الشاعر مولاي علي شوهاد أيقونة النظم الأرشاشي

تأسست مجموعة أرشاش في بداية الثمانينات من القرن الماضي على يد فنانين من  المجموعة الغنائية “إزماز”، لكن الفضل يرجع بالخصوص إلى الشاعر مولاي علي شوهاد كقائد للمجموعة .

بدأ علي شوهاد محاولة مواجهة شعراء “أسايس” وهو دون الرابعة عشرة من عمره، حيث أسس مع فئة من شباب منطقته مجموعة “إزماز” بالدار البيضاء سنة 1976 ثم مجموعة أرشاش (التي تعني قطرات أو الزخات المطرية) المشهورة سنة 1979 والتي لا زالت نشيطة على الساحة الفنية .

تستخدم المجموعة في أدائها الفني خليطا من الآلات التقليدية والعصرية كـ “الطام طام” و”البانجو”، و”البندير” و”القراقش” و”السنتير”، كما توظف المجموعة آلة الطبل (كانكا)  التي تستعمل أساسا في “أحواش” مما يضفي على الأغاني الأرشاشية إيقاعا خاصا بها يستعصي محاكاته فنيا.

منذ أن اختار مولاي علي شوهاد درب الفن الشعري الأمازيغي ظل وفيا للكلمة الجادة المعبرة عن هموم ووقائع المناطق الجبلية والسهلية على السواء بدءا بـ “ءيحاحان” شمالا إلى تخوم إقليم تيزنيت وطاطا جنوبا وإقليم تارودانت الشاسع (89 جماعة) شرقا، وقد أبدعت المجموعة الغنائية أرشاش بقيادة عميدها مولاي علي شوهاد في مواضيع عدة (وطنية، اجتماعية، بيئية، فلسفية، سياسية، تربوية …) .

وفي إطار علاقته القوية مع رواد الفن الأمازيغي لم يبخل مولاي علي شوهاد من توجيه النصح للفرق الغنائية الأخرى  ليبقى الجسم الفني الأمازيغي متماسكا، وفي ذلك يقول شوهاد الشاعر الأرشاشي، الذي دق ناقوس الخطر بدون أن يكون كلامه موجها لنقد أحد يقول :

ءيكشمد يان ؤكابار غ تافا لهوا ءيكلين / هرولت جماعة لتسلق قمة محصول الغناء 

ءاسين تيزار ؤراك سن ءيروا سوكتن ري / حملوا المذاري ولا يجيدون حتى الدرس وأكثروا اللغط

غاد ءيسماون غاد ءيموريك ءاميا ؤر باين  / ما أكثر الأسماء ! وما أكثر الأشعار !بلا فائدة تذكر

ومن قيم تواضع الفنان الكبير علي شوهاد، وتعبيره عن سمو أخلاقه ورفعتها، حين سبق أن أدلى مولاي علي  شوهاد قبل خمس سنوات مضت في حوار للموقع الالكتروني pjd.ma  بشهادة في  حق الشاعر إحيا أوبوقدير ( قبل وفاته رحمه الله تعالى ) قائلا إنه “فنان كبير من الذين تأثرنا بهم لكونه أكبر منا، وكان قدوتنا التي نسعى أن نصل  إليها، سحر الناس بنظمه لما ظهر بمنطقة “إسافن” بإقليم طاطا المتاخم لإقليم تارودانت و”إداوتينست” حيث لمع نجمه، أعرف بوقدير منذ كنت يافعا، فهو مبدع  يردد شعره الصغير والكبير، لأن مكانة الشاعر تقاس بخلود شعره، كم من شاعر ينظم يوميا لكن لم يترك ولو قصيدة تذكر، يحيا أبوقدير فنان كبير و”مايسترو”  ويملك نبرات صوتية عالية  أطال الله في عمره .”

ورغم ما عرفه فن مولاي علي شوهاد ومجموعة أرشاش من تهميش  مقارنة مع ما تحظى به  فرق غنائية متواضعة  من اهتمام،  فقد استطاعت المجموعة أن تخلق لها جمهورا متميزا  في الجبال والسهول وفي جل المدن المغربية  كالدار البيضاء والرباط والقنيطرة وغيرها، وفي صفوف الجالية المغربية بالخارج، كما  حظي الشاعر مولاي علي شوهاد  بتكريمات عدة  أهمها التي شهدتها منطقة إسافن سنة 2016 والتي توج فيها شاعرنا  كشخصية لتلك السنة .

وفي السياق ذاته، قال يوسف شوهاد، ابن الفنان الكبير علي شوهاد، إن للشعر الشوهادي بصمة خاصة “فأي مقطع من شعره متفرد ومميز عن باقي الأشعار، إذ يسهل تمييزه بسبب خصائصه المتفردة”، مشيرا إلى أن علي شوهاد “نعتبره في المنزل صديقا أكثر من أب”.

وأضاف شوهاد الابن، في تصريح خص به “مجلة العدالة والتنمية” في عددها 13 الصادر نهاية الأسبوع الماضي، أن الشعر الشوهادي “غني حيث تطرق لجميع المواضيع، وكثيرا ما كان سباقا لتناول قضايا  مختلفة، بحيث كان مثلا السباق لتناول موضوع أركان، تلك الشجرة التاريخية بمنطقة سوس، والتي تحدث عنها الشعر الشوهادي بعمق فلسفي عجيب”.

وبخصوص إنشاء مجموعة عبر فضاءات التواصل الاجتماعية، خصصت لتدارس ومناقشة الشعر الشوهادي، أكد المتحدث ذاته، أن المجموعة تضم “عددا من المهتمين والمثقفين، وأقصد هنا بالمثقف ليس بمقاس الدبلومات، ولكن، بمقاس احترام أدبيات الحوار والنقاش الجاد والمسؤول، إذ تطرقنا لمجموعة من القراءات في قصائد الشعر الشوهادي ومواضيع مرتبطة بمجموعة أرشاش”.

وأشار شوهاد، إلى أن هذا الفضاء جمع مجموعة من الكفاءات في الترجمة وباحثين في التراث والثقافة واللغة الأمازيغية، ومتخصصين في الشعر الأمازيغي، وإعداد القواميس، حيث هناك تفكير في إحداث قاموس خاص بالشعر الشوهادي”.

وأكد المتحدث ذاته، أن هناك نقاشا لتأسيس جمعية، حيث من الممكن أن تكون المجموعة النواة الأولى لهذا المشروع مستقبلا، مشروع يهتم بهذا الإرث الثقافي المغربي الأمازيغي، حيث ستكون المؤسسة “فضاء لتجميع هذا الموروث ومدارسته وفتح حلقات علمية حوله بما يجعله يتوارث جيلا لجيل”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.