير الوضع الذي خلقه التركيز على تدبير ومواجهة الجائحة.

وعلى مستوى منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، دعت مذكرة العدالة والتنمية، إلى اعتماد مشروع متكامل للتعليم عن بعد وتطوير نموذج للمدرسة والجامعة المغربية الافتراضية بمختلف متطلباتها القانونية والبيداغوجية والتقنية.

واقترحت أيضا، توجيه جزء خاص من الدعم المخصص للفئات المحتاجة لفائدة التلاميذ المنحدرين من أسر فقيرة من أجل تمكينهم من أدوات التعلم عن بعد، وذلك من خلال الربط بشبكة الانترنت بالمجال القروي وشبه القروي، وتوفير التجهيزات التقنية اللازمة لهذه الفئة من المتمدرسين.

وطالب المصدر ذاته،  بمعالجة الارتباك الحاصل على مستوى وضعية مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، سواء في وضعية المؤسسات أو المشتغلين بها، أو على مستوى التوتر الذي نشأ في العلاقة مع الأسر وخاصة في أداء رسوم، في ظل غياب قانون يتيح للوزارة التدخل لمعالجة هذا الإشكال مما يمكن أن يؤثر سلبا على الدخول المدرسي المقبل بهذه المؤسسات.

تطوير الأمان الاجتماعي

وبخصوص تطوير  شبكات الأمان الاجتماعي وإدماج القطاع غير المنظم، تشدد مذكرة العدالة والتنمية، أن هذا الأمر أكثر استعجالية ويتطلب اعتماد تحفيزات وتشجيعات من طرف الدولة لتسريع برنامج تعميم التغطية الصحية والاجتماعية وإدماج القطاع غير المنظم، معتبرة أن “كل تأخير في هذا الملف يولد في النهاية تحملات أكبر وأضخم بالنسبة للمجتمع والاقتصاد الوطني”.

وفي نفس السياق، سجل المصدر ذاته، أن تسريع تنزيل السجل الاجتماعي الموحد يشكل فرصة لضمان التنسيق والاندماج والشفافية في العمل الاجتماعي من قبل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، فضلا عن توفير الحد الأدنى من الدخل بالنسبة للأشخاص غير القادرين على العمل، على غرار الحد الأدنى للأجر وتنفيذ التعميم المبرمج والمدعوم ماليا من قبل الدولة لبرامج الحماية الاجتماعية.

تقليص الفوارق المجالية

ومن جهة أخرى، وبالنظر للتفاوتات المسجلة بين المجالين الحضري والقروي وبين المدن نفسها، دعت مذكرة العدالة والتنمية، إلى تسريع تنفيذ برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وتعميم الاستفادة من برامج التأهيل والتنمية الحضرية وظهور الحاجة الملحة إلى توفير مستشفى وجامعة مرجعيين على مستوى كل جهة من جهات المملكة.

وأوضحت المذكرة، أن برنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، يشكل فرصة سانحة ليس فقط لسد الفجوة في البنيات التحتية الأساسية في العالم القروي وتلبية الانتظارات المشروعة للمواطنين، ولكن أيضًا لتوفير فرص وأيام عمل للشباب ورقم معاملات ودخل للمقاولات بهذه المناطق الهشة.

دعم العرض والطلب

وعلى مستوى دعم العرض والطلب، نبهت مذكرة العدالة والتنمية، إلى أن “الجواب لا يمكن أن يكون من خلال تأخير أو إبطاء أو وقف الإصلاح الضريبي أو بمراجعة المجهود الاستثماري العمومي وتحجيمه.

وأكدت، أن الخيار، يتعين أن يكون “محسوما وواضحا ومعلنا من أجل أن توفر الرؤية اللازمة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، داعية إلى تسريع تنزيل الإصلاح الضريبي في اتجاه تخفيف العبء الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية ودفع الجميع إلى أن يساهم في التضامن الوطني على قدر استطاعته.

وبناء على ذلك، طالبت المذكرة، بإعادة النظر في منظومة التحفيزات الجبائية والعقارية والدعم المالي العمومي، وتوجيهها نحو الاقتصاد الحقيقي والاستثمار المنتج والتصنيع المحلي، مقترحة استثمار الإمكانيات والفرص الجبائية المتاحة على مستوى الجماعات الترابية بتبسيط وتخفيض عدد الضرائب والرسوم وتخفيض العبء الضريبي الإداري دون المردودية الثابتة.

 ومن جهة دعم الطلب، شدد المصدر ذاته، على ضرورة تسريع وتيرة برمجة وإنجاز  المشاريع ومواصلة المجهود الاستثماري العمومي للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، بما يعالج التأخر الحاصل في بعض المناطق على مستوى البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية.

وعلى مستوى العرض، أكدت المذكرة أن تشجيع الاستثمار الخاص وتيسيره، يعد أولوية كبيرة، معتبرة أن دور اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار أساسي ومحوري وحيوي، حيث يتعين إعطاء انطلاقة جديدة من خلال تسريع اتخاذ القرارات بشأن المشاريع الاستثمارية بما سيعود بالنفع على الاستثمار والتشغيل .

وفي نفس السياق، سجل المصدر ذاته، أن تسريع وتيرة إنجاز المناطق الصناعية المبرمجة في إطار المخطط الوطني للتسريع الصناعي وتعهدات البرنامج الحكومي بتطوير مناطق لوجستيكية جديدة في مختلف الجهات من المملكة، سيمكن من جهة من دعم الاستثمار والطلب وسيوفر العقار الصناعي والرؤية اللازمة للشركات الوطنية والأجنبية التي ستبحث عن فرص للاستثمار في هذه المرحلة المواتية التي ستعرف نقل الصناعات وإعادة توطين وترتيب سلاسل القيمة والإنتاج من المستوى العالمي إلى المستوى الجهوي.

دعم الفلاحة والسياحة

وعلى صعيد القطاع الفلاحي، دعت مذكرة “المصباح” إلى مراجعة نظام الدعم وتوجيهه لتشجيع الإنتاج وخاصة الإنتاجية في المواد الاستراتيجية للاستجابة بالأولوية للطلب الداخلي، بدلاً من بذل كل الجهد في الإنتاج بالنسبة للمواد الموجهة للتصدير في هذا القطاع الاستراتيجي.

وبخصوص قطاع  السياحة، والحرف اليدوية والمهن المرتبطة بهذا القطاع – المقاهي، المطاعم، النقل السياحي وتأجير السيارات- ، أكدت المذكرة، أنه “ينبغي أن يحظى باهتمام خاص من خلال الدعم المشترك للعرض والطلب، وذلك لحالة التوقف شبه الكامل لهذه المكونات والاستئناف الذي يبدو أنه سيكون صعبا وبطيئا”.

واقترحت المذكرة، اعتماد خطة خاصة بهذا القطاع للحفاظ على قدراته الإنتاجية ومناصب الشغل، وتشجيع السياحة الداخلية والحرف اليدوية ريثما يتم استئناف الطلب الأجنبي.

تحسين مناخ الاستثمار

وبخصوص تحسين مناخ الاستثمار، دعت مذكرة العدالة والتنمية، إلى  مواصلة مجهود تعزيز المنافسة ووضع حد لاقتصاد الريع وتكريس الممارسات الجيدة في المجال الاقتصادي والتجاري بصفة خاصة، وفي هذا المستوى يجب أن يؤدي مجلس المنافسة دوره كاملا.

وأكدت على استمرار جهود محاربة الفساد والإثراء غير المشروع، خلال الإسراع باعتماد النص التشريعي الخاص به وتسريع اعتماد مشروع القانون الجديد المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها،” وذلك ليس فقط لأسباب أخلاقية، ولكن أيضا بسبب التكاليف الباهظة التي يتحملها المجتمع بسبب عدم فعالية وكفاءة الإنفاق العام بسبب هذه الممارسات وإعاقتها وتأخيرها لتحقيق أهداف التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية”.

دعم المقاولات

وبالنسبة لدعم المقاولات وفرص الشغل، ونتيجة لهذه الأزمة الصحية وتداعياتها الاقتصادية، فسجلت مذكرة “المصباح” أن المقاولات سوف تواجه مشكلة رئيسية بسبب وطأة الديون وضعف وتآكل رأس المال والموارد الذاتية.

ولهذا الغرض، اقترحت المذكرة، إنشاء صندوق استثماري بمساهمة كل من الدولة وبعض المؤسسات العمومية من خلال صندوق الحسن الثاني للتنمية، وصندوق الإيداع والتدبير، وصندوق الضمان المركزي وغيرها وبمشاركة القطاع الخاص وكذا من خلال إشراك بعض المنظمات المالية الدولية المتخصصة في التمويل عبر المساهمة في رأس المال من مثل شركة التمويل الدولية أو البنك الأوروبي للاستثمار لتقديم الدعم لرأس مال هذه الشركات وتمويل الاستثمار العمومي.

ودعا المصدر ذاته، إلى التفكير من جديد في إنشاء بنك متخصص ومخصص للمقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جدا، أو من خلال تطوير صندوق الضمان المركزي أو إنشاء بنك مخصص.

وشدد حزب العدالة والتنمية، على ضرورة اهتمام، هذه الخطة بالتجار والفلاحين والحرفيين والصناع التقليديين الذين يحتاجون بدورهم إلى آليات تمويلية خاصة وبشروط ميسرة لمساعدتهم على استئناف أنشطتهم وتجاوز وضعية مخزون البضائع الذي لم يتم تصريفه وتمكينهم من السيولة اللازمة لاقتناء البضائع الجديدة المناسبة لهذا الفصل.

السياسة النقدية

وعلى مستوى السياسة النقدية، أكدت مذكرة “المصباح”، أن هذه المرحلة، تستوجب ضرورة تأقلم السياسة النقدية وأدوار بنك المغرب وكل النظام البنكي مع هذه الظروف من خلال اعتماد سياسة نقدية توسعية داعمة للتشغيل وللعرض والطلب، تمكن من توفير السيولة اللازمة للأبناك وضخها في الاقتصاد الوطني لتمويل الاستثمار بمعدلات منخفضة، وكذا التسريع بإخراج المنظومة الكاملة وكل منتوجات التمويل التشاركي.

كما تستوجب هذه المرحلة، -تضيف المذكرة- اعتماد تدابير وقرارات ظرفية استثنائية من أجل دعم إنعاش الاقتصاد الوطني وتيسير ولوج الأسر والمقاولات والتجار والمهنيين والحرفيين إلى التمويلات البنكية بشروط ميسرة بفوائد تفضيلية استثنائية

وبناء على ذلك، اقترحت المذكرة، -ولفترة معينة-، متزامنة مع خطة الإنعاش الاقتصادي، تخفيض سعر الفائدة الرئيسي من 2في المائة إلى 1في المائة وتخفيض هامش ربح الأبناك من 2 في المائة إلى 1 في المائة، لتصبح الآليات التمويلية الجديدة التي اقترحتها لجنة اليقظة بسعر فائدة 2في المائة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.